عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
سابعا : الارهاب ومكافحته


سابعا : الارهاب ومكافحته صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها د . حامد طاهر   
الأحد, 02 يناير 2011 01:08

 

 

 

سابعا : الارهاب ومكافحته :


-
ظاهرة الارهاب

- الارهاب وأسبابه

- نظرية الحرب على الارهاب

ظاهرة الإرهاب

[الأهرام، 2007 ]

الإرهاب هو ترويع المواطنين بالقتل أو بالجرح أو بالعمل العنيف أو بالتهديد. وقد أصبح نوعا من التعبير عن الرأي للجماعات السرية، تقصد من خلاله إرسال رسائل إلى الدولة. وهو أسلوب مرفوض من كل الأديان والنظم والأعراف، لأنه يشبه (الابتزاز) الذي يتمثل في خطف الزوجة أو الأبناء لإجبار رب الأسرة على الرضوخ لمطالب المختطفين. هنا نقول بكل صراحة: ما ذنب هؤلاء الأبرياء؟ وما دخلهم في المشكلة؟ ولماذا تجري المساومة بهم؟ وإذا قتلوا أو تعرضوا للتعذيب فعن أي ذنب اقترفوه؟ وهل سبق لهم الإساءة إلى المختطفين حتى يتم التنكيل بهم؟
لكن منطق الإرهابيين يتلخص في التالي: بما أنهم لا يستطيعون الاحتجاج العلني أو تحقيق مصالحهم عند الدولة فإنهم يروعون المواطنين أو السياح حتى ينبهوا الدولة إلى مطالبهم أولاً، ويجعلوها ترضخ لها أخيرا.
والإرهاب بهذا الشكل أصبح ظاهرة عالمية، بمعني أنه موجود في كثير من دول العالم، وحتى الدول الناجية منه حاليا معرضة له في أي لحظة. ومن ذلك ما يحدث في أيرلندة الشمالية، وإقليم الباسك بأسبانيا، وجزيرة كورسيكا التابعة لفرنسا، ومنطقة التاميل بأندونيسيا، وتنظيم القاعدة في أفغانستان.. وقد تعرضت مصر في نهاية القرن الماضي لخطر الإرهاب خلال أكثر من عشر سنوات متلاحقة، كما تتعرض له الآن كل من العراق والسعودية واليمن وقطر والكويت. وعلي الرغم من دعوة مصر إلى ضرورة عقد مؤتمر دولي للإرهاب: يحدد مصطلحاته، ويعرف به، وبمدي خطورته، تمهيدا لوضع قوانين دولية تحد من تنقله فيما بين عواصم العالم، إلا أن الولايات المتحدة غير راضية أو غير مستريحة لعقد مثل هذا المؤتمر، ويقال إن معها في ذلك إسرائيل، لأنهم يخشون من التمييز بين مقاومة الاحتلال المشروعة والإرهاب المحظور. وبالطبع من مصلحتهم أن يظل مصطلح الإرهاب شاملاً لمقاومة الاحتلال لكي لا يأخذ شرعية دولية يترتب عليها التزامات محددة بالجلاء عن الأراضي المحتلة في فلسطين.
لكن المسألة أكبر من ذلك وأوسع نطاقا. فقد أصبح الإرهاب يضرب في أي موقع، وفي أي زمان. وهو لا يستثني الدول المتصلبة في رأيها من الدول المتسامحة. فقد ضرب كلاً من أسبانيا وألمانيا، وطالت يده سياحا من اليابان في الأقصر.
والواقع أننا أمام ظاهرة الإرهاب، لابد أن نحددها أولاً ثم نبحث عن أسبابها تمهيدا للتوصل إلى حل أو حلول لها. وفي مسألة الأسباب يكثر الحديث عن الفقر، والإحباط، والظلم الاجتماعي، والاستبداد السياسي، بالإضافة إلى القهر الدولي، والانحياز الأعمى للطرف الغاصب ضد الطرف المغصوب. كذلك يوجد التطرف الديني الذي يدفع أتباعه إلى ارتكاب أعمال إرهابية على وعد أكيد بدخول الجنة. وفي هذا الصدد استخدم مصطلح استشهاد على الإرهابي الذي يفجر نفسه وسط المدنيين، مع أن المصطلح مخصص أساسا لمن يقتل في حرب للمسلمين ضد المعتدين عليهم.
وأخيرا إذا أردنا أن نحد من ظاهرة الإرهاب في بلد معين أو في منطقة بعينها علينا أن نحدد أسبابه الرئيسية والطابع الغالب عليه فيها. فبعض الإرهاب يأخذ الطابع السياسي، وبعضه الطابع الاقتصادي، وبعضه الطابع الديني. ولكل من هؤلاء منهج وأسلوب في المعالجة يستطيع الخبراء أن يضعوا قواعده وتفصيلاته، وأن يرتبوا مراحله وتوقيتاته.
إن مكافحة ظاهرة الإرهاب لن تتم بتجاهلها أو التقليل من خطورتها، كما أنها لن تتم أيضا بإعلان الحرب النظامية على المناطق الموجودة بها، لكنها تتطلب بحثا موضوعيا، قد يتضمن نقدا للذات، وإصلاحا لكثير من جوانب الخلل. فهل آن الأوان للدول التي تريد مكافحة الإرهاب أن تدرك ذلك؟!

