حب رومانسى
كانت عائلتها تسكن فى منزل
تحيط به حديقة
وتعلقت بها منذ رأيتها
ورحت أتابعها وهى تروح وتجىء من المدرسة
كانت أجمل من كل صديقاتها
وكانت تقف لتوديعهن قبل أن تدخل
والضحكات تتناثر منهن
مثل المطر المتساقط من سحابه عابرة
----
اليوم الذى اكتشفت فيه شباك غرفتها
وهو يقع خلف أغصان شجرة توت
كان أسعد أيام حياتى
لأننى رحت أتابعها منه ..
وهى تقرأ فى كتاب ،
أو تنظر فى المرأة ،
أو تتحدث مع أمها ..
أو تمد يدها فتلمس بنعومة ..
أوراق شجرة التوت .
----
صرت مدمنا على الجلوس أمام منزلها
والتطلع الدائم إلى نافذتها .
لكنها حين انهت دراستها الثانوية
لم تواصل تعليمها فى الجامعة
ولم تعد تظهر فى النافذة كثيرًا
كما أنها كبرت ، ونضجت ،
وأصبحت شابة مكتملة الأنوثة ..
----
كنت أتلمس أخبارها من أصدقائى
الذين يعرفون عائلتها
وذات يوم حدث ما لابد من حدوثه
خطبة ، فشبكه ، فعرس ،
ثم رحيل مع زوجها إلى مدينة أخرى ..
كل ذلك .. دون أن تعرف أبدًا
أننى كنت أحبها !
----
مرت سنوات عديدة ،
وهى لا تفارقنى فى يقظة أو منام
وعندما قررت الزواج
ظننت أنى سوف أنساها
لكن هذا لم يحدث
فعلى الرغم من قدوم الأولاد
وشواغلهم ، ومشكلاتهم
ظلت هى عالقة بروحى
----
ثم فى ذات يوم
سمعت من أحد أصدقائى القدامى
أنها قد أصبحت أرملة
وأن لها إبنا ، يعالج فى مصحة
لا أدرى كيف اسرعت إلى هناك
ورحت أنتظر قدومها لزيارته
وجدتها ترتدى السواد
وتضع على عينها نضارة سوداء
كانت كما كانت رشيقة وجميلة
بل هى الأجمل من كل من عرفتهن
تقدمت إليها ، فاندهشت
ثم عرفتها بنفسى ،
مترددًا ، ومتلعثما ، وكأننى طفل صغير
قلت لها :
- أنا جارك فى الحى
وكنت متعلقا بك من كل قلبى
خلعت نظارتها ،
ونظرت إلى بعينين ذابلتين ، ومندهشتين
- ولماذا جئت الآن ؟
قلت لها
- عندما سمعت بحالة ابنك
ثم لكى أعزيك فى وفاة زوجك
وأشد على يديك ..
راحت الدموع تتساقط من عينيها
قدمت إليها منديلا لتمسحها
صتتنا طويلا
ولم نتكلم سوى بضع لكلمات قليلة
وقبل أن تنهض ، قلت لها :
- هل يمكننى أن أعاود الاتصال بك ؟
قالت ، وهى تمسح دموعها بمنديلى :
- من الأفضل ألا تفعل !
|