عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
سادسا : نحن وامريكا


سادسا : نحن وامريكا صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها د . حامد طاهر   
الأحد, 02 يناير 2011 01:07

 

 

 

 

 

 

سادسا : نحن وامريكا :



-
لماذا لا نفهم أمريكا ؟

- السياسة الأمريكية ومنطق السببية

- أمريكا : حضارة أم قوة ؟

- أمريكا بين إسرائيل والعرب

- هل هو تحول أمريكى ؟ !

- انهيار نظرية الفوضى الخلاقة

- مبروك لأمريكا

- خطاب مفتوح إلى أوباما

- ماذا يتوقع المسلمون من أوباما ؟ (قبل خطابه فى القاهرة )

- الأهداف الحقيقية لخطاب أوباما (بعد خطابه فى القاهرة)

- الأمم المتحدة ونظامها العقيم

لماذا لا نفهم أمريكا؟

[الوفد، 27/1/2009]

نحن بالطبع في البلاد العربية لا نرى من الولايات المتحدة الأمريكية سوى سياستها غير المتوازنة في التعامل مع القضية الفلسطينية، بل إننا لا نرى سياستها الخارجية كلها إلا من خلال تعاطيها مع هذه القضية التي تنحاز فيها بالكامل لإسرائيل على حساب الفلسطينيين والعرب، ثم عندما بدأت أمريكا، بعد حادث الحادي عشر من سبتمبر2001، تناصب العرب والمسلمين جميعا العداء والتحفظ، أدركنا أن سياستها الخارجية بصفة عامة مضادة لنا، وأنها لا تصفو أبدا إلا لأعدائنا!
والواقع أننا نتجاهل في علاقتنا مع أمريكا جوانب مهمة، وعناصر مؤثرة، فمثلاً العلاقة الحميمة بين إسرائيل وأمريكا التي تشهد ازدهارها حاليا ترجع إلى تاريخ طويل لليهود في أمريكا، وتقريبا منذ نشأة أمريكا نفسها سنة 1783 (تاريخ قيام الجمهورية الفيدرالية). وفي التاريخ الأمريكي ما يثبت أن كل الرؤساء الأمريكيين تقريبا كانوا على علاقة طيبة للغاية مع أصدقاء مقربين من اليهود الأمريكان، أو الأمريكان اليهود. ولذلك فإننا لا نجد رئيسا أمريكيا، سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا، إلا وهو يؤكد مساندة بلاده بكل إمكانياتها الضخمة لإسرائيل، ومنذ أعلنت قيام دولتها في نهاية الأربعينيات وحتى اليوم.
هذا على مستوى الرؤساء، أما ما يعرف باللوبي اليهودي أو الصهيوني في أمريكا فهو، كما يعرف الجميع، واسع النفوذ، ويزداد نفوذه باستمرار، حتى أنه يتدخل في تمويل الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية نفسها، كما أنه يسيطر على مراكز صنع القرار في الكونجرس، ويمتلك العديد من البنوك والشركات الكبرى، ومنها وسائل الإعلام والسينما في هوليوود، الأمر الذي يتيح له التأثير المباشر في الرأي العام الأمريكي. ومن الملاحظ هنا أن هذا اللوبي لا يمارس نشاطاته بصورة علنية تنفر منه الأمريكيين، ولكنه يعمل بأسلوب منظم جدا ومدروس!
