عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
الالتهام الثالث


الالتهام الثالث صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها د . حامد طاهر   
الأربعاء, 05 يناير 2011 22:40

الالتهام الثالث

 


بقلم د . حامد طاهر


كان القرن التاسع عشر هو قمة عصر الاستعمار الغربى لدول وشعوب العالم الإسلامى ، بدءًا من الهند حتى شواطئ الأطلسى فى المغرب العربى . ونحن جميعا نعرف أن الاستعمار كان يعتمد على الاحتلال العسكرى، وبسط السلطة على تلك المناطق بالقوة المسلحة ، وتحت هذا الاحتلال وتلك السلطة كان يتم استنفاذ الموارد الطبيعية ، واستغلال الأيدى العاملة بأرخص الأجور ، ونتيجة لذلك تضخمت عوائد الدول الاستعمارية ، واستطاعت أن تبنى اقتصادياتها على موارد مضاعفة : من بلادها أولاً ، ثم من تلك البلاد المنهوبة ثانيا . ومن الأمور المستغربة حقا أن كبار المفكرين الغربيين : أدباء وفلاسفة راحوا يدعون فى بلادهم إلى ضرورة تطبيق حقوق الإنسان ، وتحقيق العدالة الاجتماعية دون أن يشمل ذلك مآسى الشعوب التى كانت ترزح تحت سلطان جيوشها المحتلة !!


لقد كان هذا هو الالتهام الأول الذى قام به الغرب الاستعمارى ضد الشرق الضعيف ، أو بتعبيرنا الحالى : دول الشمال ضد دول الجنوب . لكن هذه الدول ما لبثت أن ثارت على الاستعمار ، وراحت تقاومه بكل الوسائل البسيطة التى كانت متاحة لها ، ولا شك أنها قدمت العديد من التضحيات والضحايا .. حتى بدأت حركة التحرر من الاستعمار منذ خمسينات القرن العشرين ، أى منذ ستين سنة فقط ، حيث غادرت الجيوش المحتلة أراضى الدول المنهوبة ، لكن عيون بلادها الجشعة ظلت مفتوحة على مواردها غير المستغلة ، فراحت تعمل وتخطط لاستمرار الاستيلاء عليها بطرق أخرى ، غير الطرق العسكرية ، والهجوم المسلح .. ومن هنا بدأ مسلسل الاتفاقيات ، والمعاهدات ، بل حتى المساعدات والمنح والهبات لكى تضمن دول الاستعمار السابق مواصلة تدفق الموارد اللازمة لها لتشغيل آلتها الصناعية الضخمة وتواصل تغلبها وهيمنتها التى كانت لها فى الماضى .


وهذا هو الالتهام الثانى الذى حدث خلال نصف القرن الماضى ، وما زال يحدث حتى الآن ، لكن الأمور لم تعد تجرى تمامًا كما يريد المستعمرون، فإن حالة الوعى التى بدأت تتقدم لدى الشعوب المنهوبة راحت تصعب حركة المرور ، وتفشل بعض المخططات ، لذلك لجأ الاستعمار بسرعة هذه المرة لأسلوبه الأول ، وهو الأسلوب العسكرى العنيف ، أى الاحتلال المسلح وفرض السيطرة بالقوة . ولكى يتمكن من ذلك ، كان عليه أن يفتت المناطق المرغوب فيها إلى جزئيات صغيرة ، حتى يتمكن من التهامها واحدة بعد الأخرى، أو واحدة بجوار الأخرى .. وهذا ما نشاهده حاليا فى العالم العربى حيث الأمور ممهدة لتجزئة العراق ، ثم لبنان ، وفلسطين ، والسودان والصومال ، والمغرب العربى .. وهو يلعب بقوة على مسألة الطائفية والأعراق فى باقى البلاد العربية .. هذا هو الالتهام الثالث ، وهو أكثر خطورة مما سبقه لأنه يستفيد من خبراته المتراكمة خلال التهاميْه : الأول والثانى .


والسؤال الآن : هل يمكن لأنصار رفض نظرية الموامرة أن ينكروا شيئًا من ذلك ، وهو يجرى أمام أعينهم ؟ أتمنى أن يرد واحد منهم .. واحد فقط ؟! .


آخر تحديث الأربعاء, 24 يونيو 2015 23:32