عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
واجبهم وحقوقنا عليهم


واجبهم وحقوقنا عليهم صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
الجمعة, 13 مايو 2011 14:42

واجبهم وحقوقنا عليهم

أ . د . حامد طاهر



بانتصار ثورة 25 يناير  سقط نظام ، وبدأ الاستعداد لإقامة نظام جديد . أما النظام السابق فقد اكتشف المصريون أنه لم يكن يحكمهم بقدر ما كان يسرقهم . والدليل على ذلك ظهور تلك الثروات الضخمة التى جمعتها قلة قليلة من أركان النظام وأشياعه ، فى نفس الوقت الذى كانوا يعلنون فيها للفقراء أن الموارد قليلة ، والإنتاج متعثر ، ومن أين يأتون لهم بما يسد الرمق ؟! ومع ذلك فقد راح المتبجحون منهم يقولون إن خطط التنمية تسير على أحسن وجه ، وأن البطالة فى تناقص ، وغالبية الشعب تعيش فى بحبوحة ، ويستدلون على ذلك بأعداد السيارات المستوردة من الخارج ، متجاهلين أن الواحد منهم هم انفسهم كان يشترى أكثر من سيارة ، وأن الفقير لم يكن يجد لنفسه سوى أن يركب التوك توك .. أو يمشى بجانب الحائط !

أركان النظام السابق ارتبكوا جريمتين : الأولى هى الثراء الفاحش من ثروة الشعب ، وإفساد الحياة السياسية والاقتصادية ، والتى تبعها بالطبع تدهور الحياة الاجتماعية والثقافية .. وإذا كان النظام القضائى المصرى قد بدأ التحقيقات مع (بعض) رموز هذا النظام ، وخاصة فى الناحية المالية ، فإن التحقيق لم يبدأ بعد فى الإفساد السياسى العام ، والذى شارك فيه العديد من رجال وسيدات القانون السابقين ، والوزراء ، ورجال الأمن ، وأعضاء وكوادر الحزب الوطنى الذى كان يدير الحكومة ، بعد اختياره الكامل لكل أعضائها بدون استثناء .

والسؤال الآن : أين هؤلاء جميعا ؟ وماذا يفعلون ؟ وكيف يتلقون دهشة الشعب وغضبه من هول ما اكتشفه منهم ، وعنهم .. لقد أصبح الشعب المصرى كله ، والذى ظل صامتا لعشرات السنين متيقظا إلى أعلى درجة لكل حركة يقومون بها ، أو كلمة يتفوهون بها ، أو عمل خفىّ يمكنهم أن يقفوا وراءه .. ولذلك فإننى أقول لهم : إنه لا مهرب من غضب الشعب .. إلا الى مسامحته. وأعنى بذلك أن يسرع هؤلاء جميعا - أو على انفراد – إلى تقديم اعتذار واضح وصريح لهذا الشعب عن كل ما أرتكبوه فى حقه من جرائم . وفى رأيى أن هذا الاعتذار مطلوب جدا باعتباره واجبا على الذين أساءوا ، وحقا لسائر أفراد الشعب المصرى .




يأتى بعد هذا الاعتذار مباشرة : التنازل الطوعى عن كل جزء من الثروة التى استولى عليها أركان النظام السابق إما عن طريق المنح والهبات الرئاسية أو عن طريق التحايل وإنشاء الشركات الوهمية ، أو تسقيع الأراضى ، أو الاحتكار .. الخ ، وبذلك يوفر هؤلاء على الشعب المصرى الجرى وراءهم فى المحاكم ، كما أنه يطفئ  ولو قليلا من مشاعر الغضب التى يحوطهم بها ، والتى يمكن أن يترتب عليها بعض الإساءات إلى أعمالهم أو حتى أشخاصهم !

وأخيرا يظل القضاء المصرى هو الفيصل النهائى فى تقدير عقوبات الجرائم الفعلية التى ارتكبها عدد من أركان هذا النظام .. ولاشك أن المساءلة المالية سوف تتبعها مساءلة سياسية ، تكشف المستور من خبايا العمل السياسى الذى كرس الظلم والاستبداد على مدى عشرات السنين .. وفى تصورى أن كل الذين شاركوا فى وضع وصياغة المادة 67 من الدستور بقصد إقصاء كل من تسول له نفسه الترشح لرئاسة الجمهورية ، سوى الحاكم السابق ووريثه المحتمل ، ينبغى أن يكونوا موضع مساءلة قانونية : كيف أقدموا على مثل هذا العمل الشنيع ؟ ثم على وضعه فى نصوص الدستور المصرى ؟ وأخيرا على الترويج له إعلاميا بين المصريين ؟

هذا هو تصورى لمحاولة طى صفحة كئيبة من الماضى ، قبل البدء فى فتح صفحة جديدة ، أرجو وآمل أن تخلو من كل هذه السلبيات ، وأن تمتلئ بأعمال البناء الأساسية التى يحتاجها الوطن فى الوقت الراهن ، وفى مقدمتها استتباب الأمن ، وتحريك عجلة الاقتصاد ، وهما فرعان فى ضفيرة واحدة ، يخطئ من يتجه لأحدهما دون الآخر .. فلا يوجد اقتصاد بدون أمن ، ولن يتوافر أمن بدون اقتصاد . وفى هذا الصدد ينبغى العمل بأقصى سرعة على سد حاجة المواطنين الذين عانوا طويلا من الفقر المدقع ، والسكن غير الآدمى فى المقابر والعشوائيات ، بالاضافة إلى الذين سقطوا صرعى الامراض وألاوبئة التى تسببت فيها سياسات العهد السابق من أسمدة مسرطنة ، وأغذية ملوثة ، ومياه مجارى مختلطة بمياه الشرب .. إلخ .

والخلاصة أن من واجب هؤلاء على الشعب المصرى ، ومن حقه عليهم فى نفس الوقت أن يقدموا اعتذارا له ، وأن يرجعوا له أمواله التى استولوا عليها ظلما وتحايلا ، وأن يخضع المذنب الجنائى منهم للقضاء المصرى النزيه .. وهنا فقط يمكن طى صفحة الماضى السوداء ، وفتح صفحة جديدة ناصعة البياض .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــ