ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله
|
وأخو الجهالة فى الشقاوة ينعم
|
ومن البلية عذل من لا يرعوى
|
عن جهله وخطاب مـن لا يفهم
|
والظلم من شيم النفوس فإن تجد
|
ذا عفــة ، فـلعـلــة لا يـظــــلــم
|
يؤذى القليل من اللئـام بطبعــه
|
من لا يقـــل كما يقـــل ويلــــؤم
|
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
|
حتــى يراق على جوانبــــه الدم
|
لا يخـدعنــك مـــن عــدو دمعـــه
|
وارحم شبابك مــن عدو ترحــم
|
والهــم يختـرم الجسيـم نحــافــة
|
ويشيب ناصيـة الصبى ويهــرم
|
ولقـد رأيـت الحـادثــــات فلا أرى
|
يققا بميـت ، ولا ســرورا يعصم
|
(اليقق : البياض)
|
لـــو فـكـر العاشـق فـــى منتــهى
|
فـؤاده يخفــق مـــن رعـبـــــــه
|
وغايــــة المفــرد فـــى سـلـمــــه
|
كفايــــة المفرط فــى حربـــــــه
|
فـــلا قـضـى حاجـتـــــه طــــالـب
|
حســن الذى يســبيه لـم يســبه
|
(الرعب : المقصود به هنا الخوف الشديد من الموت)
|
يـدخـل صبـر المـرء فــى مدحـــه
|
ويـدخـل الإشـفـــاق فــى ثـلبــه
|
(الإشفاق : الخوف – الثلب : الذم)
|
وليس حياء الوجه فى الذئب شيمة
|
ولكنـه من شيمة الأســـد الورد
|
كدعواك ، كل يدعى صحة العقل
|
ومن ذا الذى يدرى بما فيه من جهل
|
وليس الذى يتبع الوبل رائدا
|
كمن جاءه فى داره رائد الوبل
|
ومن جهلت نفسه قدره
|
رأى غيره منه ما لا يرى
|
إذا ما عدمت الأصل والعقل والندى
|
فما لحياة فى جنابك طيب
|
ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة
|
بين الرجال ولو كانوا ذوى رحم
|
أتى الزمان بنوه فى شبيبته
|
فسرهم ، وأتيناه على الهرم
|
ومن ضاقت الأرض عن نفسه
|
حرىّ أن يضيق بها جسمه
|
إذا أتت الإساءة من وضيع
|
ولم ألم المسئ فمن ألوم
|
لا تشتر العبد إلا والعصا معه
|
إن العبيد لأنجاس مناكيد
|
وهل ينفع الجيش الكثير التفافه
|
على غير منصور وغير معان
|
وفى الجسم نفس لا تشيب بشيبه
|
ولو أن ما فى الوجه منه حراب
|
وما العشق إلا غرة وطماعة
|
يعرض قلب نفسه فيصاب
|
أعز مكان فى الدنا سرج سابح
|
وخير جليس فى الزمان كتاب
|
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
|
تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن
|
لحى الله ذى الدنيا مناخا لراكب
|
فكل بعيد الهم فيها معذب
|
وكل امرئ يولى الجميل محبب
|
وكل مكان ينبت العز طيب
|
وأظلم أهل الظلم من بات حاسدا
|
لمن بات فى نعمائه يتقلب
|
لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها
|
سرور محب ، أو مساءة مجرم
|
وإذا الحلم لم يكن عن طباع
|
لم يكن عن تقادم الميلاد
|
(الحلم هنا بمعناه الخلقى)
|
وما كل هاو للجميل بفاعل
|
ولا كل فعال له بمتمم
|
وفى الناس من يرضى بميسور عيشه
|
ومركوبه رجلاه ، والثوب جلده
|
وإذا لم تجد من الناس كفءا
|
ذات خدر أرادت الموت بعلا
|
وإذا ما خلا الجبان بأرض
|
طلب الطعن وحده والنزالا
|
وإذا الرماح شغلن مهجة ثائر
|
شغلته مهجته عن الإخوان
|
وكثير من السؤال اشتياق
|
وكثير من رده تعليل
|
وإذا العذل فى الندى زار سمعا
|
ففداه العذول والمعذول
|
وجرم جره سفهاء قوم
|
وحل بغير جارمه العذاب
|
وإذا خامر الهوى قلب صب
|
فعليه لكل عين دليل
|
وما فى سطوة الأرباب عيب
|
ولا فى ذلة العبدان عار
|
وما يوجع الحرمان من كف حازم
|
كما يوجع الحرمان من كف رازق
|
نبكى على الدنيا وما من معشر
|
جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
|
وجائزة دعوى المحبة والهوى
|
