تصحيح لما نشر على الانترنت |
|
|
|
كتبها د . حامد طاهر
|
الثلاثاء, 13 يوليو 2010 13:22 |
فوجئت اثناء تجولى فى صفحات GOOGLE الخاصة بى على الانترنت والتى تصل الى حوالى سبعين صفحة بنسبة بعض الاراء الشنيعة لى التى يعلم الله وحده باننى لم اقل بها لا تصريحا ولا تلميحا ومن ذلك : · حامد طاهر يبيح الهيروين ! · حامد طاهر يقول باباحة الحشيش ! · استاذ الفلسفة بدار العلوم يحلل الهيروين والحشيش ! · وامعانا فى الافتراء : وضعت صورة لشخص مدمن وتحتها اننى ارضى بحالته ! اما الذين يقفون وراء هذه الحملة الاعلانية الظالمة والمغرضة فاننى اترك حسابهم لله تعالى لكى ياخذ حقى منهم فهو اعدل العادلين .. واما القراء الاعزاء فمن حقهم على ان اوضح لهم موقفى وان ابين الحقائق من الافتراءات . تبدا المسالة يوم 27/11/2007 حين القيت فى قسم الفلسفة الاسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة سيمينارا حول موضوع (فكرة الحرام والممنوع ) امام عدد كبير من زملائى اساتذة القسم والكثير من طلبة الدراسات العليا فى الاقسام الاسلامية بالكلية . ومن المعروف ان السيمينار يعنى طرح فكرة لاحد الاساتذة تكون قابلة للمناقشة وابداء مختلف الاراء حولها لكى يستفيد منها الباحث الذى يقدمها فيعدلها بعد ذلك او يطورها قبل ان ينشرها فى كتاب مطبوع . وكانت فكرتى تقوم على اصل من اصول الاسلام ، قرره القران الكريم فى اكثر من ثلاثين اية (35 اية بالتحديد) ودعمته السنة النبوية الشريفة وتاكد لدى أئمة الفقه الاسلامى وهو ان : الحلال هو ما احله الله تعالى وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم . و الحرام هو ما نص عليه القران الكريم صراحة وبالتفصيل . وقد نعى القران الكريم على كل من حلل حراما او حرم حلالا او اخترعه من عنده واوعدهم بعذاب من شديد ومن ذلك قوله تعالى : ( ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام )(سورة النحل اية 116) ( ذلك ماأنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله اذن لكم ام على الله تفترون ) (سورة يونس اية 59) (قل هلم شهداءكم الذين يشهدون ان الله حرم هذا فان شهدوا فلا تشهد معهم ولاتتبع اهواء الذين كذبوا باياتنا ) (سورة الانعام اية 150) (ومالكم الا تاكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ماحرم عليكم ) (سورة الانعام اية 119) بل ان الله تعالى عاتب رسوله الكريم ذات مره بقوله ( ياايها النبى لم تحرم مااحل الله لك تبتغى مرضاة ازواجك والله غفور رحيم ) (سورة التحريم الاية الاولى ) اما الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول : " الحلال مااحل الله فى كتابه، والحرام ماحرم الله فى كتابه، وماسكت عنه فهو مما عفا عنه " هذا هو الموقف الاسلامى المستخلص من القران الكريم والسنة النبوية الشريفة. وقد ادرك الصحابة رضوان الله عليهم هذا المبدا وطبقوه فى الحياة العملية فكانوا اذا وقعت لهم حادثة جديدة يبحثون فى القران الكريم عن حكمها ، فان لم يجدوا بحثوا فى السنة الشريفة ، فان لم يجدوا اجتهدوا بارائهم ، كما فعل كل من ابى بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن ابى طالب . وعلى خطاهم مضى التابعون حتى ظهر الامام الجليل مالك بن انس فقيه اهل المدينة وصاحب كتاب الموطأ الشهير فلم يؤثر عنه انه قال عن شئ حادث انه حرام بل كان يقول : ( نكره هذا ، ولا نرى هذا، وينبغى هذا ، ولابأس به ، ونرى هذا حسنا .. ) ونفس الامر بالنسبة الى فقيه اهل العراق الكبير الامام ابى حنيفة ثم فقيه اهل الشام الامام الشافعى ، اما ابن حنبل فقد اورد له ابن القيم فى كتابه ( اعلام الموقعين ) الكثير من الامثلة التى يستخدم فيها لفظ ( اكرهه ) و ( لايعجبنى ) فيما هو محرم . وهذا كله يعنى ان هؤلاء الائمة الكبار كانوا يدركون جيدا حدود دورهم فى اصدار الاحكام ، والتزامهم الكامل بما امر الله تعالى به