الشاعر والقصيدة / د. حامد طاهر |
|
|
|
كتبها Administrator
|
الجمعة, 01 مايو 2015 01:15 |
الشاعر والقصيدة
د. حامد طاهر [قصيدة نثر]
مجموعة من الصور ، المتطايرة فى الجو .. تحاول أن تستقر فى مجموعة من الكلمات ، المنتشرة فوق الأرض والشاعر حائر بينهما : يحاول أن يوفق بين المجموعتيْن وأن يمزجهما معًا بمجموعته الخاصة ، من العواطف والأحاسيس ، التى تموج فى صدره ! المجموعة الأولى مثل طائفة من الفراشات الصغيرة الملونة تعلو وتهبط بسرعة خاطفة على طرف بركة ماء وهى متخوفة دائمًا من أن يقتنصها أحد ! أما المجموعة الثانية فإنها تتباعد فى اتجاهات مختلفة مثل النمل الذى ينتشر بعد انتقاض عشه وهى أكثر من أن يجمعها الشاعر بيديه ! يظل الشاعر يحاول ، ويحاول وأخيرًا يلجأ لحيلة الخيوط وكلما أمسك بفراشة أو كلمة ربطها فى طرف الخيط تتعدد الخيوط ، وتتمدد حتى تصبح مجموعتين متجانستيْن عندئذ يقوم بوضع الفراشة المناسبة فى مكانها المناسب وهو يفعل ذلك فى ظلام الليل مرتعشا من شدة البرد والريح تعوى من حوله ، وتكاد تمزق ثوبه ! * * وفجأة يسقط على الأرض وكفّاه داميتان من شدّ الخيوط إنها خيوط رفيعه جدا ، لكنها حادة وأخيرًا .. تنتظم له المجموعتان فتهبط الأولى على كتفيه من الجو ، وتصبح الثانية طيّعة بين يديْه هنا فقط .. يبدأ الشاعر فى عمله الحقيقى فيتخير ، ويقيس ، ويغير ، ويبدل .. نافخًا فى كل كلمة جزءًا من روحه وكلما فعل ذلك شعر بالضعف وتهاوت قواه ، وكاد يفقد الوعى لكن ما يطرد عنه التعب والألم : إنه يرى إلى جانبه مخلوقًا صغيرًا قد تكوّن .. أنه مخلوق جميل ، وملىء بالحياة عندئذ يحضنه بحنو بالغ ، ويحميه بكفيه من برودة الليل * * ومع ظهور أشعة الفجر يعود به مسرعًا إلى البيت وهو يسمع زقزقته ، ويشعر بدفء جسده وعندما يقابل أول صديق يكشف له بكل حرص عن وجهه منتظرًا بكل لهفة أن يجيب عن سؤاله -هل هو حقا كائن جميل ؟ لكنه لا يذكر شيئا قط عما لاقاه من المعاناة .. طوال الليل
* * *
|