وإن كان لا يخفى كلام المنافق
|
ما الذى عنده تدار المنايا
يهون علينا ان تصاب جسومنا
|
كالذى عنده تدار الشمول
وتسلم اعراض لنا وعقول
|
وما الحسن فى وجه الفتى شرفا له
|
إذا لم يكن فى فعله ، والخلائق
|
وما تنفع الخيل الكرام ولا القنا
|
إذا لم يكن فوق الكرام كرام
|
وما بلد الإنسان غير الموافق
|
ولا أهله الأدنون غير الأصادق
|
وكم ذنب مولده دلال
|
وكم بعد مولده اقتراب
|
وأتعب من ناداك من لا تجيبه
|
وأغيظ من عاداك من لا تشاكل
|
ووضع الندى فى موضع السيف بالعلا
|
مضر كوضع السيف فى موضع الندى
|
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
|
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
|
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم
|
ومن لك بالحر الذى يحفظ البدا
|
وأتعب خلق الله من زاد همه
|
وقصر عما تشتهى النفس وحده
|
فلا مجد فى الدنيا لمن قل ماله
|
ولا مال فى الدنيا لمن قل مجده
|
فما الحداثة من حلم بمانعة
|
قد يوجد الحلم فى الشبان والشيب
|
(الحلم هنا بمعنى العقل)
|
حسن الحضارة مجلوب بتطرية
|
وفى البداوة حسن غير مجلوب
|
وللنفس أخلاق تدل على الفتى
|
أكان سخاء ما أتى أم تساخيا
|
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى
|
فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
|
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه
|
تصيده الضرغام فيما تصيدا
|
إذا كان بعض الناس سيفا لدولة
|
ففى الناس بوقات لها وطبول
|
إذا لم تكن لليث إلا فريسة
|
غذاه ، ولم ينفعك أنك فيل
|
ووجه البحر يعرف من بعيد
|
إذا يسجو ، فكيف إذا يموج
|
فما ترجى النفوس من زمن
|
أحمد حاليه غير محمود
|
ومن الحلاوة فى الزمان مرارة
|
لا تختطى إلا على أهواله
|
يدفّن بعضنا بعضا ، وتمشى
|
أواخرنا على هام الأوالى
|
وما التأنيث لاسم الشمس عيب
|
ولا التذكير فخر فى الهلال
|
وإذا كانت النفوس كبارا
|
تعبت فى مرادها الأجسام
|
وما كل سيف يقطع الهام حده
|
وتقطع لزبات الزمان مكارمه
|
(لزبات الزمان : شدائده)
|
مشيب الذى يبكى الشباب مشيبه
|
فكيف توقيه ، وبانيه هادمه
|
وقد يتزيّا بالهوى غير أهله
|
ويستصحب الإنسان من لا يلائمه
|
غيرى بأكثر هذى الناس ينخدع
|
ان قاتلوا جبنوا او حدثوا شجعوا
|
وما الحياة ونفسى بعدما علمت
|
أن الحياة كما لا تشتهى طبع
|
(الطبع : الدنس والعيب)
|
إن السلاح جميع الناس تحمله
|
وليس كل ذوات المخلب السبع
|
وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى
|
وما الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا
|
بذا قضت الأيام ما بين أهلها
|
مصائب قوم عند قوم فوائد
|
وفى تعب من يحسد الشمس نورها
|
ويجهد أن يأتى لها بضريب
|
ومن صحب الدنيا طويلا تقلبت
|
على عينه حتى يرى صدقها كذبا
|
أعيذها نظرات منك صادقة
|
أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
|
وما انتفاع أخى الدنيا بناظره
|
إذا استوت عنده الأنوار والظلم
|
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
|
فلا تظنن ان الليث يبتسم
|
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا
|
ألا تفارقهم فالراحلون هم
|
شر البلاد مكان لا صديق به
|
وشر ما يكسب الإنسان ما يصم
|
(يصم : يعيب)
|
وما صبابة مشتاق على أمل
|
من اللقاء كمشتاق بلا أمل
|
خذ ماتراه ودع شيئا سمعت به
|
فى طلعة البدر مايغنيك عن زحل
|
وليس يصح فى الأفهام شئ
|
إذا احتاج النهار إلى دليل
|
وأحلى الهوى ماشك فى الوصل ربه
|
