كيف نحل المطالب الفئوية ؟

أ . د . حامد طاهر


ليس امرا مستغربا ابدا بعد نجاح الثورات ، وانقلاب صفحات النظم السائدة ، ان يهب اصحاب المظالم للمطالبة بحقوقهم ، لكن المشكلة تتمثل هنا فى ان اعادة ترتيب البيت تحتاج دائما الى وقت ، ومع ذلك فان امكانية حل المشكلات الملحة والعاجلة يظل مطروحا على اولى الامر فى النظام الجديد . ولاشك فى ان الشعب المصرى كله قد شعر بصدمة هائلة حين اعلنت صحيفة الجارديان البريطانية عن الثروة المهولة لرئيسه السابق ، وعدد من كبار المسئولين ورجال الاعمال والتى اودعوها فى الخارج ، وعملوا خلال سنوات طويلة على استثمارها وزيادتها حتى اصبح مجموعها يتجاوز ديون مصر كلها .. وسواء كان هذا صحيحا او قريبا من الصحة ، فان مشاعر الطبقات العاملة ، والتى لايتجاوز راتب الواحد منهم فى الشهر خمسمائة جنيه فقط قد تعرضت لهزة شديدة ، وانفعال وغضب ، بل واندفاع الى التظاهر والامتناع عن العمل . وهنا يمكن ان اقدم نصيحتى للمجلس العسكرى الحاكم ان يسرع بتكليف لجنة اقتصادية وقانونية تقوم باعادة جدولة مرتبات رؤساء مجالس ادارات الشركات التى توجد بها اضرابات واعتصامات ، بان يؤخذ منها مايكفى لتوزيعه على سائر العاملين . فمثلا عندما نسمع ان رئيس مجلس ادارة صحيفة قومية ، او بنك ، او مؤسسة تابعة للدولة يصل الى مليون ونصف مليون جنيه فى الشهر الواحد ، بينما يطالب العاملون لديه بزيادة رواتبهم او مكافاتهم الى مائة او مائتى جنيه فان هذا الوضع المقلوب ينبغى ان يتم تصحيحه ، دون ان تتكلف ميزانية الدولة شيئا من عندها .. وفى تصورى ان هذا الاسلوب لو تم تطبيقه على كل قطاعات الدولة والمؤسسات لتغيرت اوضاع كثيرة سيئة ، وحلت محلها اوضاع اخرى يعمها الرضا والارتياح .. وهذا امر لايتطلب الوقت ولا المجهود ، بل يكفى فقط تحديد سقف الرواتب وتوابعها لكبار الموظفين فى اى مؤسسة ، وتوزيع فوائضها على صغار الموظفين والعاملين الموقتين الذين لاتزيد رواتبهم الشهرية عن مائتين وخمسين جنيها فى الشهر ..

ايها السادة .. لقد قام الشعب المصرى بثورة تصحيح كاملة ، ولاينبغى ان تظل الاوضاع المقلوبة والتى ادت الى هذه الثورة قائمة حتى الان . وهذا فى تصورى مايمكن ان ينزع فتيل التوتر والتظاهرات والاحتجاجات التى من الممكن اذا تركت بهذا الشكل سوف تؤدى الى شلل فى دولاب العمل ، وتوقف كامل لحركة الاقتصاد والاستثمار .