هجرة غير شرعية
( بمناسبة غـرق قارب باربعين شابا
مصريا كانوا هاربين مـــن البطالـة
للعمل فى اوروبا .. اغسطس 2012 )
الأربعون !
كانوا شبابا يافعينْ
قدموا من الدلتا ،
ومن عمق الصعيد ،
ومن دروب العاصمهْ
بسواعد سمراء لوّحها لهيبُ الشمس ،
وامتلات بأشواك اليقينْ
كانوا جميعا جائعينْ
يتوقعون الخبز فى أفران أوروبا
وقد يتطلّعونْ
لصبية شقراء تختصر المصاعب والسنينْ !
كانوا شبابا حالمين
يتلمسون الفجر يخرج من شقوق الليل ،
والأزهار تنبت فى عرى الصبّار ،
كانوا صامتينْ
فى صدر كل منهمو أمل حزينْ
وأثارة من ذكريات لم يفارقها الحنينْ
وتجمعوا فى ركن مقهى ،
لم يكن فيه سوى ضوء هزيل !
قسماتهم تحكى عطاش الأرض ،
فى صيف الشراقى ،
والعيونْ
لم تكتحل بالنوم .. آلاف السنينْ
وتحجرت فيها دموع الكادحينْ !
وأتى المقاولُ ،
أفرغوا فى جيبه ما يملكونْ
وكأنهم .. ثمنا لحب الموت كانوا يدفعونْ !
وعلى رمال الشط .. ساروا مرهقينْ
وتقاطروا متسللينْ ..
حسبوا الخلاص بأن يجوبوا البحر ،
بعد البر .. غير مجهَّزينْ
فى قارب شاخت قوادمهُ ،
وضجّ به الأنينْ !
كان الظلام يلفهم ،
والموج يرفض ضربة المجداف فى غضب عنيدْ
والملح يصعد للخياشم والجفونْ
والبحر ..
ليس البحر تلك اللوحة الزرقاءَ ،
تملأ حائط الأفق الجميل
بل غضبةَ المجهول ،
تعتصر الضحايا فى ذهولْ !
حتى الشراع تمزقت أحباله ،
وسرت من الألواح .. رائحةُ الجدودْ !
غرق الذين استسلموا ،
وطفا الذين تماسكوا ،
واحتار فى تعدادهم .. حرسُ الحدود !
* *
فى نشرة الأخبار ، قالوا :
إنهم بعض الشباب الضائعينْ
الخارجين على قوانين البلاد ،
وقد تملكهم جنونْ !
وتحدث الفقهاء عن سوء المصير ،
لكل منتحرٍ ،
وقال البعضُ :
بل شهداءُ فى حلل الحريرُ !
* *
|