عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
حقيبة المدرسة والعمود الفقرى


حقيبة المدرسة والعمود الفقرى صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها د . حامد طاهر   
الأربعاء, 05 يناير 2011 22:18


حقيبة المدرسة والعمود الفقرى

 


بقلم د . حامد طاهر

 


تألمت كثيرا وأنا أشاهد حفيدتى فى السنة الأولى الابتدائية وهى تحمل حقيبة المدرسة مملوءة بحوالى خمسة عشر كتابا وكراسة ، بالإضافة طبعا إلى زمزمية ماء ، وبعض السندوتشات التى يتطلبها وجودها فى المدرسة وعودتها منها حوالى ست ساعات متواصلة . وعندما رأيت أمها وهى تشد أحزمة الحقيبة على ظهرها ، والبنت المسكينة تتألم منها ولا تستطيع أن تعلن شكواها تذكرت على الفور وثيقة حقوق الإنسان العالمية ، وكيف أنها أغفلت المتاعب التى يتعرض لها الأطفال فى تلك السن المبكرة ، ومنها تحميلهم بأثقال تكسر ظهورهم ، وتؤثر على فقراتها .


والسؤال الهام : لماذا تطالب المدرسة المصرية تلاميذها بحمل تلك الحقيبة الممتلئة بكل كتب المدرسة مع أنهم لا يحتاجون منها إلا ما يدرسونه فى اليوم الواحد ؟ لسبب لا يوجد له سبب آخر ، وهو الإهمال والتسيب من إدارة المدرسة فى عدم وضع جدول للحصص يلتزم به المدرسون ، بحيث يكون معلوما للتلميذ أن يوم كذا لديه عددًا من الحصص المعينة ، فيحضر لها بالتالى الكتب والكراسات اللازمة ، ويترك الباقى فى البيت . أما أن نجبر التلميذ المسكين على حمل كل هذه "البضاعة" الثقيلة الوزن ، والمؤثرة طبيا على عموده الفقرى فهذا هو الإهمال بعينه ، ولا شىء سواه !


لقد كانت مدرستنا فى الخمسينات أكثر دقة وتنظيما من مدرسة القرن الحادى والعشرين ، التى تخضع لمعايير الجودة وشهادات   الأيزو .. فقد كان الجدول الدراسى محددًا بدقة ومن أول يوم فى العام الدراسى . وعندما يغيب أحد المدرسين يكلف الناظر غيره بتدريس نفس المادة لنا . وكانت الاختبارات الشهرية تسير على نحو جاد جدا ، وبعد تصحيح المدرسين ، وتوقيع مدرس الفصل المسئول على الشهادة، نأخذها معنا إلى البيت لتوقيع ولى الأمر عليها ، حتى يكون على معرفة مستمرة بأحوال ابنه فى المدرسة. وكان اليوم الدراسى يبدأ فى الثامنة صباحا وينتهى فى الثالثة والنصف ، ويحتوى على فسحة تزيد عن ساعة لممارسة مختلف الأنشطة الرياضية والفنية . وكان التلميذ الشقى الذى يخالف اللوائح يتم استدعاء ولى أمره لإعادة انضباطه ، ولا يفقأ عينه أو يكسر ذراعه كما يحدث حاليا ! أما الرحلات فكانت توسع آفاقنا بالاطلاع على معالم مصر الرائعة . ومن هنا يبدأ حب الوطن .


إننى أتحسر على تلاميذ مصر الذين يطبق عليهم نظام الجودة الهلامى، ويرسب مدرسوهم فى اختبارات الكادر ، وينشغل أولياء أمورهم  بتدبير الدروس الخصوصية لهم ، والبحث الشاق عن الكتب المساعدة ، ومع ذلك فإنهم يتعثرون فى القراءة ، ولا يستطيعون الكتابة بصورة صحيحة .. أما حقيبة المدرسة فتظل من الأمور التى تتطلب تدخلاً من منظمات حقوق الإنسان .. إن لم تقم بحلها الوزارة المعنية .


آخر تحديث الأربعاء, 24 يونيو 2015 23:30