الشاعر وقصيدته
مجموعة من الصور ،
المتطايرة فى الجو ..
تحاول أن تستقر فى مجموعة من الكلمات ،
المنتشرة فوق الأرض
والشاعر حائر بينهما :
يحاول أن يوفق بين المجموعتين
وأن يمزجهما معًا بمجموعته الخاصة ،
من العواطف والأحاسيس ،
التى تموج فى صدره !
----
المجموعة الأولى
مثل طائفة من الفراشات الصغيرة الملونة
تعلو وتهبط بسرعة خاطفة
على طرف بركة ماء
وهى متخوفة دائمًا من أن يقتنصها أحد !
أما المجموعة الثانية
فإنها تتباعد فى اتجاهات مختلفة
مثل النمل الذى ينتشر بعد انتقاض عشه
وهى أكثر من أن يجمعها الشاعر بيديه !
----
يظل الشاعر يحاول ، ويحاول
وأخيرًا يلجأ لحيلة الخيوط
وكلما أمسك بفراشة أو كلمة
ربطها فى طرف الخيط
تتعدد الخيوط ، وتتمدد
حتى تصبح مجموعتين متجانستيْن
عندئذ يقوم بوضع الفراشة المناسبة
فى مكانها المناسب
وهو يفعل ذلك فى ظلام الليل
مرتعشا من شدة البرد
والريح تعوى من حوله ،
وتكاد تمزق ثوبه !
وفجأة يسقط على الأرض
وكفّاه داميتان من شد الخيوط
إنها خيوط رفيعه جدا ، لكنها حادة
وأخيرًا .. تنتظم له المجموعتان
فتهبط الأولى على كتفيه من الجو ،
وتصبح الثانية طيَعة بين يديْه
هنا فقط .. يبدأ الشاعر فى عمله الحقيقى
فيتخير ، ويقيس ، ويغير ، ويبدل ..
نافخًا فى كل كلمة جزءًا من روحه
وكلما فعل ذلك شعر بالضعف
وتهاوت قواه ، وكاد يفقد الوعى
لكن ما يطرد عنه التعب والألم :
أن يرى إلى جانبه مخلوقًا صغيرًا قد تكوّن ..
إنه مخلوق جميل ، وملىء بالحياة
عندئذ يحضنه بحنوّ بالغ ،
ويحميه بكفيه من برودة الليل
----
ومع ظهور أشعة الفجر
يعود به مسرعًا إلى البيت
وهو يسمع زقزقته ، ويشعر بدفء جسده
وعندما يقابل أول صديق
يكشف له بكل حرص عن وجهه
منتظرًا بلهفة شديدة أن يجيب عن سؤاله :
- هل هو حقا كائن جميل ؟
لكنه لا يذكر له شيئا قط
عما لاقاه من المعاناة ..طوال الليل !
****
|