نأتي بعد ذلك إلى جانبين لكل منهما أثره البالغ في العقلية الأمريكية، وهما التاريخ والفلسفة. أما التاريخ، فمن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تنتمي إلى العالم القديم، مثل آسيا وأفريقيا وأوروبا، وإنما هي حديثة النشأة لا يزيد عمرها على حوالي 230 سنة فقط! أما شعبها فيتكون من خليط متنوع من المهاجرين الأوروبيين الذي وفدوا إلى تلك القارة، بعد أن اكتشفها خرستوف كولمبس سنة 1570، وما لبثت أن تعرضت للاحتلال الأوروبي من جانب فرنسا وبريطانيا وأسبانيا وهولندا.. وبالطبع حدثت مقاومة للاحتلال، انتهت أحيانا بالانتصار العسكري، وأحيانا بالتفاوض مع المحتلين لشراء بعض الولايات التي كانت تحت أيديهم، مثلما اشترى الأمريكان ولاية لويزيانا من فرنسا سنة 1802، وفلوريدا من أسبانيا سنة 1819، وأريجون من إنجلترا سنة 1846، فما دلالة هذا؟ أن الأمريكان شعب عملي، ويواجه المشكلة القائمة بالأسلوب الذي يؤدي إلى حلها، بصرف النظر عما يحيط بهذا الحل من اعتبارات سابقة عليه أو لاحقة له. المهم أن الشعب الأمريكي الجديد نجح في بناء تلك الدولة الكبرى، بعد صراع مرير مع سكانه الأصليين (الهنود الحمر) والمستعمرين الوافدين (إنجلترا وفرنسا وأسبانيا) واستطاع أن يوحد الولايات المتفرقة، التي كانت متصارعة، في نظام فيدرالي، أصبح يضم حاليا (51) ولاية. ولا شك في أن الشعب الأمريكي تحت نظام الحكم الذي اختاره (الديمقراطية والرأسمالية) قد أجاد استثمار أراضيه، وشجع كل إضافة وابتكار، ورحب بالمهاجرين المتميزين، واهتم بالتعليم والبحث العلمي، مما نتج عنه تقدم هائل في المجالات العسكرية والاقتصادية والفضائية والاتصالات والمعلوماتية..
ما الذي رسخ في الشعب الأمريكي من تاريخه القصير نسبيا؟ إنه شعب عامل يعيش يومه، ويخطط جيدا لغده. وهو لا يمارس أحلام اليقظة، فالمشروع الذي يراوده يقوم على الفور بتنفيذه، فإذا نجح كان بها، وإلا بحث عن غيره، واستمر في طريقه. كذلك فإن الأمريكان شعب يعجب بالنجاح ويشجع أصحابه، وكما عانى الكثير وبذل الجهد والعرق، فإنه ينتظر من الشعوب الأخرى أن تكون كذلك، وإلا سقطت من اعتباره. لكنه عنيد، ويتمسك برأيه ويعتقد أن الصواب دائما معه، حتى يفاجأ بوجود الحكمة في مناطق أخرى من العالم!
وأما الفلسفة التي بلورها للأمريكان كل من وليم جيمس (توفى 1910) وجون ديوي (توفى 1952) فهي ما يعرف بـ (البراجماتية) التي تقرر أن صواب الفكرة يرتبط بمدى إمكانية تطبيقها في الواقع، فإن لم تطبق، أو طبقت وفشلت فهي فكرة خاطئة. وبالطبع تتمشى هذه الفلسفة تماما مع طبيعة الشعب الأمريكي الذي واجه الطبيعة الصعبة للبلاد التي هاجر إليها، وهو الذي قام بفحصها والتغلب على مصاعبها، واستخراج خيراتها بعد ذلك. الأمريكي لا يميل للمناقشات النظرية ولا إلى الجدل العميق. إنه يواجه المشكلة التي تعترضه بصورة مباشرة، ويعمل بكل الوسائل المتاحة له على حلها، وأخيرا فإن المجتمع الأمريكي- مثل كل المجتمعات- ليس كله من الملائكة، وليس كله من الشياطين. إنه يحتوي على العديد من المزايا وتوجد لديه بعض النقائص والعيوب. ومن أبرزها أنه متسرع في أحكامه، وقد يكون أحيانا متهورا في أعماله، لكنه في أغلب الأحوال شجاع ومقدام وكريم.
والنتيجة أنني أقول لإخوتي العرب، المندهشين من السياسة الأمريكية وتصرفاتها المتهورة حاليا في العالم: إذا أردتم التعامل مع أي شعب بصورة ناجحة فعليكم أولا أن تشاهدوا واقعة على الطبيعة، ثم تتعمقوا قليلا في تاريخه الذي يسري في عروقه، وتتعرفوا أخيرا على فلسفته في الحياة، والتي تشكل الذهنية التي يتصرف على أساسها..



