كتبها Administrator
|
الأحد, 19 مايو 2013 13:03 |
قصيدة ميلاد أربع قطط
الليلُ يسقط فوق شارعنا القديمْ والعائدون إلى منازلهم . . معاطف مثقلاتْ حملتْ من المطر الكثيرَ ، وأوحلت أطرافُها المتمزقاتْ وخلا الطريقْ .. لا شىء غيرُ الصمت ، يقطعه رذاذُ الماء من وقتٍ لآخرْ ! وكما تهزّ الريحُ شُبَّاكى ، فيعوى من تماسكه العتيقْ ماءت هنالك خلف صندوق القمامة .. قطة عجفاءْ وتمرغت فى الوحلِ ، وانتفضت من الأنواءْ وامتد فى وجه السماء تمزّقُ البرق المضىءْ أسلاكَ نارٍ تخطف البَصْراَ وتشعّ تحت سُناهُ عينا القطة السوداءْ نظراتُها المترنحات ، وصوتُها المتقطعُ .. وعلى القمامة أربعُ .. عمياءُ .. تبحث فى صقيع الليلة الحمقاء عن ثدى دفىء.. وتسوخ فى الأوحالِ ، ثم تعود تنكفئُ .. صرخاتها المتلهفات تذوب فى وقع المياه .. "عودى بنا أُمَّاهْ !!" "عودى بنا أُمَّاهْ !!" * * الليلُ يمضى مُثْقَلَ الخطوات ، معصوبَ الجبينْ . والفجر مرتعشُ ، يحاول أن يبين ولا يبينْ . والقطة الجعفاء ذاهبة تفتش عن لُقَيمْه ! "ربَّاهُ .. كلُ الدرب أوحالُ ، ولا ظلِّ لشىءْ !" "والناس مازالوا نياماً ، والقمامة موحلهْ " "حتى القمامةُ .. موحلْه !" وجرت مبعثرةُ ، تسائل كل زاويةٍ وركنْ وتقلَّب الأحجار لاهثةً ، وتعدو لاهثةْ " الجوع يفرى ، والنهارْ سيجىء بالأطفال يعتصرون أمعاء الصغارْ " ولكم تفسَّخ تحت عينيها .. صغارْ ! * * عادت وقد طلع الصباحُ ، وشقَّت الشمسُ الضبابْ لترى الصغار على القمامة ، والرصيف مبعثرينْ الوحلُ فى الأفواه محشوُ ، وفوق رؤوسهم متكِّومُ وعلى محاجرهم دمُ .. وتحسَّست أجسادهم ، فبكتْ ، وماءتْ ، وانثنت للشارع المسدودِِ .. تعبره ، وتسمع فى مداهْ صوتاً يدافعها صداهْ .. "عودى بنا أُمَّاهْ .." "عودى بنا أُمَّاهْ .."
|
آخر تحديث الأحد, 08 مارس 2015 23:31 |