في العمر لحظة
مدخـل
فى العمر لحظة ،
تظل دائماً بلا مثيلْ
تجىء فى الصبا ،
وقد تجىء فى منتصف العمر ،
وقد تجىء قبل ساعة الرحيلْ
يكون فيها النور أقوى ، والنسيمْ
أندى ، وصفحة المياه أنقى ، والنخيلْ
مختلفاً عن ذلك النخيلْ
تكون فيها الأمنياتْ
دانيةً . . كأنها فاكهة الجنهْ
يكون فيها الخطو أجنحهْ
وهبّة الرياح . . أغنياتْ
فى العمر لحظة . . تمر فجأةً ، ولا تطيلْ
تنقلنا من واقع منكفئ بخيلْ
لعالمٍ مزدهر جميلْ
ساعتها ، نحسّ أننا نعيش خارج الزمنْ
وأن كل ما مضى بنا من المحنْ
ما كان يستحق دمعة نريقها ،
ولا جنازة نقيمها ،
ولا كفنْ !
فى العمر لحظةٌ . .
غريبة عن الساعات والدقائقْ
تُطلعنا على صفائنا ،
قوتنا ،
أحلامنا التى تؤول فى نهاية المدى . .
إلى حقائقْ
1 ـــ في الغربة
حين يطول فى جزائر النوى اغترابنا
ونلتقى بسائر الأجناس واللغات والبشرْ
ويصبح الإنسان مجبراً على تحية ، أو ابتسامهْ
مكتئباً . . لكنه يغالب السآمهْ
وكلما خطا . . تعثرتْ خطاه بالفخاخ ،
والخنادقْ
ولم يعدْ هناك مَنْ يصادقْ
يعود نحو نفسه . .
فى لحظةٍ ، صافيةٍ ، مهادنهْ
ويستعيد أهله ، رفاقه . . وموطنهْ
يسامح الذين آلموهْ
يمدّ كفّه لمن تجنّبوهُ ،
مقسماً إذا رجعْ
أن يرتمى على صدورهم . . لكى يقبّلوهْ
2 ـــ في الحب
حين يفيض القلب نحو مَنْ يحب بالمشاعرْ
ويستحيل نبضُه إلى مطارق تزلزل الكيانْ
يريد أن يبوح .. لا يسعفه اللسان !
حينئذٍ . .
تجىء لحظة تهفو لها العينانْ
فترسلان نظرة . . لا يستطيع رصدَها الزمان
تناجيان . .
وترغبان . .
وتحلمان . .
وعندما تقترب الشفاه . .
تقطران كل ما لديهما . .
من الحنين والحنان
3 ـــ فى التوبة
حين يكون المرء قد قضى حياته . . معربداً
وانتهك الأعرافَ ،
لا يخاف وازعاً بيومه ، ولا غداً
وغاب فى منعطفات الشر ، هائماً وقاصداً
وصار كلما أتى خطيئةً سعى لغيرها ،
وكلما انتهى ابتدا . .
تجىء لحظة ، رهيفهْ
يحسّ أن قلبه يدق فى خشوعْ
وأن روحه تذوب مثلما الشموع
ساعتها . . يُحس أن الله يستدعيهْ
فيرتمى على التراب ساجداً . .
وروعة النداء تحتويهْ !
ختام :
فى العمر لحظة . .
تجىء مرة ولا تجئ مرتينْ
متى ؟ وكيف ؟ ليس يعرف الجميع وقتها . . وأين ؟
لكنها حين تجىء . .
تغمر المكانَ ومضةٌ هائلة ،
كأنها انفجار شمسْ
وتبتدى بها حياهْ
جديدة ، على بساط أخضر جميلْ
تنساب حوله المياه
ويسمق النخيلْ !
ـــــــــــــــــ
|