كتبها Administrator
|
الجمعة, 26 يوليو 2019 15:38 |
خيال الظــل
ــــــــــــــــ
كان خيال الظل عبارة عن ملاية بيضاء أوحتى جزء مقتطع منها يوضع خلفها مصدر إضاءة لمبة جاز أو شمعة ثم يقوم بعض الأطفال الأذكياء الجالسين خلف الملاية بتحريك دمية من الخشب أو القماش حتى تنعكس صورتها على تلك (الستارة) ويصدرون الصوت الذى يناسبها وقد يكون هناك طفل آخر مهمته التعليق على ما يجرى .. وقد كانت تلك المشاهد تجعل الأطفال المشاهدين يعيشون فى الجو كأنه حقيقة بعضهم يتابع باهتمام شديد والبعض يسرح بخياله والبعض قد ينفعل فيبكى أو يبتسم ويضحك .. ـــــــــ أما مكان خيال الظل فكان دائما فى بير السلم وهو المكان المظلم فى الركن الجانبى من مدخل البيت ــــــــــــ وبالنسبة لتذكرة المشاهدة فهى عادة : مليم أو نكلة (ولمن لا يعرف اليوم قيمتهما المليم = 1%10 من القرش والقرش=1 %10 من الجنيه أما النكلة ف= ضعف المليم) وفى الأربعينيات من القرن الماضى لم يكن هذا مبلغا بسيطا بل إن الطفل ما كان يحصل عليه من أبويه إلا بشق الأنفس .. أى بعد الطاعة المطلقة لهما والالتزام الكامل بالأدب ، وعدم الشقاوة ! ـــــــــــــــ كان خيال الظل هو من أحب المتع المتاحة للأطفال وخاصة قبل ظهور التلفزيون وفى البداية المتواضعة للراديو الذى كان تدفع له رسوم منتظمة ولم تكن تملكه سوى بعض العائلات الميسورة ! ــــــــــــ لقد كان هذا (الخيال) فى الواقع هو فرصة الأطفال الوحيدة التى يحلقون فيها بأحلامهم بعيدا .. ليس فقط لتنتشلهم من جهامة الواقع وإنما لتصنع لهم عالما ورديا تزقزق فيه العصافير الملونة ! ـــــــــــــ بعد مرور السنوات والعديد من التجارب ومشاهدة الكثير من دول العالم أجلس الآن لأتذكر تلك الوسيلة الترفيهية البسيطة خيال الظل وأقول لنفسى : هل كانوا يضحكون بها علينا ؟ أم كانوا يبعدوننا بها عنهم ؟ أم كانوا يحرصون على إبقائنا فى الجهل والتخلف ؟ لكننى أعود فأتساءل : ما الذى يفعله المسرح والسينما اليوم ؟ وما الذى يفعله التلفزيون ؟ وما الذى يفعله الإنترنت ؟ أليس هؤلاء جميعا هم أبناء وبنات خيال الظل ؟! لكن ببعض الفروق الضئيلة أن مكان العرض لم يعد فى بير السلم أما الديكور فقد نطور إلى حد كبير لكن حركة الصورة ما زالت كما هى والممثلين هم .. هم بل إن المتفرجين لم يتغيروا كثيرا عن مشاهدى (خيالات الظل) ! ــــــــــــــــــــــ
|