كتبها Administrator
|
الاثنين, 24 نوفمبر 2014 00:55 |
الحالة الثقافية والفنية :
وعلى الرغم من الاضطراب السياسى الذى ساد عصر النباحى ، فقد ازدهرت فى المقابل حركة التأليف ازدهارا كبيرا . ويرجع السبب فى ذلك إلى أن الناس أقبلوا على التعليم – وليس العلم – فانتشرت المدارس ، وراحت كل أسرة تدفع بأبنائها لسرعة الحصول على ( إجازة ) تكون سلاحا على غدر الزمان ، أو سلما إلى دروب الكسب ، أو وجاهة بين الأتراب . وتحت إلحـاح هذه الرغبة الشرهة ، أقبــل الأساتذة والمعلمون على ( التصنيف المنهجى ) وهو نوع من التأليف ، يتميز باصطياد عدد من نصوص المؤلفين القدامى ، وبعض المحدثين الغافلين ، وترتيبها على نحو معكوس ، ثم إخراجها فى ثوب قشيب ، وتوقيع اسم المصنف عليها مصحوبا بأعلى الألقاب العلمية ، المتعارف عليها فى الأوساط الأكاديمية .
أما حركة الترجمة فلم تكن على نفس المستوى ، إذ اعتبرها معظم العلماء مجلبة للأفكار الأعجمية التى تزين لأبناء الأمة حياة الأعداء ، ومن ثم فقد رفضها المجتمع رفضا بدون تبرير . وبعض الذين تعاطوها تحايلوا على ذلك بنقل الكتب الأعجمية نقلا غير أمين ، ونسبوها بعد تحريفها إلى أنفسهم ، باعتبار أنها من تأليف هم أنفسهم ، وبالتالى فقد تجنبوا اللوم ، وتميزوا فى القوم !
وقد انتشر فى ذلك العصر حب الغناء ، وكثر المطربون والملحنون إلى حد أن أصبحت لهم نقابات ، وتلقف الناس أغانيهم ومواويلهم بكل لهفة ، وصاروا يرددونها فى كل زفة (17) وتسابق الناس فى إحياء الحفلات ، مما ساعد على غلاء أجور الطبالين والزمارين والراقصات .
ويذكر الصنجهانى أن قريته ( صنجهانة ) وحدها كانت تضم ثلاثمائة ألف مطرب ومطربة ، مع أن عدد سكانها كلهم لا يتجاوز ثلاثمائة ألف وخمسين نسمة (18) ، ويعلق مسعود الأطرش – وهو معاصر الصنجهانى – بأن هؤلاء الخمسين هم أسرة الصنجهانى نفسه : حاول أن يستثنيها من السوء ، فما زاد على أن جعلها تعيش فى وسط موبوء ، على أن الصنجهانى نفسه كان ذا خفة فى عقله ، ولا ينبغى أن يوثق فى نقله (19) .
ومهما يكن من شئ ، وعلى الرغم من تحامل مسعود الأطرش على معاصره الصنجهانى ، فإن كليهما يثبت تجنب أهل العصر للصراع ، وميلهم الشديد إلى تشنيف الأسماع !
|
آخر تحديث الاثنين, 24 نوفمبر 2014 00:56 |