*  *  *

الإرهاب وأسبابه

[الأخبار، 2007]

ما إن يقع حادث إرهابي في أي مكان بالعالم، وخاصة في الدول المتقدمة، حتى يهب الإعلام العالمي كله لكي يشجب ويدين ويلقي بالتهم على من فعل ومن لم يفعل. ولأن الإرهاب يشبه القطة السوداء في الحجرة المظلمة فإن أحدا لا يستطيع على الإطلاق أن يحدده ولا أن يمسك به، ونظل ننتظر حتى يصدر بيان على شبكة الإنترنت لكي يقول لنا إن منظمة كذا هي المسئولة عن ذلك الحادث الإرهابي الذي وقع في المكان الفلاني. لكن أحدا من عقلاء العالم كله لا يريد أن يتوقف قليلاً ليطرح السؤال التالي: لماذا يحدث الإرهاب؟ وكأن هذا السؤال البسيط جدا يكاد يكون جريمة لا يحق لأي إنسان أن يتفوه بها، لكي لا يتهم بأنه يشجع الأعمال الإرهابية أو على الأقل يبرر وقوعها، مع أن محاولة الإجابة عن هذا السؤال البسيط هي التي يمكن أن تحد من ظاهرة الإرهاب وتقلل من مخاطره. ولا شك أننا جميعا متفقون على هذا الهدف النبيل.
وتعالوا نبدأ من البداية. الإرهاب عمل انفجاري ينتج عنه ضياع الأرواح وإتلاف المنشآت بقصد الانتقام من السلطات الحاكمة في بلد ما. وهو لا يقوم بأعماله اعتباطا وإنما بتخطيط محكم وتنفيذ دقيق للغاية. كذلك فإنه يهدف إلى إحداث ضجة إعلامية تعرف الناس بقوته ومدي إصراره. فإذا عدنا لسؤالنا البسيط: لماذا الإرهاب؟ لم نجد مع الأسف سوي إجابة تتكون من شقين الأول: عدم إعطائه الفرصة لكي يعبر عن نفسه بالطرق المشروعة في المجتمع. والثاني: عدم تمكنه من تطبيق أفكاره التي لا يقبل فيها مع الأسف أي حوار أو معارضة. وهكذا يضع الإرهاب نفسه في مأزق، كما يضع السلطات القائمة هي الأخرى  في مأزق. وهذا هو الطريق المسدود الذي يوجد فيه العالم حاليا في مواجهة الإرهاب. ولكي ننتقل من هذه المرحلة في التشخيص إلى مرحلة الحل، علينا أن ندرك أولاً أن كل أسباب الإرهاب المعاصر سواء كانت دينية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية إنما تصب أخيرا في الجانب السياسي. ومن المعروف أن هذا الجانب هو الذي يعني الإمساك بدفة الأمور، وتحريك المجتمع في الاتجاه الذي يريده القائمون بالإرهاب. وهكذا تتحدد أطراف المعركة الإرهابية أساسا بين الإرهاب والسلطة القائمة والمجتمع الذي يراد السيطرة عليه.
أما الإرهاب فإنه كائن مستتر، لن يظهر أبدا طالما أن السلطة القائمة لا تعطيه الفرصة لكي يطرح علنا أفكاره، ويحدد أسلوب تحقيقها. وأما السلطة القائمة فإنها تراهن على المجتمع الذي تتصور أنه يقف في صفها، ولا يمكنه أن ينحاز للإرهاب طالما تطاله أعماله المدمرة. وأما المجتمع فإنه ما زال يتابع تلك المعركة الجارية دون أن تكون له القدرة الكافية على حسمها. لكن المجتمع قد يلاحظ على السلطة بعض الأخطاء، ويسرع الإرهاب بانتهازها فيضخمها، وهنا تكمن خطورة انحياز جزء من المجتمع للإرهاب، نكاية في السلطة، تماما كما هو الحال مع مقولات المعارضة بالنسبة للحكومة. والواقع أن الإرهاب أصبح هو المعارضة العالمية لمجموع السلطات القائمة، وحل بذلك محل المعارضة المحلية لكل حكومة على حدة. وهنا ينفتح باب كبير لضرورة الإصلاح وتحسين أحوال المواطنين لكي تحافظ السلطة في أي بلد على مجتمعها. والخلاصة أنه كلما قوي التحام السلطة القائمة بالمجتمع قل خطر الإرهاب إلى أقل درجة ممكنة..
*  *  *

