كتبها Administrator
|
الجمعة, 26 يوليو 2019 15:34 |
موت موظف
خرج من مكان العمل بعد يوم طويل قضاه فى المكتب يرتّب الملفات ، ويملأ الاستمارات ، ويجيب على استفسارات الجمهور ** ولم يكن مثل باقى زملائه يقبل لقاء واجبه أى إكرامية من أحد حتى لو كان شخصا مقتدرا ومستعدا للعطاء ** وقبيل مغادرته المكان جمع بعض الأوراق التى لم يتيسر له إنجازها لكى يكملها فى المنزل ووضعها فى ظرف أصفر كبير وبداخله قلمان جافان : أزرق وأحمر كان يستعملهما لكتابة ملاحظاته ** وأمام الشارع الذى يوجد فيه مكان العمل كان يمتد طابور طويل من عربات الفاكهة المتراصة وحولها راح يتجمع الموظفون والعمال لشراء ما يحتاجونه منها أما أصوات الباعة فكانت تصمّ الآذان ** أعجب أولا بالمانجو لكنه وجدها غالية جدا ثم وقعت عيناه على عربة جوافة كانت ناضجة ولامعة طلب من البائع 2 كيلو ولم يفاصل كثيرا فى السعر الذى كان مناسبا له ** حمل فى يده الأخرى كيس الجوافة بينما ظل ممسكا بالظرف الأصفر وتجنبا لحركة السيارات المسرعة فى نهر الشارع فضّل المشى على الرصيف وراح يتابع أحجاره المتهشمة ** من ينتظره فى المنزل ؟ لا أحد فهو ما يزال أعزب ورغم اقترابه من الأربعين لم يتزوج وكيف يتيسر له الزواج ، فى غرفته الصغيرة فوق السطح وبراتبه الذى بالكاد يكفيه لقد رفضته أكثر من واحدة سواء من الجيران ، أو الأقارب ، أو زميلات العمل ثم إنه يحب الوحدة وقد تعوّد عليها ولم يعد يتحمل وجود شخص آخر فى حياته ** المهم الآن أن يسرع إلى غرفته ويسخّن طعامه المتبقى من الأمس ويضع الجوافة فى الثلاجة لتبرد حتى يتناولها وهو يطل من السطح على حركة الناس فى الحارات من تحته بالإضافة إلى الجزء الذى يظهر له من مبنى القلعة ** قبل أن يصل إلى باب منزله بخطوات استقرت فى رأسه رصاصة سقط على إثرها مضرّجا بدمه وتناثرت حوله الجوافة والأوراق وتجمع الناس فوضعوه فوق الرصيف وغطوه ببعض الجرائد واستدعى بعضهم الإسعاف وتطوع البعض الآخر فذهبوا معه وظلوا هناك .. حتى انتهت الإجراءات وتم وضعه فى المشرحة ** عندما رجعوا إلى الحى سألوهم : كيف حدث هذا ؟ ومن أين جاءت إليه تلك الرصاصة ؟ قالوا : إنها رصاصة طائشة وقد قيّد الحادث ضد مجهول .
|