الصدور
صدر مفتوح كالبحرْ
صدر كالقبو المغلقْ
لا توجد فيه فتحات مثل القبرْ
صدر تسمع منه الآهاتْ
صدر تتلوّى فيه الحيّاتْ
صدر يزخر بالعطف على المسكينْ
صدر تُشحذ فيه السكينْ
صدر لا يدع صديقا يقرب من أسوارِهْ
صدر يدعو الناس جميعا ..
لزيارة دارِهْ
* *
الصدر جدار ملتف ،
يبنيه الانسان دفاعا عن قلبه
ويظل يُحصّنه ..
حتى لا يتمكن أحد من أن يطّلع عليهْ
وهنالك من يجعل فيه مزاغل ..
ليراقب منها المتلصص ، والهجام ، وملتقطى الأخبارْ
الصدر جدارْ
قد تُقذف منه الأحجارْ ،
وقد تتمدد فوق حوافيه الأزهارْ
* *
ماذا خلف جدار الصدر ،
سوى أرض جرداء ، وبعض الصبّارْ
ومساكن هُجرت من زمن ،
عشّش فيها البومُ،
وعاثت تحت سلالمها الفئرانْ
آثار هزائم غطاها الرمل ،
وما زالت صامدة ضد رياح النسيانْ !
* *
قالت – وانحدرت من عينيها
دمعاتٌ ساخنة فوق الخدينْ :
لا يوجد صدر خال من أظفار الغدرْ
وسواء كان امرأة أو رجلا ..
فالغدر هو الغدرْ !
لكن الأقسى أن يغدر من نمنحهُ
مفتاح القلب ليسكن فيهِ ،
فيمزقه بالخنجرْ !
* *
وسرى من أعماق السجن أنينٌ مكتومْ
أقسم : لا يوجد فى الصدر سوى أشواك الحقد ،
ونيران الحسد المشئومْ
كان صديقى أقرب لى منّى ..
وأمام القاضى ، بث شهادته سما فى أوردتى
ألقانى خلف القضبان ،
وأحدق بالثروة والزوجة والأولادْ !
* *
وهنالك حول ضريح القطبْ
صاح الدرويش الهائم :
لا يوجد صدر خالٍ ،
من حب الله ومن أنفاس القربْ
وقبيل الموت بخطواتْ
قد يشرق صدر العاصى بالتوبهْ
ويفيض الإيمان على القلبْ
* *
لكن الصدر الأدفأ فى العالم ..
هو صدر الأمّْ
يسقينا لبن طفولتنا ،
ويهدهدنا ،
وننام عليه ونحلُمْ
فإذا ما بعدت عنه زوارقنا ،
ورمتنا الدنيا فى مدن أخرى
حيث البردُ القارس ، والناسْ ..
جئناهُ ، فوجدناهُ مفتوح الأذرع ،
يتلقّانا بمزيد من وَهَج الإحساسْ !
* *
|