عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
بحثا عن السعادة


بحثا عن السعادة صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها د . حامد طاهر   
الأربعاء, 05 يناير 2011 22:46

بحثًا عن السعادة ..

 


لماذا لا يبدو الإنسان سعيدًا فى حياته ؟


لأنه أولاً : يشعر بالفارق بين الحالة التى هو عليها وبين ما يريد تحقيقه سواء كان الثروة أو السلطة أو الشهرة .. الخ . وثانيا : لأنه يشعر بالفارق بين ما يمتلكه بالفعل وبين ما يرغب فى بقائه معه إلى الأبد .. لكن هذا أيضا لا يتيسر له ، فما يلبث شبح الموت أن يتراءى أمام عينيه لينذره بقرب النهاية ، كما تسبقه الكثير من الأمراض ، ومتاعب الشيخوخة ، والإحساس بالعجز والوحدة والكآبة . وهكذا فإن الإنسان : سواء افتقد ما يريد ، أو حققه لا يخلو من القلق والتوجس وتوقع الأسوأ دائما . والنتيجة أن ما يقال عن السعادة ، أو يدور حولها لا يكاد يوجد فى حياة الإنسان القصيرة نسبيا ، والتى ما يكاد يدرك معناها الحقيقى حتى يجدها تتفلّت كالماء من بين أصابعه . وليس هذا تشائما ، إنما هو واقع الحال لمن أراد أن يتأمله بشجاعة وموضوعية . صحيح أن الإنسان قد يشعر فى بعض الأحيان بلحظات من السعادة ، لكنها تكون مثل البرق : سريعة الومض ، سريعة الزوال. ولعل هذا هو أسوأ ما فيها ، لأنها تترك فى حلقة مرارة ، وتشعره دائمًا بالندم على عدم تمكنه من استبقائها بين يديه .


إن حياة الإنسان لا تزيد عن عدد محدود من السنوات ، لكنها تحتوى على بعض المحطات التى يحسن الوقوف عندها . والملاحظ أن الإنسان كلما بلغ واحدة من تلك المحطات لم يهدأ له بالمال ، ويروح يفكر فى الاستعداد للمحطة التالية ، وهذا ما يفقده الإحساس بالسعادة ، بل إنه بمجرد أن يستقل قطار الحياة الذى يتجه به للمحطة التالية يكون قد نسى تماما حلاوة الوصول للمحطة التى غادرها .


وهنا قد يقال : إن راكب قطار السكة الحديدية قد يسعد بالمشاهد الجديدة التى تلوح له من النافذة ، أو المواقف الطريفة التى قد تمر به وهو جالس فى مقعده ، لكن الحال ليست كذلك بالنسبة للمسافر فى قطار الحياة ، فهو قد يفاجئه الفقر أو الفشل أو المرض ، كما يمكن أن يتعرض لفقد الأحباب ، أو خيانة الأصدقاء . وهى أمور لا يكاد يخلو منها إنسان .


ليس إدراك معنى الحياة ومغزاها بهذا الشكل متاحا لكل الناس . فالغالبية العظمى يعيشون حياتهم يوما بيوم ، ولا يكاد يضم أحدهم الليل حتى يكون قد نسى ما مر به فى النهار . وربما كانت هذه – من احدى الزوايا – ميزة كبرى ، وإلا لتساوى الناس كلهم فى الحزن واليأس والإحباط . أما الذين يعرفون ويدركون . فهم القلة القليلة . وأقل منهم أولئك الذين يستطيعون أن يتوقفوا قليلا فى محطاتهم ليسعدوا بما حققوه ، محاولين نسيان ما مرّ بهم من مصاعب ، وتاركين هموم المستقبل لأوقاتها المقدرة فيه .


وعلى الرغم من ذلك كله ، فسوف يظل الإنسان يبحث عن السعادة ويلهث وراءها . ويبدو بالفعل أنها ساحرة ، لأنها تتمثل لكل إنسان فى الصورة التى تستهويه ، وتلهب خياله ، وتدفعه دفعًا لكى يحاول الإمساك بها، ولكن هيهات .. فهى مثل السراب تبتعد عن مكانها كلما اقتربت منها ، ومثل الصدى : تسمعه بأذنيك ، ويستحيل أن تراه بعينيك .


*  *

آخر تحديث الأربعاء, 24 يونيو 2015 23:35