الشيخ د. عبدالحليم محمود

الشيخ عبدالحليم محمود

وأنا طالب بالسنة الثانية بكلية دار العلوم ، شكوت إلى أستاذى السيد صقر قلة ذات اليد ، وعدم وجود مورد مالى أنفق منه على ما أحتاجه من كتب ومراجع، فأرسلنى ذات يوم إلى صديقه الشيخ عبدالحليم محمود ، وكان يومها عميدا لكلية أصول الدين – قبل أن يتولى مشيخة الأزهر الشريف .

ذهبت إليه فى مكتبه فاستقبلنى الرجل استقبالا حسنا ، وودوداً . وكلفنى بنسخ الجزء الخامس من موسوعة (مسالك الأبصار للعمرى) ، الخاص بالفلاسفة والصوفية المسلمين . وقد قمت بالعمل على وجه طيب ، مما جعل الرجل يزيد ثقته فى ، خاصة وأننى كنت أشير إلى الأبيات الشعرية المكسورة الوزن وكان هو معجبا بذلك جداً . بل إننى اكتشفت فى المخطوط المصور بدار الكتب عملية تقديم وتأخير لا يلتفت إليها أحد ، وأرجو أن يكون قد خرج الكتاب بعد ذلك على الوجه الصحيح .

كنت أجلس إلى الشيخ عبدالحليم محمود ، وهو يتحدث عن منهج الصوفية المسلمين ، واعتمادهم الذوق مرجعاً للمعرفة ، بدلاً من الاعتماد الكامل على العقل من ناحية كما لدى الفلاسفة والمتكلمين ، أو على الحس وحده كما لدى الماديين. وكان الرجل يتكلم بلهجة صعيدية وصفاء روحى عميق مما كان يؤثر فى نفسى كثيراً .

وهكذا رغم أن الشيخ الجليل لم يدرس لى فإننى أستطيع القول بأننى تتلمذت على يديه فى تلك الفترة المبكرة من عمرى ، ومازلت أذكر جلساته معى فى مكتبه بكلية أصول الدين ، وقد ساعدنى يومها مادياً

عودة