وفى الهجر ، فهو الدهر يرجو ويتقى
|
ونهب نفوس أهل النهب أولى
|
بأهل المجد من نهب القماش
|
إذا مالبست الدهر مستمتعا به
|
تخرقت ، والملبوس لم يتخرق
|
وإطراق طرف العين ليس بنافع
|
إذا كان طرف القلب ليس بمطرق
|
ومن قبل النطاح وقبل يأتى
|
تبين لك النعاج من الكباش
|
والغنى فى يد اللئيم قبيح
|
قدر قبح الكريم فى الإملاق
|
وكم من عائب قولا صحيحا
|
وآفته من الفهم السقيم
|
فقد يظن شجاعا من به خرق
|
وقد يظن جبانا من به زمع
|
(الخرق : الخفة والطيش – الزمع : الارتعاد)
|
وكل شجاعة فى المرء تغنى
|
من لا يرى فى الدهر شيئا يحمد
|
يرى الجبناء أن العجز عقل
|
وتلك خديعة الطبع اللئيم
|
من خصّ بالذم الفراق فإننى
|
ولا مثل الشجاعة فى الحكيم
|
وما تقر سيوف فى ممالكها
|
حتى تقلقل دهرا قبل فى القلل
|
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
|
عدوا له ما من صداقته بدّ
|
ولكن حبا خامر القلب فى الصبا
|
يزيد على مر الزمان ويشتد
|
وشيخ فى الشباب ، وليس شيخا
|
يسمى كل من بلغ المشيبا
|
وإنى رأيت الضر أحسن منظر
|
وأهون من مرأى صغير به كبر
|
إذا الفضل لم يرفعك عن شكر ناقص
|
على هبة فالفضل فيمن له الشكر
|
ليس الجمال لوجه صح مادنه
|
أنف العزيز بقطع العز يجتدع
|
(المادن : أرنبة الأنف – يجتدع : يقتطع)
|
ومن ينفق الساعات فى جمع ماله
|
مخافة فقر ، فالذى فعل الفقر
|
وإذا أتتك مذمتى من ناقص
|
فهى الشهادة لى يأتى كامل
|
كل حلم أتى بغير اقتدار
|
حجة لاجئ إليها اللئام
|
ومكايد السفهاء واقعة بهم
|
وعداوة الشعراء بئس المقتنى
|
وأنفس ما للغنى لبّه
|
وذو اللب يكره إنفاقه
|
ما كل من طلب المعالى نافذا
|
فيها ولا كل الرجال فحولا
|
تلف الذى اتخذ الجراءة خلة
|
وعظ الذى اتخذ الفرار خليلا
|
والعار مضاض وليس بخائف
|
من حتفه من خاف مما قيلا
|
(مضاض : مؤلم)
|
ومن يك ذا فم مرّ مريض
|
يجد مرا به الماء الزلالا
|
أبلغ ما يطلب النجاح به الطبع ، وعند التعمق الزلل
|
وما كل بمعذور ببخل
|
ولا كل على بخل يلام
|
لعنت مقارنة اللئيم فإنها
|
ضيف يجر من الندامة ضيفنا
|
(الضيفن : الذى يتبع الضيف)
|
وشبه الشئ منجذب إليه
|
وأشبهنا بدنيانا الطعام
|
إذا كان الشـــــــباب السكر، والشيــــــــب هما ... فالحياة هى الحمام
|
أعيذكم من صروف دهركم
|
فإنه فى الكرام متهم
|
وإنما الناس بالملوك وما
|
تفلح عرب ملوكها عجم
|
خير الطيور على القصور وشرها
|
يأوى الخراب ويسكن الناووسا
|
( الناووس : المقبرة)
|
تذلل لها واخضع على القرب والنوى
|
فما عاشق من لا يذل ويخضع
|
وكاتم الحب يوم البين منهتك
|
وصاحب الدمع لا تخفى سرائره
|
ورب مال فقيرا من مروءته
|
لم يثر منها ، كما أثرى من العدم
|
ومن العداوة من ينالك نفعه
|
ومن الصداقة مايضر ويؤلم
|
على ذا مضى الناس اجتماع وفرقة
|
وميت ومولود ، وقال ووامق
|
(القالى: المبغض الكاره – الوامق: المحب)
|
وإذا سحابة صد حب أبرقت
|
تركت حلاوة كل حب عقلما
|
إذا اشتبهت دموع فى خدود
|
تبين من بكى ممن تباكى
|
والذل يظهر فى الذليل مودة
|
وأود منه لمن يود الأرقم
|
فقر الجهول بلا قلب إلى أدب
|
فقر الحمار بلا رأس إلى رسن
|
وما الجمع بين الماء والنار فى يدى
|
بأصعب من أن أجمع الجد والفهما
|
(الجد: الحظ)
|
إذا لم تكن نفس النسيب كأصله
|
فما الذى تغنى كرام المناصب
|
(النسيب : الشريف – المناصب : الأصول)
|
هذا الوداع وداع الوامق الكمد
|
هذا الوداع وداع الروح للجسد
|
من يهن يسهل الهوان عليه
|
مالجرح بميت إيلام
|
جعلها الله لك في ميزان حسناتك