كتاب قوانين القران |
كتبها Administrator | |||
الجمعة, 18 يناير 2013 20:51 | |||
تقديـم القرآن الكريم هو كلام الله تعالى ، المنزل على محمد(ص) بلسان عربى مبين ، لكى يصلح به حال الأفراد وشئون المجتمعات فى الدنيا والآخرة . وقد جعله الله تعالى معجزة رسوله الكبرى ، وتعبّد المسلمين بتلاوته ، وألهمهم حفظه فى الصدور ، وكتابته فى المصاحف ، ويسّر تداوله وانتقاله بالتواتر من جيل إلى جيل ، تحقيقا لوعده القاطع ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [سورة الحجر ، آية 9] تبلغ سُوَر القرآن الكريم (114) سورة ، تتفاوت بين الطول والتوسط والقصر ، كما يصل عدد آياته (6236) آية . ويطلق على القسم الذى أنزل على الرسول (ص) بمكة (مكى) وهو أكثر قليلا من القسم (المدنى) الذى أنزل عليه بالمدينة ، وذلك لأن إقامته بعد البعثة بمكة كانت (13) عاما ، وفى المدينة عشرة أعوام فقط . ويتميز القرآن الكريم ، بالإضافة إلى فصاحة ألفاظه ، وبلاغة أساليبه ، وخفته على اللسان ، وحسن وقعه فى السمع – بإخباره بأمور مغيّبة ، ماضية أو مستقبلة ، واشتماله على أخلاق سامية ، وحقائق ناصعة ، وشريعة عادلة ، صالحه لجميع البشر فى كل زمان ومكان ، ثم بعد ذلك كله : سلامته من التعارض والتناقض ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) [سورة النساء ، آية 82] . وقد دعانا القرآن الكريم فى مواضع كثيرة إلى أن نتدبر آياته ، ونتأمل معانيها ، ونتابع ما يقدمه لنا من سنن كونية ، وحقائق إنسانية ، كما نعتبر بما حدث للأمم السابقة مع أنبياء الله الذين أرسلهم لهدايتها ، وكيف حاقت بها عواقب كفرها وعنادها. للقرآن الكريم جوانب متعددة ، يمكن للباحثين أن يعكفوا على كل منها ، دون أن يحجبهم التخصص فى جانب واحد عن رؤية باقى الجوانب الأخرى ، وذلك لأنها قد تتعدد وتتنوع ، ولكنها فى النهاية تتلاقى وتتكامل . ويعدّ القرآن الكريم بحق هو مفجّر الحركة العلمية لدى المسلمين . فقد أدى إلى نشأة منظومة متكاملة من العلوم والفنون التى تفاعلت فيما بينها ، كما نشأت منها وتطورت علوم أخرى كثيرة : - فمن الاهتمام بنطقه وتلاوته ، نشأ (علم القراءات) . - ومن الاهتمام بنسخه وكتابته ، نشأ (فن الخط العربى) - ومن الاهتمام بشرح ألفاظه ، نشأ (فن المعاجم) . - ومن الاهتمام بصحة نطق عباراته ، نشأ (علم النحو) . - ومن الاهتمام بإعجازه البيانى ، نشأت (علوم البلاغة) . - ومن الاهتمام بتفسير آياته ومعرفة أسباب نزولها ، نشأ (علم التفسير). - ومن الاهتمام باستخلاص واستنباط أحكامه ، نشأ (علم الفقه). - ومن الاهتمام بالدفاع عنه ضد خصومه ، نشأ (علم الكلام). - ومن الاهتمام بجوانبه الروحية ، نشأ (علم التصوف) . - ومن الاهتمام بمثله العليا ، نشأ (علم الأخلاق) . - ومن الاهتمام بأخبار الأمم السابقة ، نشأ (علم التاريخ).. ومن أبرز ما يحتوى عليه القرآن الكريم دعوته إلى تحرير العقل الإنسانى من كل القيود التى تعوق عمله فى مسارب الأرض ، وانطلاقه فى آفاق الكون ، ومن أهمها : التقليد الأعمى لموروثات الماضى ، والخضوع إلى سلطان الأهواء مختتما آياته فى هذا الصدد بعبارة (أفلا تعقلون) ، (لعلم تعقلون) ، (إن كنتم تعقلون) ؟! وبحكم تخصصى لسنوات طويلة فى دراسة الفلسفة الإسلامية ، ومتابعتى لما ظهر فيها من فرق دينية ، ومذاهب عقلية ، احتوت على الكثير من الآراء والنظريات ، فقد هدانى الله تعالى بفضله وكرمه أن أرجع إلى القرآن الكريم ، وأن أعكف على قراءته بتأمل وتدبر ، لكى أقف منه على الأسباب التى أدت بالمسلمين ، رغم أنهم يؤمنون جميعا به ، إلى الفرقة والتخاصم ، اللذين وصلا بهم أحيانًا إلى الصراع والتقاتل . وقد تبين لى بكل جلاء أنهم وقعوا فى ذلك : إما