*  *  *

السياسة الأمريكية ومنطق السببية

[الأخبار، 2/6/2009]

تأسيسا على أن العقلية الأمريكية ذات حدود وأبعاد براجماتية أي عملية تقصر اهتمامها على الواقع، وتنطلق منه إلى المستقبل، فإنها لا تعطي اهتماما كبيرا أو حتى قليلا للأسباب التي تؤدي إلى تكوين هذا الواقع، ولا تشغل نفسها بالبحث عن جذوره. ومن الواضح أن من يتأمل السياسة الأمريكية الخارجية في العالم كله يجدها قائمة على هذا التصور، وهو ما يجعل الحلول التي تتوصل إليها غير مرضية لأصحاب المشكلات، لأنها تتجه إلى النتائج ولا تتعمق الأسباب!
إن تاريخ انخراط أمريكا في السياسة الخارجية- أي خارج حدودها- لا يزيد  كثيرا عن نصف قرن. وخاصة حين انضمت إلى حلفائها في أوربا ضد ألمانيا وإيطاليا واليابان في الحرب العالمية الثانية «1939- 1945». وإذا كان انتصارها قد جعلها تقطف ثمار تلك الحرب، وترث ممتلكات الإمبراطوريتين العتيقتين البريطانية والفرنسية، فإنها لم تتقدم بعدها خطوة واحدة إلى الأمام، واكتفت بمحاولة المحافظة على بقايا هذا التراث الاستعماري البغيض، حاملة غضب الشعوب التي عانت طويلا من الاحتلال العسكري، واستغلال الموارد، والعبث بمصائرها ومقدراتها!
ولكي أبرهن ما أقول سوف اكتفي بمثالين معاصرين، بدلاً من العودة إلى التاريخ، لأن أمريكا لا تحب التاريخ! أولها يتعلق بالإرهاب والثاني بالقضية الفلسطينية، وكلاهما مازالت شظاياه تتناثر وتحرق وتدمر.. أما الإرهاب فقد أعلنت أمريكا الحرب المقدسة عليه عندما تعرضت لإحدى ضرباته في عقر دارها: في مركز التجارة العالمي، ومبنى وزارة الدفاع «سبتمبر 2001» وإذا كان من حقها أن تتعقب الجناة وتمسك بهم وتحاكمهم وتعاقبهم إلا إنها وسعت دائرة الاشتباه على العالم الإسلامي كله، وراحت تضرب في نقاطه الضعيفة، والخالية أساسا من سلاح الطيران، وخاصة في العراق وأفغانستان، وعندما وجدت أمريكا أنها تحارب شبحا لا يمكن الإمساك به، وهو الإرهاب، استعانت بحلفائها القدامى فانضموا إليها مجبرين ومجاملين، وبالطبع لم تسفر المعركة عن أي نتائج كما نشاهد حتى الآن، والسبب بسيط للغاية، وهو أن الإرهاب لا يوجد له جيش لكي تحاربه الجيوش الأمريكية والأطلسية مجتمعة، بل إن المأساة أن مثل هذه الحرب على الإرهاب يمكن أن تستمر إلى الأبد، طالما أنهم لا يريدون أن يتوقفوا قليلا ليحددوا حقيقة الإرهاب، وما هي أسبابه؟ إن الإرهاب ببساطة وليد التطرف. والتطرف وليد الغضب والغضب ينشأ من ضياع الحقوق، وانسداد قنوات الحصول، عليها بالصورة الطبيعية أو القانونية والمسألة أشبه بمن يدوس على ذيل القطة الوديعة فإذا بها تنقلب إلى حيوان غاية في الشراسة!
أما مسألة فلسطين فسببها الرئيسي هو الاحتلال: احتلال اليهود الصهاينة للأراضي الفلسطينية، وطرد الكثير من أهلها، حوالي خمسة ملايين، وعدم الموافقة على عودتهم إليها، مع إخضاع باقي الفلسطينيين إلى أسوأ أنواع المعاملة!
فما الذي فعلته السياسة الخارجية الأمريكية في الماضي تجاه هذه المأساة؟ اكتفت بمناصرة إسرائيل على طول الخط، ولم تحرك ساكنا أمام قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة التي تقضي بإنهاء الاحتلال، بل تركت إسرائيل تتمدد وتتوسع على حساب الفلسطينيين.

