رأيت الفجر .. ـــــــــــــــــــــــــــــ
كنت قد تعودت حين أغادر الأسكندرية الحبيبة إلى قلبى أن أستقل سيارتى الخاصة فى الصباح الباكر لكى يكون وصولى إلى القاهرة فى وقت الضحى .
وذات ليلة قررت أن أسافر فى منتصف الليل تقريبا . كانت حركة السيارات قد بدأت تقل فى شارع الكورنيش ، والأضواء تخفت . وبعد أن غادرت عمران المدينة ، وتجاوزت طريق الملاحات ، وخرجت من البوابة .. فوجئت بوجود (شبورة) ضخمة تلف المكان .
ولمن لا يعرف حقيقة الشبورة فإنها عبارة عن كتلة كثيفة من بخار الماء ، المختلط برائحة البحر ، والنباتات الجافة والمتعفنة .. وقد حجبت الرؤية عنى بشدة ، وكذلك عن باقى السيارات الأخرى إلى حد أنها اضطرت إلى أن تسير ببطء بالغ ، مشغلة الأضواء الأمامية والخلفية لكى لا يصطدم بعضها ببعض . حاولت متابعتها لفترة لكننى ما لبثت أن فقدت الرؤية تماما . وعلى الفور ركنت السيارة بجانب الطريق ، وجلست أنتظر وأنا فى غاية الضيق والضجر . كانت الساعة قد اقتربت من الثالثة ، ووجدتنى أقول لنفسي:
ـــ لماذا من أجل السلامة لا أنتظر انقشاع الشبورة ، وبالمرة أشاهد طلوع الفجر الذى لم أره فى حياتى من قبل ؟
رحت أنظر بصعوبة إلى نهاية الأفق ، حيث تتلامس السماء والأرض . وبالتدريج بدأ ينبثق من جوف تلك الظلمة ضوء أبيض ممتزج بزرقة ، فيكشف عن بعض الأشجار ، والنخيل ، والقليل من الطيور التى تتنقل بينهما . والغريب أن ذلك الضوء كان يخرج من الأسفل ، ولا يهبط من الأعلى .. ثم راح ينتشر ويتسع رويدا رويدا ، حتى غطى مساحة واسعة ، لكنها ظلت بعيدة عنى بسبب تواجدى فى قبضة الشبورة الكثيفة من حولى . وبعد حوالى نصف ساعة بدأت السيارات تتسارع على الطريق، وكان بعض سائقيها ينظرون نحوى بدهشة ، وكأنهم يقولون :
ــ لماذا تقف هذه السيارة بهذا الشكل ؟!
حاولت أن أسلى نفسى قليلا ، ففتحت الراديو ، لكننى لم أرتح لموسيقاه ، فأسرعت بإغلاقه ، ورحت أتابع ذلك المشهد الكونى وهو يتحول أمام عينى من الظلمة الداكنة ، إلى الضوء الخافت ، فالنور الكامل ، حتى طلعت الشمس .
كانت الشبورة قد تآكلت أطرافها ، وخفت كثافتها ، فانطلقت بالسيارة على الطريق ، ورغم أن النوم كان يغالبنى بقوة إلا أننى كنت منتشيا بتلك التجربة الفريدة .
حين وصلت إلى منزلى بالقاهرة ، كنت مرهقا للغاية ، فألقيت بجسدى على أقرب مقعد ، وجلست مغمض العينين ، ورحت أسترجع تلك اللحظات التى عشتها فى قلب تلك التجربة الخاصة التى سمحت لى أن أكون جزءا منها ، واندمجت فيها بكل جوارحى ، ولعلها لن تتكرر مرة أخرى !
رأيت الفجر .. ـــــــــــــــــــــــــــــ كنت قد تعودت حين أغادر الأسكندرية الحبيبة إلى قلبى أن أستقل سيارتى الخاصة فى الصباح الباكر لكى يكون وصولى إلى القاهرة فى وقت الضحى . وذات ليلة قررت أن أسافر فى منتصف الليل تقريبا . كانت حركة السيارات قد بدأت تقل فى شارع الكورنيش ، والأضواء تخفت . وبعد أن غادرت عمران المدينة ، وتجاوزت طريق الملاحات ، وخرجت من البوابة .. فوجئت بوجود (شبورة) ضخمة تلف المكان . ولمن لا يعرف حقيقة الشبورة فإنها عبارة عن كتلة كثيفة من بخار الماء ، المختلط برائحة البحر ، والنباتات الجافة والمتعفنة .. وقد حجبت الرؤية عنى بشدة ، وكذلك عن باقى السيارات الأخرى إلى حد أنها اضطرت إلى أن تسير ببطء بالغ ، مشغلة الأضواء الأمامية والخلفية لكى لا يصطدم بعضها ببعض . حاولت متابعتها لفترة لكننى ما لبثت أن فقدت الرؤية تماما . وعلى الفور ركنت السيارة بجانب الطريق ، وجلست أنتظر وأنا فى غاية الضيق والضجر . كانت الساعة قد اقتربت من الثالثة ، ووجدتنى أقول لنفسي : ـــ لماذا من أجل السلامة لا أنتظر انقشاع الشبورة ، وبالمرة أشاهد طلوع الفجر الذى لم أره فى حياتى من قبل ؟ رحت أنظر بصعوبة إلى نهاية الأفق ، حيث تتلامس السماء والأرض . وبالتدريج بدأ ينبثق من جوف تلك الظلمة ضوء أبيض ممتزج بزرقة ، فيكشف عن بعض الأشجار ، والنخيل ، والقليل من الطيور التى تتنقل بينهما . والغريب أن ذلك الضوء كان يخرج من الأسفل ، ولا يهبط من الأعلى .. ثم راح ينتشر ويتسع رويدا رويدا ، حتى غطى مساحة واسعة ، لكنها ظلت بعيدة عنى بسبب تواجدى فى قبضة الشبورة الكثيفة من حولى . وبعد حوالى نصف ساعة بدأت السيارات تتسارع على الطريق، وكان بعض سائقيها ينظرون نحوى بدهشة ، وكأنهم يقولون : ـــ لماذا تقف هذه السيارة بهذا الشكل ؟! حاولت أن أسلى نفسى قليلا ، ففتحت الراديو ، لكننى لم أرتح لموسيقاه ، فأسرعت بإغلاقه ، ورحت أتابع ذلك المشهد الكونى وهو يتحول أمام عينى من الظلمة الداكنة ، إلى الضوء الخافت ، فالنور الكامل ، حتى طلعت الشمس . كانت الشبورة قد تآكلت أطرافها ، وخفت كثافتها ، فانطلقت بالسيارة على الطريق ، ورغم أن النوم كان يغالبنى بقوة إلا أننى كنت منتشيا بتلك التجربة الفريدة . حين وصلت إلى منزلى بالقاهرة ، كنت مرهقا للغاية ، فألقيت بجسدى على أقرب مقعد ، وجلست مغمض العينين ، ورحت أسترجع تلك اللحظات التى عشتها فى قلب تلك التجربة الخاصة التى سمحت لى أن أكون جزءا منها ، واندمجت فيها بكل جوارحى ، ولعلها لن تتكرر مرة أخرى !
|