تجربة إلى فرنسا - 4 طباعة
كتبها Administrator   
الثلاثاء, 09 يونيو 2015 21:09

تجربة إلى فرنسا (4)

 


فى منتصف شهر يونيه الماضى ، دعيت من جامعة ليون بفرنسا للاشتراك فى مناقشة رسالة دكتوراه ، كان موضوعها طريفًا للغاية ، وهو القيم الروحية فى الصلاة عند كل من المتصوفة المسيحيين والمسلمين حتى القرن 13 الميلادى .


وقد حصل عليها الباحث المصرى محمد سلامة بمرتبة الشرف الأولى وكان بالفعل نموذجًا مشرفًا للشباب المصرى الذى يعمل بجد عندما تتاح له الإمكانيات العلمية المناسبة . وقد أسعدنى كثيرًا ذلك الثناء الذى تلقاء الباحث المصرى المسلم من كبار الأساتذة والمتخصصين فى الديانة المسيحية، حين ناقشوه ، واعترفوا بأنهم قد استفادوا كثيرًا من قراءة بحثه.


المهم ، دعانى أحد الأساتذة فى اليوم التالى لمناقشة الرسالة ، إلى حضور مؤتمر مصغر لطلاب الدكتوراه من سائر الجامعات الفرنسية فى هذا المؤتمر يلتقى الطلاب الذين مضى على إعداد أبحاثهم حوالى سنتين لكى يعرض كل منهن أمام زملائه موضوع رسالته والمنهج الذى يتبعه ، والعقبات التى تصادفه ، والنتائج التى يهدف إلى الوصول إليها.

 

كل جلسة من هذا المؤتمر الطلابى ، أى الذى يديره الطلاب بأنفسهم تتضمن ستة متحدثين ، كل منهم له عشر دقائق ، والمنبه موجود أمامهم لكى لا يزيدوا دقيقة واحدة. أما نحن الأساتذة فلا يحق لنا التدخل فى المناقشات التى يجريها الطلاب مع بعضهم البعض.

 

فقط نستمع ونلاحظ ، ونحتفظ بآرائنا وانطباعاتنا حتى إذا انتهت الجلسة ، وأصبحنا فى استراحة الشاى ، راح كل منا يتحدث مع الطالب الذى سجل على عرضه ملاحظة .. كان المجال هو تاريخ العصور الوسطى ، وبالطبع تناول العديد من الموضوعات التى تتعلق بالعالم العربى والإسلامى مثلاً ما دار حول نشأة (الخان) وتطوره لدى العثمانيين ، ومنها ما تعرض لمكان ومكانة دير سانت كاترين بمصر، ومنها ما تناول الحلى والأساور التى تم العثور عليها فى أعمال الحفر الأثرية حول مدينة دمشق..


و هكذا وجدتنى اجلس فى جامعة ليون بفرنسا، واستمع لباحثين شبان من مختلف الجامعات الفرنسية ، يتناولون بالدراسة موضوعات من صميم حياتنا الثقافية والاجتماعية، محاولين إلقاء الضوء على مناطق محددة فى تاريخنا وحضارتنا. وساعتها قلت لنفسى : لماذا لا نقوم بمثل هذه التجربة فى جامعاتنا : تلك التجربة التى نعطى فيها دفة القيادة لطلاب الدراسات العليا لكى يناقشوا أنفسهم بأنفسهم، قبل أن يناقشهم الأستاذة ؟ ولماذا لا يجتمع أهل كل مجال فى سائر الجامعات المصرية فى مثل هذا الملتقى ليناقشوا الأبحاث المستقبلية التى يجريها شباب الباحثين الذين سوف يكونون هم علماء الغد ؟ وأخيرًا ، لماذا لا نقيم تعاونًا علميًا مشتركًا بين طلاب الدراسات العليا لدينا ، وبين أمثالهم فى جامعات العالم المتقدمة ، من أجل مزيد من التفاعل ، وتبادل الخبرة ، والإفادة من التجارب المتنوعة .

 


عودة

 

آخر تحديث السبت, 20 يونيو 2015 21:12