*  *  *

أمريكا: حضارة أم قوة؟

[ لم ينشر من قبل ..]

أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية في العصر الحاضر، وبالتحديد منذ خمسينات القرن العشرين، هي سيدة العالم من الناحية العسكرية دون منازع. ولا شك أن تفوقها العسكري يرجع أساسا إلى امتلاكها السلاح الذري، وكذلك استعماله قبل غيرها ممن نجحوا في الحصول على نفس السلاح. وإذا كان التاريخ يعلمنا أن (الأقوى) هو الذي يقود ويوجه، فقد كان من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة الأمريكية- الدولة الأقوى هي التي تقود العالم المعاصر، وتوجه مسيرته الحضارية، أو تصبح على الأقل هي المنارة التي يسترشد بها العالم.
لكن شيئا من ذلك لم يحدث، فهل يعني هذا أن قانون التاريخ الذي يقرر أن الأقوى عسكريا هو الأقدر على القيادة حضاريا قد ثبت خطأه؟ أم أن  شيئا ما في تركيب هذه الدولة الأقوى يقعد بها عن أن تنهض بدورها الحضاري؟
الواقع أن القانون التاريخي لم يتخلف حتى الآن، فقد كانت الحضارة تسير دائما في خطي الأقوياء، الذين يأخذون بأيدي من هم أضعف: حدث ذلك باطراد في الحضارة المصرية القديمة، والإغريقية، والإسلامية، والأوروبية، وليس معنى ذلك أن القوة هي التي تنشئ الحضارة، وإنما هي التي تمكن لها في الأرض.
لم تبق إذن إلا الإجابة الثانية، وهي أن شيئا ما في تركيب الولايات المتحدة هو الذي يقعد بها عن أداء دورها الحضاري المأمول. وللوقوف على هذا «الشيء» لابد أولاً أن نشير إلى أن هذه الدولة العملاقة تدين بالفضل في نشأتها وقوتها إلى خيرة العقول والسواعد الأوربية التي هاجرت إليها طلبا للأمن، أو رغبة في مزيد من الثروة، كما تدين بالفضل في استقرارها وتقدمها إلى هؤلاء المهاجرين الأوائل الذين أحسنوا استثمار خيراتها، وتعاونوا- بعد تجارب مريرة- على إقامة نظام رأسمالي وديمقراطي مقبول من الجميع.
لكن هؤلاء المهاجرين الأوربيين لم يحملوا معهم من أوربا سوى الرغبة في السيطرة، سواء كانت على أحراش الطبيعة، أم على القبائل الهنود الحمر! وسرعان ما نجحوا في زراعة الأرض، واستثمار خبراتها، ولم يتوقفوا في هذا المجال فحسب، بل غاصوا في أعماق البحار، وطاروا في مدارات الفضاء!
ويذكر للولايات المتحدة وقفتها إلى جانب الحلفاء الأوربيين في وجه نازية هتلر خلال الحرب العالمية الثانية، وهي الوقفة التي دعمت انتصار الحلفاء، وأدت إلى ازدهار أوربا الاقتصادي واستقرارها السياسي الذي مازال مستمرا حتى اليوم، لكن الولايات المتحدة ما لبثت أن أزاحت الدول الأوربية العتيقة من مكان الصدارة، وأخذت مكانها باعتبار أنها رجحت كفة الانتصار، كما ساعدت بعد ذلك في إعادة البناء (مشروع مارشال).
وقد اتجهت أنظار دول العالم إلى تلك الدولة القوية، فاختاروها لتكون مقرا للأمم المتحدة التي تراقب انتظام مسيرة السلام العالمي، وتحكم الخلافات بين الدول، وكان هذا رمزا لتسليم العالم لها بدور قيادي بارز. وبناء على ذلك، كان من المتوقع أن تتصدر أمريكا منصة القاضي بين دول العالم، فتناصر الضعيف وتردع الظالم والمعتدي، غير أن ذلك لم يتحقق حتى الآن، فإن مغامرات بعض رؤسائها جعلتها تتورط في نزاعات صغيرة، وتصبح هي نفسها طرفا في حروب أثبت الزمن عدم جدواها، إن لم يكن عبثها وجنونها (حرب فيتنام) بالإضافة إلى انحيازها الصارخ أحيانا في بعض القضايا الخاسرة، التي جعلتها تقف أمام العالم كله في موقف لا يحسن الدفاع عنه (قضية فلسطين ومساندتها للجانب الإسرائيلي).
هنا تبدو جدارة أمريكا في القيادة الحضارية موضع اختبار حقيقي، فهي إذ تغلب جانب المصالح المؤقته على الحق، وتتخلى عن القيم الإنسانية من أجل الواقع القبيح المفروض بالقوة- إنما تكشف عن أنها دولة قوية.. لكنها ليست حضارية.
قد يقال إن المذهب الفلسفي pragmatism الذي يسود الحياة الأمريكية قائم أساسا على المنفعة، لكن هذا المذهب إذا ثبت نجاحه في مجال المعاملات الاقتصادية البحتة، فإنه عاجز تماما في مجال العلاقات الإنسانية والحضارية.
هل تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أن قوة الاسكندر قد تلاشت بينما بقيت أعماله الحضارية التي تمثلت في إنشاء مجموعة المدن الإسكندرانية في إفريقيا وآسيا؟ وأن صولجان الإمبراطورية الرومانية لم يعد له وجود بينما ظلت بقايا مسارحها، وفقرات من قانونها موجودة حتى الآن، وأن الحضارة الإسلامية التي امتد سلطانها من حدود الصين حتى شواطئ أفريقية وأوربا الأطلسية مازالت تتألق بآثارها القائمة، ومؤلفاتها التي تمتلئ بها مكتبات العالم.. وأن قادة الحضارة الأوربية العسكريين قد نسيهم العالم بينما لا يزال يذكر أسماء أدبائها وعلمائها ومفكريها؟!
*  *  *

