الدب والدرويش |
كتبها Administrator |
الثلاثاء, 25 نوفمبر 2014 16:35 |
الدب والدرويش حكاية من الفولكلور الألباني ترجمها إلى الفرنسية: روجر أرنالديز ومن الفرنسية: أ. د. حامد طاهر يحكى أن راعيًا كان يحرس قطيعه . وكان يعاني من التشدد في حراسته , لأن دبًّا كان يأتي كل يوم , ويلتهم من القطيع خمسة أو ستة خراف . وذات صباح جميل , مر بالراعي درويش متجول . وبعد أن تبادلا التحية , قال الراعي: - يوجد هنا دب شرس . لا يتركني هادئًا قط . في كل يوم , يخطف مني خمسة أو ستة خراف . ألا توجد وسيلة ضده ؟ فأجاب الدرويش: - سأقتله في نفس المكان . ولن أطلب منك شيئًا سوى ثلاث قطع من الجبن الأبيض . أسرع الراعي فأعطاه الجبن الذي طلبه . وجاء الدب كعادته ليخطف الخراف . وعندما وصل تقدم إليه الدرويش وبدأت بينهما مناقشة , لمعرفة من منهما أقوى من الآخر ، وبالطبع ظن الدب أنه هو الأقوى . لكن الدرويش قال له: - إنني سأسحقك مثل هذا الحجر . وفي نفس اللحظة , أخرج من جرابه قطعة الجبن الأبيض , ثم القطعة الثانية , وبدت القطع كما لو أنها دقيق مطحون . وزادت دهشة الدب فتخير هو أيضًا حجرًا أبيض من فوق الأرض , لكنه لم يقدر أن يفعل به مثلما فعل الدرويش . عندئذ نشأت بينهما صداقة مشتركة ، وانصرفا معًا . وبعد وقت قصير , جاع الدب , فطلب من الدرويش أن يذهب ليصطاد لهما ثورًا يأكلانه , قائلًا له إنه , في أثناء ذلك , سوف يجمع الحطب من الغابة لكن الدرويش قال له: - اذهب أنت لاصطياد الثور . لأنني لم أهتم باصطياد مثل تلك الفريسة الصغيرة ! إن ما يليق بي إنما هو اصطياد أسد ! وهكذا أتاحت له تلك الحيلة أن يتجنب اصطياد الثور . أما الدب فقد مر بجانب قطيع من الثيران , وبسرعة قفز على ثور وعاد به يحمله على كتفيه . وفي تلك الأثناء , مضى الدرويش إلى الغابة . وهنالك . . ماذا فعل ؟ تناول حبلًا طويلًا , وربط به كل أشجار الغابة , كما لو أنه سيقتلعها بجذبة واحدة . وعندما عاد الدب نادى على صديقه الدرويش . فلم يرد , فمضى الدب إلى الغابة , وشاهد ما أعده لاقتلاع كل أشجار الغابة بجذبة واحدة . زادت دهشة الدب من صديقه . وقال لنفسه: " إن هذا الرجل أقوى مني ألف مرة " ثم قال بعد ذلك بصوت عال: - ما ستفعل بكل هذه الاشجار التي ستقتلعها ؟ خذ منها فقط فرعًا أو فرعين , وعد . . فأجاب الدرويش: - أنا لست الرجل الذي يأخذ قطعتين صغيرتين من الغابة لكنك أنت الذي يفعل ذلك . وعندئذ جذب الدب فرعين كبيرين من شجرة . ثم عادا إلى مكان الثور , وراح الدب يقطعه . لكن كان ينبغي أن يُطبخ الثور . فقال الدرويش: - سوف أذهب لإحضار الماء , فابق هنا لتقليب الخشب بدلًا من أن تتعب نفسك ( قال هذا لأنه لم يكن بقادر على أن يقلب ثورًا ضخم الجثة ) . - ثم أخذ وعاءً , ومضى به إلى نبع يفيض من صخرة . وبعد أن ملأه , وضعه على كتفه , لكنه لم يستطع أن يحتفظ به طويلًا , فتركه يسقط على الأرض , قبل أن يتهاوى من الإعياء . انتظر الدب ساعة , ساعتين . . وأخيرًا اتجه إلى النبع , الذي ذهب إليه الدرويش . وعندما وصل قال له: - لماذا تأخرت كثيرًا هكذا ؟ فأجابه الدرويش: - كنت أفكر في طريقة لإحضار النبع من الصخرة التي يخرج منها ! ومع الأسف لم أستطع إحضاره كما ينبغي . وقد وجدت أن رجوعي وحدي بوعاء يُخجلني . أما أنت , فيمكنك حمله . حمل الدب الوعاء على كتفه , ثم عاد الاثنان . وبينما هما سائران , قال الدب للدرويش: - هيا بنا نتصارع معًا لبعض الوقت ؟ فصاح الدرويش: - انج بنفسك مني . . لأنني لا أرغب في أن أسبب لك أذى - ومع ذلك , انتهى بهما الأمر إلى أن يتصارعًا . . ضغط الدب على الدرويش بقوة جعلت عيني الدرويش تكادان تخرجان من رأسه . . وعندما شاهد الدب وجهه المنتفخ , وعينيه البارزتين , اللتين جحظتا بشدة , سأله: - لماذا أصبحت هكذا ؟ فأجاب الدرويش: - لأنني لا أعرف بالضبط أين أقذف بك . . من هنا فأمزقك قطعًا , أم من هنا , وهذا أسوأ . . فقال الدب: - اسمح لي أن أطلب عفوك . . وتركه . وبعد وقت قصير , وصلا إلى موضع الثور المطبوخ وأخذا يأكلان . وبعد قطعتين صغيرتين من لحم الثور , توقف الدرويش عن الأكل فسأله الدب: - لماذا توقفت ؟ - لم تعد لي حاجة للطعام , بعد أكل عدد من الخراف التي أكلتها وأنا ذاهب لحمل الماء ( وكان الدرويش أضعف من أن يلمس خروفًا واحدًا ) وبعد الطعام , اقترح الدب على الدرويش أن يصحبه إلى منزله كصديق عزيز . وأخذه إلى المنزل . وما أن وصلا , حتى طلب الدب من أمه وأخته أن يشحذا له الفأس , لأنه صمم على قتل الصديق الذي أحضره , وهكذا يتخلص من الإنسان الذي اكتشف أنه أقوى منه . وما أن سمعت أخت الدب ( وكانت دبَّة طيبة ) هذا الكلام , حتى أسرعت إلى الدرويش , وحكت له كل شيء . جاء الليل . وجلس الدب على المائدة . وأكلوا جيدًا , ثم تمددوا على الأرض . وناموا . وبالطبع تظاهر الدرويش بالنوم , في المكان الذي اختاره أمام الدب , لكنه ما لبث أن اختبأ خلف "بردعة " حمار كانت ملقاة في المكان . وحوالي منتصف الليل , نهض الدب , وتناول فأسه , ثم أهوى به على جسد الدرويش ثلاث أو أربع مرات . وبعد أن أعتقد أنه انهرس تمامًا , عاد إلى مكانه , ونام . قبل طلوع الصباح , نهض الدب , وذهب إلى الغابة . وعند عودته ماذا رأي ؟ الدرويش ! وما أن رآه حتى راح يفرك عينيه , غير مصدق نفسه . ومع ذلك سأله: - كيف أمضى ليلته ؟ فأجابه الدرويش: - حسنًا جدًّا . . ما عدا لسعات برغوثين أو ثلاثة قرب منتصف الليل ! صدم الدب من الدهشة , حيث أن ضربات فأسه القوية لم تبدُ للدرويش إلا كلسعات البرغوث ! وفي حالة من عدم التماسك , اعترف الدب له بكل شيء , وتوسل إليه لكي يخبره كيف يصبح قويًّا مثله ؟ أجاب الدرويش: - لا شيء أسهل من ذلك . وما عليك إلا أن تبحث لي عن قربة لبن . ذهب الدب , وعاد بقربة لبن . فأشعل الدرويش النار , ووضع القدر عليها بعد أن ملأها باللبن .وعندما بدأت تغلي , قال الدرويش للدب: - ضع رأسك هنا . . حتى تُصبح قويًا ! وضع الدب رأسه لأول مرة , فاحترق . ثم وضعها لثاني مرة . وفي ثالث مرة , دفعها الدرويش بقوة . . وهكذا تركه يطبخ على نار مكمورة ! |