نظرية الحرب على الإرهاب

[الأهرام، 2007]

يعاني المسلمون اليوم في كل أنحاء العالم من حالة فريدة من نوعها فقد نبتت في مجتمعاتهم وتطورت جماعات التطرف الديني التي ما لبث بعضها أن تحول إلى تبني العمل الإرهابي ضد من يعارضها أو يقف في طريقها، سواء من المسلمين أنفسهم، أو من غيرهم، بما في ذلك العالم الغربي. وهنا عدة أخطاء تراكم أحدها على الآخر، وتم التساهل في إهمالها حتى وصل الحال إلى درجة معقدة، لم يعد يستطيع أي طرف أن يتراجع فيها عن موقفه لكي يعتذر عنه أو يبدله أو يتخلص منه. ولقد تفاقم خطر الجماعات المتطرفة إلى حد تجاوز فيه حدود بلادها إلى مهاجمة الغرب نفسه، وأوضح الأمثلة على ذلك: هجوم 11 سبتمبر على الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2001 والهجوم على مدريد في 11 مارس سنة 2004 ثم الهجوم على لندن في يوليو 2005. صحيح أن قيام الجماعات المتطرفة بهذه الأعمال الهجومية يأتي في سياق رد الفعل التلقائي على موقف الغرب من قضايا الأمة الإسلامية، التي تعتبر أن احتلال فلسطين وسيطرة إسرائيل على المسجد الأقصى هما بمثابة الحق الذي تم اغتصابه بمؤامرة دولية، وسكوت متواطئ من العالم كله على اغتصاب أحد أهم المساجد الكبرى المقدسة لدي المسلمين.
وإذا كانت الحكومات الإسلامية كلها، وبدون استثناء، تقبل بالوضع الحالي في ظل موازين القوي العسكرية التي ليست في صالحها، فإن الغضب قد تنامي داخل تلك الجماعات المتطرفة فهبت للأخذ بثأرها، ضاربة بسياسة حكوماتها عرض الحائط، ومتجرئة على أضخم الترسانات العسكرية في العالم من خلال تلك الهجمات الإرهابية التي راحت تضرب أي هدف تختاره، وتحدد الزمان والمكان المناسبين لها تماما. وكلما وقعت حادثة من هذا القبيل تباينت حولها المواقف. فالدول الإسلامية تستنكرها لأنها لا تتماشي على الإطلاق مع سياستها في مهادنة الغرب، وحاجتها إلى التعاون معه. والشعوب الإسلامية تستقبلها بارتياح كبير لأنها تشفي غليلها من ضياع حق مسلوب وعدم القدرة الحالية على استرجاعه، أما الغرب فإنه يغلي ويزبد، وكلما زاد من إجراءات الوقاية لديه انعكس ذلك بالسلب على أحوال المسلمين الذين يعيشون ضمن شعوبه، وكذلك على المسلمين في كافة أنحاء العالم. والواقع أن الإدارة الأمريكية بقيادة بوش قد حددت الموقف تحت شعار (الحرب على الإرهاب) وحقيقة الأمر أنها (حرب الغرب على العالم الإسلامي). وهي في الواقع حرب خاطئة، وبتعبير أدق، حرب تقوم على أسس خاطئة تماما، والدليل على ذلك أنها تحشد جيوشا ضد شعوب بدون جيوش (أفغانستان)، وتحتل بلادا إسلامية تحت دعوى إسقاط أنظمتها الدكتاتورية (العراق)، وتدعو إلى إصلاح الأنظمة العربية بالحرية والديمقراطية بينما تساند بكل قوة أنظمة احتلال جاثمة على صدر الشعوب العزلاء من السلاح (فلسطين).