أمريكا
بين إسرائيل والعرب

[الأخبار، 20/1/2008]

لا يرجع تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية إلى أكثر من 228 عاما، وهذا يساعدنا على كشف حقيقة أخلاق ونفسية الشعب الأمريكي الحالي، والذي تكون من مختلف الجنسيات الوافدة إليه من أوروبا وإفريقيا وآسيا، وقد وجد هؤلاء المهاجرون في الأراضي الأمريكية الشاسعة والبكر أفضل الفرص لتكوين الثروة، وامتلاك القوة. وكان عليهم أن يخوضوا ثلاثة أنواع من الصراع، كان الأول وحشيا ضد سكان البلاد الأصليين والثاني ضد الدول الأوربية التي جاءت بغرض الاحتلال، وهي فرنسا وانجلترا وأسبانيا، أما الصراع الثالث فقد خاضوه ضد بعضهم البعض: أهل الشمال ضد أهل الجنوب، والذي انتهى بإلغاء الرق من الجنوب ومساواة السود بالبيض في الحقوق. والواقع أن الأمريكيين نجحوا في الخروج من هذه الصراعات الثلاثة، ولكنهم ظلوا منقسمين «نفسيا وسياسيا» إلى حزبين كبيرين هما الحزب الجمهوري، الذي يميل إلى التمسك بمكتسباته، ويفضل عدم المشاركة في مشكلات العالم، والحزب الديمقراطي الذي ينفتح على العالم، ولا يرضيه انتشار الفقر والظلم في بعض مناطقه. ولا شك أن النظام السياسي الذي ارتضاه الأمريكيون قد اتاح لهذين الحزبين أن يتنافسا من أجل الوصول إلى رئاسة الدولة وبالتالي يقوم كل منهما بتحقيق تصوراته، في الوقت الذي يحاول فيه أن يصلح أو يرمم أخطاء الحزب الآخر، وبالطبع فإن المستفيد الرئيسي من ذلك هو الشعب الأمريكي، الذي يعطي كل منهما فرصة الرئاسة في فترة قد تطول أو تقصر، حتى إذا ثبت فشله في حل المشكلات، قام بالتصويت للحزب الآخر لكي يتولى المهمة.
وقد يبدو من مظاهر تقسيم السلطات «التشريعية والتنفيذية والقانونية» أن رئاسة الجمهورية في أمريكا ليست مطلقة النفوذ، كلا.. فإنها أحيانا تكون كذلك، حدث هذا في عهد الرئيس روزفلت خلال فترة رئاسته الأولى 1932، حين قام بإصلاح شامل، عالج فيه توابع النكسة المالية التي حدثت في عام 1929 بدون موافقة المحكمة العليا، وكما شاهدنا جميعا في عهد الرئيس بوش- الابن من الاستمرار في حرب العراق ضد رغبة معظم أبناء الشعب الأمريكي، وبمعارضة واسعة من الكونجرس وإذا كانت هذه أمثلة قليلة إلا أنها تكشف عن نفسية الرئيس الأمريكي الذي يميل إلى اتخاذ قراراته بنفسه، وخاصة إذا كان من المنتمين إلى الحزب الجمهوري!
أما السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية فعمرها لا يتجاوز الخمسين سنة بقليل! فقد ظلت هذه الدولة الكبرى منعزلة بنفسها عن شئون العالم، وخاصة أوروبا، لفترة طويلة جدا، ولم تنخرط في مشكلاتها إلا حين قام اليابانيون بالهجوم الشهير على أسطولها الرابض في ميناء بيرل هاربر ديسمبر 1941، وقد أدخل هذا العمل الطائش الأمريكان بقوة في قلب مشكلات العالم، ومنذ ذلك الوقت أصبحوا مشاركين في أموره، بل ومسيطرين على كل كبيرة وصغيرة فيه!
