كليلة ودمنة |
كتبها Administrator |
الجمعة, 26 يوليو 2019 14:07 |
كليلة ودمنة: [ حوار مستمر... ] (1) كليلة – أراكَ اقتربتَ كثيرا دمنة – على العكس.. إن طريقي طويلٌ، وإن أمامي كثيرًا ك- لقد صار يسمعُ قولك في الوزراء؟! د- ولكن هذا الوزير تطَّلبَ جهدَا كبيرًا.. ك- تريد القضاء عليهم جميعًا ؟ د- طموحِيَ ليس صغيرًا.. ك- حنانيْكَ.. قد تحرق النارُ كفّيْكَ د- إنّي أُحرّكها باقتدار، وأعرف كيف أهيج الدخانَ، وأطفئ – حين أريدُ- السعيرا.. (2) كليلة – حزينٌ؟ دمنة - أجلْ.. بدأوا يهمسون إليهِ ك- وكيف عرفتَ؟ د- دعاني وأفضى إليَّ ك- أما زال مستوثقًا منكَ ؟ د- لا يفتحُ القلب إلا لديّ ولا يكشف السر إلا معي! ك- تمنيتُ لو قُدْتَهُ للصوابِ د- أنا لا أُعاند صَوْتَ الطبيعةِ، لكنني أَدْعَمُهْ! ك- على الشرِّ، والظلمِ، والنزواتِ ؟! د- على كل ما يحتوي موسِمُهْ فحينًا يكون سحابةَ حبٍّ، وحينًا غبارًا، وعاصفةً، وانتقاما.. وما دامتُ الريحُ تجتاح غيري، فلستُ بُملْقٍ عليها ملاما.. (3) كليلة- نَشَدْتُكَ حول العرينِ، فقيل: اختفى من ليالٍ، ولا يعرفون السببْ! مريضٌ؟ دمنة- أنا في اكتمالي مُعافَى ك- حسبتُك أُبْعدْتَ د- ما زلتُ في موقعي المتفرّدِ، لكنني في الشهور الأخيرةْ تأملتُ حالي طويلًا .. وقلتُ لنفسي : كما يختفي البدر عن عاشقيه، وتُمسكُ عن طالبيها السَّحُبْ أريدُ ليصبحَ وجهي بشارهْ ومرآي أُمنيةً للأسدْ! ك- ألستَ أثيرًا لديهِ د- أفسّرُ أحلامه في الصباحِ وعند الظهيرةْ أكونُ الرفيق على المائدهْ وبعد العشاءِ، أظلّ أقُصُّ عليه الحكاياتِ.. حتى ينامْ د- مكينٌ إذن.. ما الذي يُزعجكْ؟ ك- أخاف من الملل المستكنِّ، يدبّ إلى قلبه، يجتويني، لذلك قررت أن أتَخفى قليلا.. ولكنني قلقُ حائرٌ، أخافُ عليه نديمًا دخيلا !! د- هو الخوفُ في البعد والقربِ ؟! ك- آه.. لقد صرت فعلًا عليلا.. (4) كليلة- رأيت الطبيبَ على البابِ دمنة- لم يعرف الداءَ بعدُ.. ك- وما كلُّ هذي الورودِ؟! د- لقد أرسلوها من القصر.. ك- فَدَيْتُكَ: هذا الوفاءُ الجميلُ.. د- ولكنهُ ما سألْ! ك- شواغِلُهُ ربما المرْهِقَهْ د- وأيّ شواغلَ عنّي.. هم الحاسدون استعادوا الثّقةْ! وأُقِسمُ أَنّي لهم – أجمعين- إذا ما استعدتُ شفائي، وعاودني الصحو، والعافيةْ ك- دع الآن رأسك فوق الوسادة.. د- لا أَحْتَمِلْ! كليلة- غدوتَ نحيلا.. دمنة- نحول الأسى في الفؤادِ، وليس نحولَ الجسدْ ك- تحيّرتُ في مطمحكْ وأيّ طريق .. تسير عليه إلى مصرعكْ! د- خُلقتُ ضعيفًا كما تعلمُ.. وأدركتُ أن الوجود صراعٌ من البدءِ للمنتهى.. صراعٌ، يحطّمُ ، يستهلكُ.. فقررتُ أن أحتمي بالقويّ وأصبح أقوى بما يملكُ.. لهذا دخلتُ إليه العرينَ، وأفرغتُ عقلي في رأسهِ، صرتُ أضربُ من قبضتيْهِ، وأفزعُ خصمي بهذه اللَّبَدْ! ك- ولكنك الآن مُلْقىً.. تحاذر ألا يراكَ أَحَدْ! د- عتابَك قَاسٍ على علّتي! ك- أُبصِّر فيك الصديق القديمَ، وأسعى لأنزع منك الفتيلَ.. الذي يَتَّقدْ! (6) كليلة- أراك تَحسّنتَ دمنة- حين دعاني إليهِ ك- إذنْ عدتَ!! د- قلتُ له «أَبعِد الشامتين» فعلّقهم في رؤوس الشجر ك- حسبتُك بعد الشفاء تعقّلتَ! د- أصبحتُ أقربَ مما غَبَرْ أنا الآن آمر، أنهي، أُعاقِبُ من شِئْتُ.. صرتُ المكلَّف بالسجن، والمؤْتَمِن.. على المال، والجيشِ، بالأمس أسلمني خاتمه! ك- تحقّقَ حُلْمَكَ؟! د- لكنّ خوفي من الموت ما أَعظَمَهْ!! ك- أراك معافى.. د- أنا .. لست من أقصدُ ك- مريضٌ هو؟! د- تخّلى عن الصيْدِ، أَخْلَدَ للراحة المطلقهْ ينامُ، ويصحُو ليأكلَ، ثم ينامُ.. وهذي علامة موت الأسودْ! ك- صديقي وداعَا.. فإني أُحسّ بمصرع ثور، وأشعر أنك أنت الوقودْ! د- تفارقني حين أحتاج لَكْ! ك- وأَيْ احتياج لمثلي.. وأنت تُفَنِّدُ قولي د- إذن لا تباعدْ كثيرا، وقل لي : متى نلتقي؟ ك- إذا ما رجعتَ كما كنتَ.. تحملُ جلدَ ابن آوى.. وتنشد صيدك مثلي، وتخشى من الليل مثلي.. وتحفر في الأرض جحرك مثلي.. د- تريد رجوعي إلى العيشة المرة الضيقهْ ؟! ك- هنيئا لك التاج، والمجد، والمشنقهْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |