تقديم لازم طباعة
كتبها Administrator   
الخميس, 08 أكتوبر 2015 15:14

تقديم لازم


الذين درسوا لى يمكن أن يزيد عددهم على المائتين. أما الذين أثروا فى تكوينى فلا يزيدون عن العشرة . وهذا يعنى ببساطة أننا لا نتعلم من كل مَنْ يخاطب عقولنا فقط، بل من الذين يصلون إلى عقولنا وقلوبنا معا. وذلك هو سر العلاقة الحميمة التى تربط المعلم بالمتعلم، والأستاذ بالطالب ، والمدرس بالتلميذ . بل انها تمتد لتربط بين الأسطى وصبيه فى مختلف الحرف التى نشاهدها.


ومع أن الإنسان الذكى يمكنه أن يعلم نفسه بنفسه ، فإنه يظل بحاجة إلى من يأخذ بيده إلى المنهج الصحيح فى اكتساب المعرفة ، وبذلك يوفر عليه الكثير من الجهد والسهر. وأذكر أن محيى الدين بن عربى كان يردد دائما أنه سار فى طريق التصوف بدون شيخ – وهذا نادر جداً – لكنه عاد فاعترف بعدد كبير من الشيوخ الذين صحبهم ، وأفاد منهم كل فى مجاله . وكتب فى ذلك كتابا بعنوان (الدرة الفاخرة فيمن انتفعت به فى طريق الآخرة) وكذلك كتابا آخر بعنوان (روح القدس فى مناصحة النفس) ذكر فيه حوالى سبعين شيخا وشيخة ممن تعلم على أيديهم !


لذلك وأنا فى السبعين من عمرى ، أقف قليلا لأتذكر هؤلاء الذين علمونى، وأعترف بفضلهم ، وكذلك أولئك الذين قابلتهم أثناء مسيرتى العلمية ، بالإضافة إلى بعض الأساتذة والأصدقاء الذين تصافيت معهم، وكانوا عونا لى على تحمل عقبات الحياة.


أما باقى الذين درسوا لى ولم أتأثر بشئ مما قالوه فلا أنكر فضلهم ، لكننى أعترف بأنهم كانوا يؤدون وظيفتهم التدريسية كما يحددها لهم قانون المؤسسة التعليمية ، دون النظر إلى الاقتراب أو التقرب من التلامذة الذين كانوا يدرسون لهم ، ولذلك راح مجهودهم فى الهواء ، ولم يحدث بينهم وبين تلامذتهم تواصل الأجيال . وفى ختام هذا التقديم أذكر أن التدريس أو التعليم وظيفة ثقافية وتربوية واجتماعية وروحية هى بكل المعانى امتداد لرسالة النبوة .

 


عودة

 

 

آخر تحديث الخميس, 08 أكتوبر 2015 15:22