الهارب |
كتبها Administrator |
الأحد, 24 فبراير 2013 13:47 |
الهارب [كُتِبت في عهد مبارك .. عن بطلٍ مجهولِ الهُويَّة من الذين قالوا: لا.. فكان لابد أن يقتلوه !] جاء يدقُّ البابْ كأنه عاصفة من الترابْ وحينما فتحتُ كان في ثياب السِّجن ، صحْتُ: - هل هربْتَ ؟ ! لم يردَّ ، وارتمى على يديّ رأيتُ ظهره مضرجًا بالدَّم سمعتُهُ يهمسُ: - إنَّها الكلابْ ! * * أيّ مساء يحمل الشرَّ أتى به إليّ ؟ ! وما الذي ذكَّره بمنزلي في وسط المدينهْ ؟ ! أدرتُ ألف هاجس ، وعدت بالضمادهْ أسألهُ: - هل أحد رآكْ ؟ أجاب في ارتيابْ: - لعلَّه البوَّابْ ! * * ناولتُه الشايَ ، وقلتُ: - إنَّهم سيعرفونْ ! عاتبني بنظرة طويلة منكسرهْ كان يُريد أن ينامْ تركتُه للفجرْ .. تركتُه للعصرْ .. تركتُه لليلة الأخرى ممدِّدًا على السريرْ ومقعدي الهزَّاز لا يقرّ .. مِن ضراوة التفكيرْ ! * * حين صحا ، أخبرني بأنَّه جوعانْ أحضرت كل ما لديَّ من ألوانْ انقضَّ مِثل حوتْ وقال: إنه يحسُّ باستعادة النشاطْ ولا يريد أن يموتْ ! * *
سألتُ: - ما الذي تنويهْ ؟ التمعتْ عيناه فجأةً ، وقال لي: - أمارس التمويهْ ! * * كنتُ أسيرُ في الطريق ، مثلما الجرذِ الذي يخشى الخطا ، ويختبي .. من وَهَج العيون ، وانقضاضة الأصحابْ وفوق مكتبي ، أطالع الجرائد المروِّعهْ صورتُه تملؤها .. أخبارُه تُلهِبها .. أجهزة البوليس لا تنام عنهُ .. كاد بعضها يُحدِّدُهْ ! ! * * يقول لي المدير عندما يلاحظ اضطرابي - أراك مُرهقًا ؟ أقولُ: - إنَّني مريضْ ! * * أدخلُ بيتي ، حاملًا كتابه الذي تَخيَّرهْ . وخَنْجَرهْ وقبل أن أُعطيهما له ، وأستعد كي أصرخَ فيه: « إنَّني سئمتُ من وجودك الثقيلْ .. » يخبِّرني بأنه قد قرَّر الرحيلْ * * أيّ هواء طازج هذا الذي ينداح في المكانْ ؟ ! وأي راحةٍ أحسها بأضلعي ، التي تشوَّقت للحظةٍ من الأمانْ ؟ ! للمرة الأولى .. شعرتُ أنني أريد أن أنامْ أحبُّ أن أنامْ أسلمتُ للكرى جفوني المسهَّدهْ وغُصتُ في بحيرةٍ مِن الغمامْ * * مع الصباح .. كان لون النصر في واجهةِ الجرائدْ وفرحة المذياع تملأ الدروب والمقاهي .. سألتُ: - ما الذي يدورُ ؟ قيل لي: - تَمكَّن الجنودُ من جَنْدَلةِ الهاربْ واستخرج البوليسُ مِن جيوب سترتِهْ كتابَه وخنجرَهْ ! ! * * *
|
آخر تحديث الأحد, 24 فبراير 2013 13:50 |