وقال فى طبيب مدينة نباح ( وكان مشهورا بالمغالاة فى أجر العلاج ) (1)
أسلمت نفسـى للطبيب ، ولـم أكــن
أدرى بـــــأن الـــداء فـــــى كفيـــــه
وإذا بمبضــعه البليـــد يشــق فــى
جســــدى ، ويمضـــى غائــرا بيديه
سـاءلتـه : مـاذا يـدور ؟ فــلم يجب
وأشـــاح عــنــــى لاويـــا كشـحيـــه
نــاشــدتــه ، وظــلـلــت أرجــــو ،
والدماء تسيل من جرحى على زنديه
فأجاب : هل ترجو الشفاء حقيقة ؟
فــتســــمرت عينـــــاى فـــى عينيـه
فــأضــاف : هذا يقتضيك مبــالغا !
وانـــهالت الأرقـــــام مــــن شــفتيه
أدركــت أنـى قـد غـدوت فريـســــة
الذئــــب يــعرضـــــها علـــى فكيـــه
مــازال بــى حــتى كتبـت تنـــــازلا
عــن كـــل أمـوالـــى لـــــه ، وإليــه
وإذا ممرضـــــه يـوقــع شـــــاهـدا
ويـخبــئ الأوراق فــــــى جـــيــبــيه
وأتى الطبيب يخيط جرحى بــاسما
ويــقول إنـــى قـد ( صـعبت عليــه )
غـالبت غيظى ، واحتبست مدامعى
وخــرجــت محمــــولا علــى كتفيــه
ويــقـول عــوادى : هنيــــئا للــذى
نـزع الطبيــب الــداء مــن جنـبـيـــه
فــأرد : بــل قـولــوا وداعـــا للـذى
نـــزع الطبيـــب القلــب مـن رئـتـيـه
( 1 ) تأثير النباحى واضح للعيان فى قصيدة الشاعر السورى المعاصر نزار قبانى التى يقول فى مطلعها :
أيظن أنى لعبة بيديه ... ... ... ... ...
وهنا تجدر الاشارة لتنبيه شباب الباحثين إلى أهمية تتبع أثر النباحى فى الشعر العربى المعاصر وخاصة لدى أعلامه الكبار ، ابتداء من البارودى ، وعلى الغاياتى ، ومرورا باسماعيل صبرى ..
|