عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
الحادث.. وسواقى الكلام


الحادث.. وسواقى الكلام صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها د . حامد طاهر   
الثلاثاء, 04 يناير 2011 19:05

الحادث .. وسواقى الكلام

(كتبت بعد الحادث الارهابى على كنيسة القديسين بالاسكندرية

فى اول يناير 2011 )

 

بقلم د . حامد طاهر



اندهشت كثيرا من التحليلات التى أدلى بها المسئولون والمفكرون عندنا حول تفجير السيارة المفخخة أمام كنيسة القدسيين بالإسكندرية فى مساء رأس السنة الميلادية والذى كان عملاً إجراميًا بكل معنى الكلمة ، فقد راحوا يفترضون مصادر مختلفة لهذا العمل الشنيع ، مع أن تنظيم القاعدة هو الذى أعلن منذ شهرين تقريبًا – ومن العراق بالتحديد – أنه سوف يستهدف الكنائس المصرية بسبب ما ادعاه من احتجاز سيدتين فى بعض الأديرة ، لأنهما أعلنتا إسلامهما .. وأذكر يومها أن الجميع فى مصر قد مرّ على هذا التهديد مرورًا عابرًا ، وقيل يومها إن جبهتنا أقوى من أن يخترقها تنظيم القاعدة ، ثم ما لهذا التنظيم وأمور مصر الداخلية ؟! وهكذا غاب التهديد تحت ضباب اللا مبالاة المصرية المعهودة حتى وقع المحظور ، وتحقق التهديد على أرض الواقع فى هذا الفعل الإجرامى ليلة عيد الميلاد ، وأثناء خروج المصلين المسيحيين من الكنيسة .. فتم اغتيال الفرحة مع الأرواح ، وحدث ما أراده الإرهاب من الدوى العالمى حول مصر ، ومدى الاستقرار فيها ، ثم بدأ الإخوة المحللون مرة أخرى يظهرون على التليفزيون ليتحدثوا عن الوحدة الوطنية ، والاحتقان الطائفى ، وضرورة اصدار قانون العبادة الموحد ، وحق الأقباط فيما يطالبون به من نسبة من الوظائف والمشاركة السياسية .. وكاد الحديث يبتعد تمامًا عن الفاعل الأصلى الذى هدّد من الخارج ، ثم قام بتنفيذ تهديدة فى  الداخل ، وبالطبع بواسطة بعض أتباعه والمتعاونين معه . وهؤلاء موجودون فى كل بلاد العالم ، وبإمكانه تحريكهم فى الوقت والمكان المحددين ، لتنفيذ عملياته الإرهابية . وهو يعتمد فى ذلك على أمرين : جودة التخطيط مع إتاحة التمويل اللازم لكل عملية ، ثم تجنيد بعض الشباب المغرر بهم ، بعد      غسل أدمغتهم ، وزرع مبدأ الموت فى سبيل الفكرة بهدف دخول الجنة ، والتمتع بالحور العين ..


والمشكلة هنا أنه كلما وقعت حادثة إرهابية فى أى مكان فى العالم ارتفعت أصوات الإدانة والتنديد ، وجرى الحديث قليلاً عن الظاهرة فى نتائجها دون البحث العميق عن مسبباتها ، ولا عن كيفية المواجهة المجتمعية الشاملة لها . وقد نلاحظ أن الدول كلها وبدون استثناء قد أصبحت تلقى بمسئولية هذا الملف على أجهزة الأمن ، التى تحاول التصدى ، وتقوم بجمع الأشلاء ، ولكنها حتى الآن لم تستطع تجفيف المنابع، ولا اجتثاث الجذور ! إن الارهاب – أيها السادة – تقف وراءه فكرة ومعتقد ، وتدفعه للعمل أسباب وظواهر ، وتساعده على التنفيذ أفراد وفئات لها مصالح ، كما يتيح له فرصة التخفى والاختباء تعاطف من الوسط الذى يوجد فيه ، ويحتمى به . وهذه هى أبعاد الحقيقة التى لا يريد أحد أن يواجهها بصراحة ، وغالبا ما يتهرب القائمون على وسائل الإعلام من طرحها للمناقشة . وبالطبع هناك العديد من البحوث والدراسات القيمة ، التى وضعت يدها على مكمن الخطر ، وحاولت تشخيص الظاهرة الارهابية ، بل واقترحت حلولاً مناسبة لها . لكن الدول والمجتمعات ما زالت غافلة أو متجاهلة لهذه الدراسات ، وفى كل مرة يقع حادث إرهابى بغيض تتحرك سواقى الكلام الهلامى ، والانفعالات المتأججة ثم ما تلبث أن تتوقف بعد لحظات ..


والخلاصة : هل تريدون مواجهة الإرهاب ؟ إذن تعالوا نجلس سويا لبحث أسبابه ودوافعه ، وبيان مدى تطوره وانتشاره ، ومحاولة التعرف على داعميه ومشجعيه ، مع عدم إغفال من يستفيد أخيرًا من جرائمه .. ثم تأتى بعد ذلك مرحلة وضع الحل ، الذى ينبغى أن يشارك فيه الجميع ، وأن يقوم كل فرد ودولة بمسئوليته المحددة تجاه هذا الخطر الداهم ، والذى قلت فى بداية التسعينات من القرن العشرين إنه سوف يستمر إلى منتصف القرن الحادى والعشرين ، وأنا أقول الآن : ربما امتدّ إلى أبعد من ذلك .

آخر تحديث الأربعاء, 24 يونيو 2015 23:20