رحلتى إلى الأردن
زرتها مرتين فى مؤتمرين علميين ، أحدهما عن العولمة وكيفية مواجهة العالم العربى لها ، والثانى عن الإرهاب ومكافحته البلد فى غاية النظام والنظافة .. ولا تكاد تلمح فى شوارعها سيارة قديمة أو متوسطة الحال . أما الجو فالغالب عليه الحرارة ، والشمس ليست فقط حامية ، بل حارقة . ولا أدرى لماذا أحسست كثيرا بالعطش . لذلك عندما عرضوا على زيارة الأماكن التاريخية فى الجبال لم أرحب بالفكرة ، وبقيت فى العاصمة عمّان ..
الأردنيون الجامعيون على مستوى عال من المعرفة والثقافة ، بالإضافة إلى حسن الذوق ودمانة الأخلاق وهم يجيدون الاصغاء ، وكذلك المناقشة بكل أدب . كما أنهم يحترمون الوقت ، ولا يضيعون شيئا منه . وهم فى ذلك أشبه بأساتذة أوربا .
وفى السوق التجارى ، البضائع متفاوتة من الأعلى والمتوسط . أما الأدنى فلا مجال له . وهناك من يجيد صناعة الحلويات الشرقية ، ويعرضها بصورة جذابة للغاية. والمرأة فى الأردن جميله ومتحضرة .
ولأن الأصول لدى معظم الشعب ترجع إلى فلسطين ، فإن القضية حاضرة هناك ، وليست غائبة أبدًا بسبب الجوار المباشر مع اسرائيل .
الحادثة الوحيدة التى وقعت لوفدنا أن سائق السيارة الذى حمل حقائبنا من المطار إلى الفندق أخفى إحدى الحقائب ، والحمد لله لم يكن فيها مكافآت الإقامة والإعاشة . وقد تحركت الشرطة لكنها لم تصل إلى نتيجة . عمومًا هذا قد يحصل فى أى بلد أخر .
لست أدرى ما يسبب شعور الانقباض الذى أحسست به هناك : هل كان بسبب أنهم ذكروا لى أن بعض قدامى الأقوام الذين غضب الله عليهم فمسخهم يوجدون هناك ؟ ربما .
كذلك شاهدت ذات مرة اللواء سعد الدين الشاذلى يتحدث فى التلفزيون عن موقع الأردن بالنسبة لاسرائيل وأنها أشبه ما تكون بوسط النحلة الدقيق جدا ، ولا يوجد أقرب إليها من الأردن !
لكن الأردن بلد نشيط ، ورغم صغر حجمه ، وقله إمكانياته فإنه يقوم بدور كامل فى منظومة الدول العربية ، ويشارك بفعالية فى كل قضاياها . وهم يعتمدون هناك على التعليم .. التعليم الذى يجعلهم قادرين على التقدم المستمر ، وحسن التخاطب مع دول العالم .
وأخيرًا لابد من الاعتراف بأن هناك بلادًا يزورها الإنسان فترسخ فى نفسه عنها ذكريات كثيرة ، وبلادًا أخرى لا يبقى منها فى النفس شئ .
وعموما فإن هذا مجرد انطباع ناتج عن قصر مدة الزيارة ، وعدم النجاح فى اقامة علاقات انسانية أشد أثرا .
عودة
|