أربع قصائد فى القطط / بودلير |
|
|
|
كتبها Administrator
|
الجمعة, 01 مايو 2015 01:07 |
أربع قصائد فى القطط
بودليـر
القصيدة الأولى
تعال يا قطى الجميل فوق قلبى العاشق واطو مخالب أقدامك ودعنى أسبح فى عيونك الجميلة ، المشربة بمعدن وعقيق .. * * وعندما تربت أصابعى فى مهل على رأسك ، وظهرك اللدن وعندما تنتشى يدى باللذة من لمس جسدك المكهرب .. 00 أرى امرأتى فى الذهن ، نظرتها كنظرتك ، أيها الحيوان الأليف ، عميقة وباردة ، تقطع وترشق مثل سهم ! * * ومن القدمين حتى الرأس هواء لطيف ، وعطر خطر يسبحان حول جسدها الأسمر * * *
القصيدة الثانية
فى رأسى يتجول مثلما فى شقته تماما قط جميل ، قوى ، وديع وفاتن وعندما يموء ، لا يكاد يُسمع .. * * وعلى قدر رنته اللينة ، الكتوم فإن صوته ، الذى يلطف أو يزمجر ثرى دائما وعميق وتلك روعته وسره ! * * هذا الصوت الذى يقطر ويصفى فى أعماقى الشديدة الظلمة يفعمنى بأشعار غزيرة ويسكرنى كشراب المحبة * * إنه يخمد أعتى الشرور ويحتوى على كل ألوان الشطح ولكى يقول أطول العبارات ، فليس فى حاجة إلى كلمات ! * * لا ، إنه ليس ذا منشار يقرض فوق قلبى ، آلته الممتازة يجعل بروعة أشد أوتارها حساسية ، يغنى .. أى صوت هذا ، أيها القط الغامض القط الملائكى ، القط الغريب الذى فيه كل شيء ، كما فى الملاك ، بارع ، وموقع للغاية ! * * من فرائه الأشقر والأسمر ينبعث عطر ناعم ، وذات مساء تعطرت منه ، عندما ربت مرة واحدة عليه .. ليس أكثر من مرة ! * * إنه الروح المتعود على المكان يقضى ، ويترأس ، ويلهم .. كل شيء فى إمبراطوريته . لعله جنية ! لعله إله ! * * عندما تنجذب عيناى ، نحو هذا القط الذى أحبه ، كما تنجذبان نحو مغناطيس ترتدان فى انقياد وأجدنى : انظر فى نفسى .. * * وأرى فى دهشة نيران أحداقه الممتقعة والمنارات اللامعة ، والأحجار الكريمة الحية .. تتفحصنى بثبات ! * * *
القصيدة الثالثة
العشاق الملتهبون ، والعلماء العاكفون يحبون أيضا فى عمرهم الناضج القطط القوية والوديعة ، فخر المنازل التى تشبههم فى الحساسية ، وإيثار الإقامة * * أصدقاء العلم والشهوة يبحثون عن الصمت ، ورهبة الظلمات وقد اتخذهم "ايريب" خدامه الجنائزيين وعندما يتمكن من استعبادهم .. يحنون رؤوسهم ! * * إنهم يتخذون المواقف النبيلة ، حالمين بأبى الهول الكبير المستلقى فى أعماق الوحدة والذى يبدو دائما فى حلم بدون نهاية ! * * أصلابهم الخصبة ممتلئة بالشرارات السحرية وقطع من الذهب ، مثل رمال رقيقة ترصّع بالنجوم .. أحداقهم الصوفية ! * *
القصيدة الرابعة
[قصيدة نثر]
يرى الصينيون الساعة فى عيون القط ! ذات يوم ، بينما كان أحد المبشرين (المسيحيين) يتنزه فى ضواحى مدينة نانكين Nankin أدرك أنه نسى ساعة يده وعندئذ سأل صبيا : كم الساعة ! فتردد ابن امبراطورية السماء لحظة ، ثم اعتدل مجيبًا : سأقولها لك ولم تمض لحظة ، حتى ظهر الصبى ثانية ، وبين يديه قط قوى ضخم .. وبعد أن نظر طويلاً - كما نقول نحن - فى بياض عينيه أكد فى حسم : أن نصف النهار لم يحن بعد تماما ! وكان ما قاله الصبى حقا وبالنسبة لى .. عندما أنحنى على قطتى الجميلة فيلين ، ذات الاسم العذب ، والتى تعتبر فى نفس الوقت شرفًا لبنات جنسها ، وفخرًا لقلبى ، وعطرًا لروحى ، سواء فى المساء أو فى النهار ، فى الضوء الساطع ، أو فى الظلام الحالك فإننى أرى فى عمق عينها : الساعة بكل وضوح ! * * ودائما نفس الشىء : ساعة شاسعة ، واضحة ، كبيرة مثل الفضاء ، دون تقسيمات الدقائق والثوانى .. ساعة ثابتة ، غير مضبوطة على ساعات الميادين ، ومع ذلك ، فإنها لطيفة مثل روح ، خاطفة كلمح البصر وإذا ما حدث أن أرقنى شىء ما أثناء تأملى فى هذا الإطار اللذيذ إذا عفريت دنئ لا يطاق ، أو شيطان معوق جاء يقول لى : - ما الذى تنظر إليه بكل هذه العناية ؟ عن أى شىء تبحث فى عيون هذا المخلوق ؟ هل ترى فيها الساعة ، أيها الفانى ، المسرف ، الخامل ؟! فسوف أجيبه دون تردد : - أجل ، أرى الساعة .. إنها الخلود * * *
|