وقال يصف قصة زواجه الأول :
وعودك ، أم هذا السـراب المؤمـل
وهجرك ، أم هذا القطار المحول (1)
ولـولا عيـون حيـن ترنو صغيـرة
لأعلنت صرمى ، والقطيعة أجمل
جدائـل يفنى المشط فـى خصلاتها
ويجمعــــها المنديــل حين تهدل (2)
وعند مسيل الخد حرق من الصبا
وخلف شحـــام الأذن يظهر دمــــل
ومهما سعت سلمى لتخفيـه ، إنه
يزينــــها فـى ضحكــــها ، ويجمـل
كتبت لهــا يومـــا خطابـا فمـزقت
خطابى ، وقد يجفو الجميل ويثقل !
فقلت لها والروح فى الحلق: إننى
سئمت ، وصدرى فى الشدائد يسعل
فإمـا وصـال لست أدرى مصيــره
فـــإن ودادى دائــــما يتحــــول (3)
وإمـــا فراق يهـدأ البـــال بـــــعده
فــراق لذيـــذ ، كلما امتــد يعسل !
فقالت : لقد أطريتنـا فـى جمالنــا
فمـــا لك عنـا – رغم أنفك – موئل
إذا كان وجه الصبح ، فاذهب إلى أبى
ولا تنظر الخطاب .. أنت المفضــل
ذهبت إليه فى الصباح ، فلم أجد
لديه جليسا ، والعجوز ( مبهدل ) (4)
وحين رأنى قال : أنت الذى هوت
فأنت بسلمى العـــامريـة موكـل (5)
شعرت كأن الأرض تهوى بأرجلى
وأنـــــى على رغــم الفضـاء مكبل
تزوجتها عامين ، لم أعرف الهنا
وهـل يهنأ الملدوغ ، والسـم يعمـل
قضى الله بالتفريق بينى وبينها
فغارت ... وهذا البيت أبهى وأجمل
( 1 ) يشير النباحى بالقطار إلى قافلة الأبل التى تسير متتابعة فى خط واحد ، وكان بإمكان قائدها أن يحول خط سير القافلة كلها بمجرد أن يأخذ بزمام الجمل الذى يقوده إلى ناحية معينة . وكان هذا العمل يثير غضب من فى القافلة ، تماما كما يحدث الآن حين يجرى تحويل مسار قطار ، أو طائرة .
( 2 ) تهدل : فعل مضارع أصله تتهدل ، وقد أجريت له عملية صرفية دقيقة انتهت به إلى هذا الوضع !
( 3 ) فى س : فإن فؤادى دائما يتنقل .
( 4 ) فى جميع النسخ " والعجوز مسطل " وقد فضلنا عليه ما أثبتناه ، لأنه أحد لوازمه !
( 5 ) فى ك : " فأنت بسلمى تستقل وتحمل "
|