صفحة من الرِّيف المِصري
[بعد عام كامل من قيام ثورة 25 يناير . . وما زال
الريف في مصر كما هو منذُ آلاف السنين !]
كانت الأرض غارقة في الضَّبابِ ،
وفي آخر الحقل : بعضُ البهائم تجترُّ ،
والأفق ممتلئٌ بالغيوم ، التي أطفأتِ الشمسَ ،
وبعضُ الصبايا يتابعن محرقة القشِّ ،
وبين الغصون غرابٌ عجوزْ
* *
غرابٌ يتابع زحف الهوامِ ،
وخفْق العصافير في الجوِّ ،
نوعَ الطعام المعلَّق في شجر السَّنطِ ،
وكان الهواء ثقيلا ، ثقيلا . .
كما يرقد الصيفُ في مقبرهْ
* *
كانت الأرض عَطْشى لقطرةِ ماءْ
وما كان في النيل إلا القليل ،
وما كانت السُّحْب . . إلا خواءْ !
* *
وعند الظهيرةِ ،
فكّ الجياُع المناديل ،
راحوا يلوكون خبزًا وجبنًا ،
ويزدردون الطعام بقُلَّة ماءْ
وبعضِ الأحاديث عن مرض الموت ،
ومَنْ يتزوج في موسم القطنِ ؟
كم عدد التلاميذ حين يجيء الشتاءْ ؟
* *
عاد نصْل المحاريثِ يخترق الأرضَ ،
يضربُ أحشاءَها بالحديدْ
وتحت الحوافر والقدم الحافيهْ
تعوَّدتِ الأرض أن تستجيب . .
لحملٍ جديد !
* *
وعندَ حلول المساء الكئيب ،
تعالَى نقيقُ الضفادع في الترع الضيقهْ
وجاءَ مِن البُعد نوْح الذئاب ،
فهاج كلابَ القُرى والنُّجوعْ
لقد حان وقت الرجوعْ
بيوتٌ من الطِّين تُؤوي الجميعْ
وفيها تُعِدُّ النساء طعام العَشاء
وتُتحف أزواجهنَّ ببعض الحِكايات ،
عما جرى في النهار البَليد !
* *
مع الصُّبح يبدأُ يومٌ جديدْ
جديدٌ قديمٌ ، قديمٌ جديدْ . .
|