وهنا عدة نقاط ينبغي تحديدها أولاً: الغرب كلما أمعن في استخدام القوة خسر أهم المزايا التي كانت تتمتع بها شعوبه وهي الأمن. وأكاد أقول إن الأمن عبارة عن بناء رائع من زجاج، ينبغي على من يمتلكه أن يحافظ عليه بعدم الاعتداء على الآخرين، أو استثارة غضبهم نحوه. ثانيا: أن الجماعات المتطرفة التي تمارس الإرهاب لها منطق محدد لابد على الأطراف الأخرى  من سماعه، والاستجابة إلى القدر المعقول منه. وقد سبق أن أعلن زعيم القاعدة بن لادن أنه لن يسكت عن مهاجمة أمريكا إلا إذا سحبت آخر جندي لها من الجزيرة العربية، أو على حد تعبيره من جزيرة محمد، r وتحت هذا الشعار، راح يهاجم بلاده وأمريكا معا. ويطالب الفلسطينيون منذ أكثر من نصف قرن باستعادة حقوقهم المشروعة، والتي كفلها لهم ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكن أحدا من الدول الكبرى لم يتقدم بأي خطوة إيجابية على هذا الطريق، الأمر الذي أطلق العنان للآلة العسكرية الإسرائيلية أن تسرف في خنق الشعب الفلسطيني مما كان له أسوأ الآثار النفسية لدي الشباب في العالم الإسلامي كله. ثالثا: أن أي حرب لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية. لذلك فإن الذين يريدون أن يخططوا لحرب تقضي على الإرهاب عليهم أن يحددوا أهدافهم، ووسائلهم، وأن يضعوا جدولاً محتملاً للانتهاء منها، وإلا فإنهم يتحولون إلى مهووسين بالحرب في حد ذاتها، وهذا ضرب من اكتمال الجنون. أما العقل فإنه يقضي بأن القضاء على الإرهاب إنما يكون بإزالة أسبابه. وقد حدد الخبراء في هذا المجال عددا من الأسباب يمكن الرجوع إليها للإفادة منها.
وهكذا فإن نظرية (الحرب على الإرهاب) قد ثبت حتى الآن فشلها، وأصبح من اللازم العودة إلى (مكافحة الإرهاب) التي تقوم أساسا على جمع المعلومات عنه، وتصنيف جماعاته، ثم التعامل مع كل منها بالأسلوب المناسب، مع ضرورة التعرف على أسباب ظهور الإرهاب واستمراره وتفاقمه، والعمل في كل مرحلة على نزع فتيل العنف منه، وعزله ما أمكن عن تعاطف الشعوب.
بقيت كلمة أخيرة أريد أن أهمس بها كنصيحة للدول الكبرى، التي أنفقت على تسليح جيوشها مليارات الدولارات، وهي أن القوة المفرطة لن تنتج سوي سلام هش، أما العدل البسيط فهو أساس الملك.
*  *  *

 

آخر تحديث الأحد, 01 فبراير 2015 14:46