من عدم الجرأة فى تحريم شئ او تحليله تبعا لما نص عليه القران الكريم . لكننا سوف نلتقى بعد ذلك بظهور مبدا القياس الذى وضع اساسه ابو حنيفة وتوسع تلاميذه من بعده كثيرا فيه ، بينما قلل من استخدامه : المالكية والشافعية واحمد ابن حنبل ، ولم يستخدمه كثير من الشيعة ولا اهل الحديث ، ورفضه الظاهرية رفضا تاما . والقياس ـ فى اصطلاح علماء اصول الفقه ـ هو " الحاق واقعة لا نص فى حكمها بواقعة ورد نص بحكمها ، فى الحكم الذى ورد به النص ، لتساوى الواقعتين فى علة الحكم " . ومشكلة القياس الرئيسية هى ان ( علة الحكم ) هذه قد تكون ظاهرة فى بعض الاحكام ولكنها قد تكون خافية فى كثير منها ولذلك فان الفقهاء يتفاوتون فيما بينهم فى ادراك او استخلاص تلك العلة ، ومن هنا تاتى اختلافاتهم فى الاحكام التى يصدرونها والمتعلقة بحادثة واحدة . وقد ذهب المعارضون للقياس الى انه بهذا الشكل يقوم على اساس ظنى ، وبالتالى فلاينبغى ان نعتمد على احكامه التى سوف تكون بالضرورة ظنية . وقد قال ابن حزم بكل حسم : " لاقياس فى دين الله ، والله تعالى قد قال لنا ( اليوم اكملت لكم دينكم ) . لكن المشكلة لاتحسم برفض القياس ، لان الاحداث المستجدة فى حياة الناس كثيرة ، وهى اكثر من النصوص الدينية ، فماذا يفعل المسلمون ؟ لقد انحصروا فى امرين لاثالث لهم : أ – الاخذ بالقياس والتوسع فيه لكى يجاروا متطلبات الواقع المتغير ، وهذا ماجرى عليه العرف حتى الان ، وان كان قد توقف طويلا نتيجة اغلاق باب الاجتهاد. ب – القول برفض القياس والاقتصار فقط على المحرم والمحلل فى القران الكريم وحده . وقد انزوى هذا القول فى طيات التاريخ رغم وجاهته . وفى تقديرى انه قد كان هناك مخرج او طريق ثالث ، وهو ان يجتمــع ( الخبراء ) فى المجتمع الاسلامى ويبحثوا الوقائع المستجدة ثم يصدروا بشائنها احكاما مناسبة لها دون ان يستخدموا مصطلحى(الحلال والحرام) الخاصين بالقران الكريم ، مراعين فى نفس الوقت مصلحة المسلمين التى لاتتعارض مع نصوصه الصريحة والواضحة والهادفة دائما الى خير الناس جميعا فى الدنيا والاخرة . ان هذا المخرج او الطريق الثالث ، لايبعد المسلمين ابدا عن صحيح دينهم ، بل انه يلزمهم باوامره ونواهيه ، ويفتح امامهم فى نفس الوقت بابا واسعا لمواجهة كل المستجدات الحديثة فى مجتمعاتهم ، كما انه يغلق صفحات الخلاف والجدل والنزاع الذى وصل فى كثير من الاحيان الى حد القطيعة بين فقهاء البلاد الاسلامية واحيانا بين فقهاء البلد الواحد ، كذلك فانه يوقف ما نشاهده حاليا من سيل الفتاوى التى اصبح يصدرها كل من هب ودب ، مستغلا شيوع الجهل بحقيقة الاسلام ، وغلبة التقليد على عامة المسلمين . تلك هى خلاصة فكرتى التى طرحتها فى سيمينار كلية دار العلوم ، والتى اقر بها معظم الحاضرين بعد ان كانوا مقتنعين فى البداية بعكسها . وكالعادة حضر بعض الصحفيين فطلبوا اجراء حوار معى حول الموضوع وعندما سمحت لهم بذلك سالونى : وماذا تقول فى تحريم الحشيش والهيروين ؟ اجبتهم بكل وضوح : اقول انهم ( ممنوعان ) او ( محظوران ) وقد تصل عقوبة هذا المنع او الحظر الى حد الاعدام بينما لايتجاوز حد شارب الخمر المقرر ، كما نعلم ، ثمانين جلدة فقط والمسالة تتعلق هنا بتقييم ( الخبراء ) من كافة التخصصات ومنهم بالطبع علماء الدين ، فى تحديد مدى خطورة كل منهما على صحة وحياة الشباب المسلم وتحطيم احد مقومات المجتمع الاسلامى . لكن يبدوا ان بعض هؤلاء الصحفيين لم يكونوا خالصى النوايا فنقلوا كلامى محرفا الى صحفهم ، وبالتالى انتقل الى بعض الصحف العربية التى راحت تهلل وتقول اننى ابيح او احلل الحشيش والهيروين !! وبالطبع تم تسجيل ذلك على شبكة الانترنت GOOGLE التى يشاهدها الكثير من القراء . لذلك لزم ان اوضح موقفى من هذا الافتراء ، وابين حقيقة الامر فيه ، والله يهدينا الى طريق الصواب ، ويتولانا جميعا برحمته .
|
آخر تحديث الجمعة, 27 فبراير 2015 19:48 |