الأخلاقيات والسلوكيات - مقال |
|
|
|
كتبها Administrator
|
الجمعة, 12 أبريل 2019 20:57 |
الأخلاقيات والسلوكيات - مقال
سألنى صديق عاقل : لماذا بدأت تختفى من حياتنا كلمة الأخلاق وتحل محلها كلمة السلوكيات ؟ وكان السؤال مفاجئا ، فلم أستطع حينئذ أن أجيب عليه ( وبالمناسبة ليس من الضرورى أن يجيب الإنسان عن كل ما يلقى عليه من أسئلة ) لكننى رحت أفكر فى سؤاله ، الذى ظهر لى أنه سؤال حقيقى بالفعل . وقلت لنفسى : لعل الأمر راجع إلى التطور الذى نشهده فى كل المجالات ، ولذلك حاولنا أن نستدل بكلمة أخلاق ( القديمة ) كلمة سلوكيات ( الجديدة ) ! لكننى عندما تأملت الكلمتين ، وجدت أن كلمة أخلاق تشمل مجالا واسعا فسيحا ، وأن كلمة سلوكيات ليست إلا جزءا بسيطا من هذا المجال ..
وعندما بحثت المسألة فى بطون الكتب ، وجدت أن الأخلاق هى جمع لكلمة ( خُلُق ) ، وأن الخلق عبارة عن دافع داخلى وسلوك خارجى .. مثال : الشجاعة خلق فاضل ، ولكى يوجد لابد أن تتوافر دوافعه فى نفس الإنسان ، ثم تظهر آثاره على جوارحه ، فينطلق للأخطار ولمساعدة الآخرين بدون خوف أو تردد . مثال مضاد : البخل خلق سئ ، ولكى يوجد لابد أن يكون الإنسان شحيحا فى أعماقه ، يكره أن يعطى الآخرين مما لديه ، بل إنه يكره أن ينفق حتى على نفسه ، أما مظاهره فتبدو من خلال تصرفاته وسلوكياته مع الناس فى المجتمع ..
السلوكيات إذن هى المظهر الخارجى للأخلاق . أو هى الانعكاس لما فى الباطن . ولذلك إذا أردنا أن نفهم جيدا حقيقة السلوكيات يلزمنا أن ندرك حقيقة المشاعر والرغبات والإرادة الداخلية للإنسان .
وبناء على ذلك ، فمن الخطأ أن نهجر كلمة الأخلاق ، التى هى المظلة الكبرى للدوافع الداخلية والسلوكيات الخارجية . وأستطيع أن أقول أن 90% من الأخطاء التى نلاحظها حولنا ترجع إلى عدم مراعاة الأفراد للجانب الأخلاقى . فالفلاح الذى يستخدم الهرمونات يغش الناس ، والغش خلق ردئ . والصانع الذى يهمل فى إتقان المنتج المتخصص فيه ، يصدر فى ذلك عن خلق سئ ، وهو الإهمال وعدم الإتقان ، والتاجر الذى يسوق سلعة فاسدة يكون عديم الضمير أو مريض القلب والإحساس ، والموظف الذى يعطل مصالح المواطنين شخص جدير بالاشمئزاز !
والنتيجة أن سؤال صديقى العاقل جعلنى أبدأ السير فى طريق طويل .. طويل جدا .
|
آخر تحديث الجمعة, 06 سبتمبر 2019 14:21 |