لابتعادهم عن هدى القرآن الكريم ، ومحكم آياته ، وإما لمحاولتهم استخدام بعض آياته لدعم اتجاهاتهم المذهبية التى تخدم أغراضهم الشخصية . وقد وجدت الأمرين ينطبقان على كل من علماء الكلام وفلاسفة المسلمين . وقد جاء كل هؤلاء وذهبوا .. لكن القرآن الكريم ظل قائمًا فينا ببيانه الناصع ، وحكمته الخالدة . وفى أثناء قراءتى المتأنية للقرآن الكريم ، تابعت بصفة خاصة ، ما ورد متناثرا فيه من (السنن الإلهية) التى جعلها الله تعالى حاكمة على ظواهر الكون ، ومختلف أحوال الإنسان . ومن خصائص هذه السن أنها عبارة عن (قوانين) كلية ، وعامة، ويمكن تطبيقها بسهوله على سائر الجزئيات التى تندرج تحتها على نحو لا يتخلف ، كما يمكن لكل إنسان ، بل لكل أمة أن تتزود بها ، وأن تستفيد منها . فمثلا إذا تأملنا قوله تعالى ( وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) [الحج سورة ، آية 5] وجدنا أننا بإزاء ظاهرة طبيعية يحكمها قانون ثابت لا يتخلف ، بمعنى أن عناصر هذا القانون إذا توافرت فى الظاهرة أدت بالضرورة إلى نتائجها . وإذا تأملنا قوله تعالى ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) [سورة الرعد ، آية 11] فنحن هنا بإزاء قانون اجتماعى يعنى أن الشعب الجاهل الكسول يمكن أن يظل خاضعًا لأسوأ حالاته المعيشية حتى يقوم بتنوير عقله بالعلم ، وتطهير نفسه بالإيمان ، وحينئذ يصبح مؤهلاً لتلقى العون الإلهى الذى ينقذه مما هو فيه . وقد تتبعت أمثال هذه السنن الإلهية ، أو القوانين القرآنية وقمت بجمعها على قدر طاقتى ، ثم صنفتها فى مجاميع ذات عناوين محددة ، بلغت سبعة وعشرين عنوانا ، يحتوى كل منها على عدد من الآيات التى تعبر بصراحه ووضوح عن تلك الحقائق الإلهية التى أتحفنا الله تعالى بها ، فوفَر علينا الكثير من الجهد ، وجنبنا الوقوع فى الخطأ ، وقدمها هدية خالصة لمن يتأملها بوعى ، ويصونها باهتمام .
أطلقتُ على مجموع هذه الآيات الكريمة عنوان : (قوانين القرآن) على أمل أن يقرأها المسلم فيقف على كنز واحد فقط من كنوز القرآن الكريم . أما غير المسلمين الذين لا يهتمون عادة إلا بالحقائق الملموسة ، فلعلهم يجدون فى مجموع هذه الآيات من القوانين الكونية والإنسانية ما يدفعهم إلى إعادة التفكير فى أن القرآن الكريم ، الذى بلّغه محمد (ص) خلال النصف الأول من القرن السابع الميلادى – ليس من صنعه ولا اختراعه ، وإنما هو( تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ) [الشعراء ، والواقعة ، والحاقة] أدعو الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم ، وأن يغفر لصاحبه ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأن يجعله من العلم الذى ينتفع به بعد وفاته .. إنه واسع الرحمة ، مجيب الدعاء . رمضان 1432 أغسطس 2011 حامد طاهر
المقصود بـ (قوانين القرآن) هى السنن الإلهية التى أجراها الله تعالى فى الكون ، وجعلها حاكمة على أحوال الأفراد والمجتمعات ، وهى تمتاز بأنها قوانين كلية ، وعامة، ويمكن تطبيقها بسهولة على سائر الجزئيات التى تندرج تحتها على نحو لا يتخلف ، كما يمكن لكل إنسان ، بل لكل أمة أن تتزود بها ، وتستفيد منها . ومن ذلك قوله تعالى ) وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ( [سورة الحج ، آية 5] .. فهذا قانون طبيعى. ومن ذلك قوله تعالى ) إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ( [سورة الرعد ، آية 11].. فهذا قانون اجتماعى . ومن ذلك قوله تعالى ) يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ( [سورة البقرة ، آية 276] .. فهذا قانون اقتصادى.
موضوعات الكتاب :-
مسئولية الإنسان عن اختياره وعمله
|
|||
آخر تحديث الجمعة, 22 نوفمبر 2019 15:47 |