أيتها السَّيِّدة الجَميلة
[كُتِبت خِطابًا مباشرًا لمصر .. التي حين احتاجت إلى دعم مَنْ ساعدتهم .. لم تجد أحدًا منهم !]
أيَّتُها السِّيدة الجميلهْ
أيتها السيدة النبيلهْ
ما كلُّ هذه الدموعْ
في عينك الواسعة الخضراء ؟ !
وأنت تجلسين تحتَ نخلة عجفاءْ
على ضفاف تُرعة ، شحيحة المياهْ
وخدك النحيلْ
مستند على يدكْ
تُفكِّرين في قَساوة الأبناءْ ..
وكيف أبعدوا مع الضحى ،
ولم يُعاودوك في المساء !
وسوف يهجُم الشتاءْ
لا كسرة في البيت ، لا غطاءْ !
وأنت دائمًا تُردِّدين :
الموت خير مِن شراب الذلّْ
والقبر خير من سؤال الجارْ ! !
* *
أيتها السيدة الجميلهْ
أيتها السيدة النبيلهْ
لقد تقادمتْ بكِ الأيامْ
وانكسرت في صدرك السِّهامْ
وأنت ترقبين مقدمَ الغزاة حين يدخلون ،
وابتسامة الحكَّام حين يصعدون ..
لا فرق إلا في الخطى ، وفي اللجامْ !
ورغم حقلك المَليء بالندى ،
ونِيلك الفياض بالأحلامْ
حملتِ حزنك الثقيل ،
واحتملت كل هذه السنينْ
وكنت دائمًا تفضلين
فضيلة الصَّمت على بلاغة الكلام !
* *
أيتها السيدة الجميلهْ
أيتها السيدة النبيلهْ
لقد حَسِبت حينما مضى الغزاهْ
أن يَطلُع الصبح ، وتبدأ الحياهْ !
لكن كسر القيد لم يكن نجاهْ
فقد تكالَب الطُّغاهْ
واشتدت القسوة بالقساهْ
وانفردوا بالمال يجمعونه ، ويجلسونْ
على مقاعد ( البِسينْ )
بطونهم منتفخهْ
عيونهم مفخَّخهْ
إذا تَحدَّثوا .. فبالسيجارْ !
وإنْ تهامسوا .. فبالكافيارْ !
* *
أيتها السَّيدة الجميلهْ
أيتها السَّيدة النبيلهْ
إلى متى يظلُّ ذلك السوادْ
يلف شمسك ،
التي تلوح مِن خلال ثوبك القديمْ ؟ !
ودائمًا تُقطِّبين
فلا افترار بسمة ،
ولا رنين ضحكة مجلجلهْ !
بل الأسى ، والصمت ، والدموعْ
وسرك الدفين
متى يظل مُغلقًا ، ولا يبينْ
كأنَّه الموت الذي يرقد في القبورْ
مُنتظرًا إشارة البعث ،
وصَيحة النشورْ ؟ !
* *
أيتها السَّيدة الجميلهْ
أيتها السَّيدة النبيلهْ
لقد غسلتِ قلبَكِ الكبير بالإيمانْ
وكان صافيًا ، فصار كالمَرْجانْ !
أحببت كل الناس دونما كراهيهْ
والطير ، والقطة ، والجُعران ..
لكن ليلكِ الطويل حين حلّ ،
لم يكن مجاملا
هوى عليك مثل داهيهْ !
تمددت لألف عام !
وكنت مثل اليوم ،
تجلسين تحت نخلة عجفاءْ
كأنها كفٌّ إلى السماءْ
مرفوعة بلهفة الدعاءْ
فما الذي تقوله في ذلك الدعاء ؟
وهل ترى .. تُجيبها السماء ؟ !
* * *
|