فرحات بين ضرتين
قصة قصيرة للدكتور حامد طاهر
استيقظ الحاج فرحات منزعجا من نومة العصر التى تعود عليها بعد تناول وجبة الغداء ، وحين سأل أحد أبنائه عن هذه الهيصة عرف أنها بين زوجتيه .
وعلى الفور اعتدل على السرير ، وبعد أن فرك عينيه ، واستعاذ من الشيطان ، استدعاهما معا وراح يسألهما :
ـــ من التى بدأت ؟
قالت الجديدة :
ــــ هى ياحاج
وقالت ام الأولاد القديمة :
ـــ بل هى ياحاج
طرح الحاج فرحات السؤال الثانى :
ـــ وما سبب هذه الخناقة ؟
أسرعت القديمة ، وهى تمسك برأس ابنها الصغير أمامها :
ـــ ضبطتها وهى تشد ابنى هذا من شعره ، وتقول :
ـــ ربنا ياخدك وياخد اللى خلفوك
أما الجديدة فأقسمت أنها لم تقل ذلك ، وكل ما قالته :
ـــ ىاإبنى احترم الكبار .. دا أنا زى أمك تماما
حاوال الحاج فرحات أن يستجمع أفكاره ليطرح السؤال الثالث ،
لكن نظره وقع على صدر زوجته الجديدة ،
وكان مفتوحا بحيث كشف عن جزء مما تحته ..
أبعد بصره حتى لا تلحظ زوجته القديمة
لكن غريزته كانت قد تحركت ،
ووجد ميزان العدالة فى يده يتمايل
ثم يهتز ، ويسقط
لذلك فضل أن ينهى المسألة بهدوء
ويختمها بالصلح
قالت القديمة :
ـــ ياحاج .. احكم بالحق
وادينى حقى وحق ابنى
قربها قليلا من السرير وقال لها بمودة :
ـــ ياستى حقك انت على راسى من فوق
أما حق ابنى وابنك فأنا متنازل عنه
ـــ والله ياحاج ده ظلم .. وده مايرضيش ربنا
ـــ ياستى ، ربك غفور رحيم ، وكما قال : الصلح خير
ثم أضاف :
ياللا بقى تصافوا ،
وواحدة منكم تعمل لى فنجان قهوة مظبوط
أسرعت الصغيرة قائلة :
ـــ أنا اللى حاعمله لك ياحاج بايديا ..
وانطلقت مسرعة ، بينما خرجت القديمة باكية
وحين جلست فى حجرتها التف حولها الأولاد
وراحوا يخففون من حزنها
قال الصغير :
ـــ ما تزعليش ياماما .. إنت بتعيطى !
وقالت البنت الكبرى :
ـــ ولا يهمك ياماما .. إحنا كلنا جنبك
وإن شاء الله ربنا ينصرك عليها
وبعد فترة صمت من الابن الأكبر ، قال :
ـــ عموما الحق على بابا ، الذى لم يحكم بالحق
وأخيرا نظرت الأم فى وجوه أبنائها الثلاثة ،
وقالت وهى تمسح دموعها :
ـــ ربنا يخليكو لى ياولاد .. أنا ماليش حد غيركم
بس عاوزاكم تبقوا شاطرين
عشان إنتم اللى حاتخلصونى من الهم ده ..
|