ملحمة الميدان |
كتبها Administrator |
الاثنين, 25 فبراير 2013 14:13 |
ملحمة الميدان [إلى شباب ثورة 25 يناير . . تَسجيلٌ شعريّ لبعضِ ما حدَث فيها..] كان الميدانْ منبسطًا كالخدِّ الأملس, والأركانْ ترصُدها الشرطة في شِبه اطمئنانْ أكشاكٌ وجرائد فوق الأرْصِفة وسيَّارات رائحة غادية ووجوه مرهقة , ودخانْ لا شيء يُعكِّر صفوَ الأمن سوى معتوهٍ يخطُب بجوار المتحف قال الضابطُ للجندىّ : « اترُكْه يخرّف حتى يُسقطه الهذيانْ ! » * * كان الميدانْ تتوقَّف أحيانًا فيه الأنفاس عن الخَفَقانْ وتجاهَ حوائطه يصطفُّ جنود الأمن ، بخوذات مِن مختلف الألوانْ ويمرُّ الموكبُ منسابًا كالثُّعبانْ ! نحو المجلس ؛ كي يُلقي قائدُه المغوار خطابًا ، يَتناثر فيه البُهتانْ وتتابعه الأعناق الممتدة ، والآذانْ ! ! * *
كان الميدانْ لا يدري أن الأرض الساكنة ستهتزّ ، وأنَّ الحوضَ الفارغ سوف يَفيض بماء الطوفانْ ! فتيات ، وشباب مِن عشَّاق الإنترنت ، ومن أعماق العشوائيات . . اجتمعوا . . ذابوا . . اندمجوا . . هتفوا للوطن المخطوف ، ونادَوْا بالتغييرْ صرختُهم طارتْ في كلِّ مكانْ دهمتهم قوات الأمن المثقلة بأسلحة التنكيل ، الخالية مِن الإيمانْ ! دهَستْهم ، ألقت فوق رؤوسهم الماءَ المغليّ ، وراحت تمطرهم بقنابل ، وهَراواتْ ! سقط القَتْلى ، والجرحى . . لكن الجمع تماسك أقوى ممَّا كانْ ! صمَدوا . . ناموا فوقَ الأسفلت ، وغطَّوْا أنفسهم بصقيع يناير ، ظلَّ هتافهم الصارخ يدوي في الأركانْ * * في هذا الميدان كانتْ موقعة مِن أغرب ما شهدتْ مصر . . على مرِّ الأزمانْ ! خَيل ، وجِمال ، وسيوف بدويهْ ! تَخترق الكُتلَ البشريهْ جاءتْ كي تطفئ نورَ الحريهْ لكن الصوت الهادر لم يخمد ، بل زاد الغليانْ * * وتوالتْ معركة الأحجارْ كالأمطارْ تقذفها أذرعة المرتزقهْ لتعود إصاباتٍ في العينين ، وفي الرأس ، وفي الوجدانْ ! لكن الثوار اتحدَّوْا . . صمدوا . . صدوا العدوانْ * *
وأخيرًا جاءَ القناصة مِن فوق الأسطح ، فاختاروا أن يَجتثّوا . . أفضل ما زَرعَتْ مصرُ من الشبانْ ! سقطوا برصاص مأجور ، وجبانْ ورَوى دمُهم أرضَ الميدانْ ميدان الفارق بين الحق وبين الطغيانْ * * لكن اللحظة ما لبثتْ أنْ حانت ، واحتشدت في الأُفق سحابات القدَر الهتّانْ سقط الطاغية مِن القصر ، المشدود البنيانْ لم يسقطْه زلزالٌ أو برْكانْ . . أسقطه الصوتُ الهادرُ مِن أعماق الشبانْ أسقطه الميدانْ ! |
آخر تحديث الخميس, 20 يونيو 2013 22:10 |