القصيدة اليائسة
[كُتِبت قبل ثورة يناير بشهور .. وكانت تعبيرًا عن حالة عامَّة تسود الشعب المصري كلَّه ..]
ما بالُ هذا الفجر لا يَستبين والأرض مَلْأى بالأسى والأَنين ؟ ! وكلَّما مرَّتْ بَنا نجمة تعثَّرتْ في ضَوئِها المُستكين ؟ ! * *
الليل طاغٍ ، والمدى مُغلَق وليس في الأَضلُع غيرُ الزفير والناس فوق السفح: مُستوحِشٌ وخائفٌ .. مِن خوفه لا يسير * *
حينَ يسودُ اليأس في أُمَّةٍ فإنَّها تهرُب من يومِها وحين يَفرِي البؤسُ أوصالها فإنَّها تَقتاتُ مِن لحمها ! * *
مدافنٌ تمتدُّ فوقَ الثرى وثُلَّةٌ ترقص بين القبور وقلَّما يغفل حُرَّاسُها عن خُطَّة العسف ، وجمْع النذور * *
لا شيء في الآفاقِ غيرُ الصَّدَى وبعضُ أصواتِ النِّفاق الرخيص وبوح نايٍ شارد في الفَضَا وزهرة جفَّتْ بهذا الأصيص ! * *
تقول لي صاحبتي: ما الذي تَنشُده في دَربك المستحيل ؟ أقول: شُرْب الماء عندَ الظما ووجبةٌ تُسلِمني للمَقيل * *
وجلسة والنيلَ .. لا أبْتغي حراسةً حولي ، وقَصرًا مَنيف وإنَّما أسْعَى لمستقبلٍ يَخْلو مِن القبح ، وبَيتٍ نظيف * *
وأنْ أرى الناسَ مَسرورةً وليس هذا الجَبين الكئيب ! ما أبشعَ العمرَ الذي يَنقضي في عَتمة ِالليل وصمتِ المغيب ! * *
تقول لي صاحبتي : هذه رغائبٌ أبسطُ ممَّا يكون .. غَدًا تزورُ الشمس أوكارَنا غدًا يُغنِّي الطيرُ فوق الغصون .. * *
لكنَّني أسخُر مِن قولِها فاليأس في صدري عَميقٍ عميق وكلَّما حدقت في زَورقٍ وجدتُه يَمضي بألف غريق ! !
* * *
|