عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
الثورة وفرملتها


الثورة وفرملتها صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
الاثنين, 21 فبراير 2011 18:20

 

الثورة وفرملتها

 

أ . د . حامد طاهر



عندما تقوم أى ثورة فإنها تهدف إلى تصحيح الاوضاع الفاسدة ، وإقامة نظام عادل جديد محل النظام الظالم القديم . لكن ليس فى مقدور كل الثورات أن تفعل ذلك ، وخاصة حين لا يتوافر لها الرؤية الواضحة والمحددة لشكل النظام الجديد ، ولا تعرف بالضبط الوسائل التى تؤدى إلى ذلك . وفى هذه الحالة يمكن لقوى النظام السابق أن تعيد تنظيم نفسها من جديد ، وأن تنقض على مكتسبات الثورة الوليدة فتخمدها تماما ، أو على الأقل تحول دون تحقيقها لأهدافها الحقيقية ، أو تغير مسارها بحيث تعود فتخدم أهداف النظام القديم مرة أخرى .
وبالنسبة إلى الثورة الشعبية المصرية ، التى نجحت خلال ثمانية عشر يوما فقط فى الإطاحة برأس النظام السائد منذ ثلاثين عاما ، فقد اعتمدت كما نعرف جميعا على الاسلوب السلمى الذى أدهش العالم كله ، فلم تقتل أو تخرب أو تستخدم العنف ضد الذين مارسوا ضدها كل هذه الأساليب ، وإنما استطاعت باصرار أبنائها ، وتكاتف الشعب كله معها أن تصمد فى الميادين والشوارع حتى تحقق لها ما أرادت ، وهو اسقاط النظام ، الذى تهاوى برحيل رأسه العنيد .


لكن الثورة وجدت نفسها بعد ذلك محاطة بمجموعة من أركان النظام القديم ، فراحت تراوح وتجامل وتنتظر تحقيق باقى أهدافها فى الحرية والعدالة والكرامة ، لكنها فوجئت بأن الوسائل التى تحقق هذه الأهداف ليست فى يدها ، وقد تبين لها أن أركان النظام القديم مازالت واقفة فى مكانها : تتحكم فى شئون البلاد السياسية ، وهى التى تدير أمورها التنفيذية ، وهذا ما دفع الثورة أن تلجأ – مرة أخرى – إلى التظاهر المليونى لكى تقول هذه الأركان القائمة إنها مازالت قادرة على أن تعيد الكّرة مرة أخرى .


ولم يكن هذا هو الحل . فقد قصّرت الثورة الشعبية المصرية فى عدم استثمار نجاحها عندما أسقطت الرئيس العنيد ، وكان عليها أن تشكل على الفور مجلس ثورة شعبى هو الذى يقوم بإدارة البلاد ، وتطهيرها أولا من الفساد ، لكى يصبح من الممكن اقامة بناء جديد يحقق الأهداف التى قامت الثورة من أجلها . لكنها تركت المجلس الذى أحال إليه الرئيس السابق حكم البلاد هو الذى يتحكم فيها ، معلنة أنه سوف يكون أمينا على مطالبها ، وأتمنى أن يحدث ذلك ، كما تركت الحكومة التى عينها الرئيس قبل رحيله هى التى تتولى السلطة التنفيذية بنفس الوجوه التى شاركت فى الفساد السابق .. ولم يتحقق لها سوى بعض الأهداف الثانوية مثل حل مجلسى الشعب والشورى ، وهما كانا محلولين من حيث الواقع ، وبقيام هذه الملايين رافضة لمبدأ التزوير الذى أقامهما فى الفترة السابقة .


أننى ألاحظ أن الثورة الشعبية المصرية لم تحقق حتى الآن سوى خطوة واحدة فقط على طريق طويل . وطالما ظلت بهذا الشكل فإنها معرضة لكى تفقد زخمها ، وتتسرب منها باقى مطالبها ، ويتم الالتفاف عليها من كل جانب ، ويتحول عملها الكبير والرائع إلى مجرد الإطاحة بحكم رئيس ، دون تغير نظامه الذى مازال مستقرا فى البلاد .   

آخر تحديث الجمعة, 04 مارس 2011 19:00