من هنا، أرجو أن يكون المدخل السابق تمهيدا ضروريا لفهم حقيقة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وبالذات تجاه قضية فلسطين، التي ظهرت على الساحة الدولية منذ عام 1948، واستمرت حتى اليوم. في هذه اللحظة لم يكن اهتمام الأمريكان بشئون العالم الخارجية قد مضى عليه أكثر من سبع سنوات فقط، فماذا كان الوضع؟ كان اليهود الذين هاجروا إلى أمريكا وشاركوا المهاجرين الأوائل في حركة البناء والنهضة قد مضى على وجودهم هناك حوالي قرنين، استطاعوا خلالهما أن يتقربوا ويتدخلوا، ليس فقط في مراكز الإدارة والاقتصاد، وإنما أيضا في الرئاسة الأمريكية ذاتها، وكان هذا أحد أهدافهم الرئيسية. وقد قام الكاتبان الأمريكيان ديفيد دالين وألفريد كولاتش بتأليف كتاب هام حول هذا الموضوع، يكشف عن العلاقات الحميمة التي كانت تقوم بين اليهود ورؤساء الولايات الأمريكية بلا استثناء، وسواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين، فإذا أضفنا لذلك: اختيار دولة إسرائيل منذ تم إعلان قيامها الوقوف تماما لمناصرة السياسة الأمريكية في العالم، والانحياز الكامل لها، وعدم معارضتها أو الوقوف ضدها، كما فعلت معظم البلاد العربية حين دارت في فلك عدوها اللدود: الاتحاد السوفيتي طوال فترة الحرب الباردة، وهكذا فإن التأييد الأمريكي المطلق والمستمر لإسرائيل في مقابل الإهمال المتعمد لحقوق الشعب الفلسطيني لا يأتي من فراغ، بل إن وراءه تاريخا ممتدا، كتبه أصحابه بجهودهم وذكائهم أيضا!
لكن الأبواب ليست كلها مغلقة أمام العرب، والسدود مهما كانت عالية وضخمة فإنها لابد أن تسرب بعض المياه! إن البلاد العربية النفطية على علاقة مصالح جيدة مع أمريكا، ولها فيها رؤوس أموال واستثمارات هائلة، وسوف يظل من مصلحة أمريكا الحفاظ على تلك العلاقة الجيدة، وهو الأمر الذي يتيح لتلك البلاد العربية أن تحدث قدرا من التوازن في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، التي هي أساس النزاع ومصدر القلاقل في منطقة الشرق الأوسط، ومع ذلك فإن العرب عليهم أن يختاروا الوقت المناسب للحديث والأسلوب المناسب في الإقناع، وفي الوقت نفسه، لابد أن تقدم المطالب الفلسطينية بصورة قابلة للتنفيذ، وليس في إطار الأحلام والشعارات التي قد تلهب حماس الجماهير وتدغدغ مشاعرهم، ولكنها لا تنفع في ظل موازين القوى الدولية، القائمة حاليا في العالم!
*  *  *

هل هو تحول أمريكي؟!

[الأخبار، 3/3/2009]

لفت اهتمامي في قناة الحرة الأمريكية والناطقة بالعربية، عبارة هامة جدا تقول «علينا أن نحارب الجوع في العالم قبل أن نحارب الإرهاب»، ومن المؤكد أن مثل هذه العبارة لم يكن من الممكن تمريرها في نصوص القناة الأمريكية وعلى لسان مذيعها دون فحص جيد، وكذلك دون قصد. صحيح أن البرنامج الذي وردت فيه كان يتحدث عن تطوير بعض التقنيات الزراعية لمواجهة خطر المجاعة التي تهدد الدول النامية، وسوف تنعكس بالضرورة على الدول المتقدمة نتيجة نقص الغذاء بالمقارنة إلى عدد السكان المتزايد، فما الذي حدث أو ما الذي يحدث في أمريكا لكي تعلن صراحة أن مكافحة الجوع، الذي هو مشكلة حقيقية ومستمرة منذ عشرات السنين، تأتي في المرتبة الأولى قبل مكافحة أو محاربة الإرهاب الذي هو ظاهرة عارضة، نشأت لظروف معينة ساعدت عليها أمريكا نفسها بسياستها غير الحكيمة، حين راحت تدعم ماليا وعسكريا المجاهدين في أفغانستان ضد الاحتلال السوفيتي، وحين انتصروا عليه وأجبروه على الرحيل، تخلت عن أولئك المجاهدين، الذين كانوا قد قويت شوكتهم، فراحوا ينشرون الرعب في البلاد العربية، ثم في مختلف البلاد العالم!
لقد استغلت أمريكا- طوال عهد الرئيس بوش- مصطلح الإرهاب، وحرفته وتلاعبت به، وراحت تطلقه ظلما على مقاومة الاحتلال الجائر لأي بلد في العالم.
إن أمريكا التي كان العالم كله يتوقع منها، وقد انفردت بزعامة العالم بعد سقوط منافسها القوى الاتحاد السوفيتي، أن تكون حكما عادلا بين جميع الدول، وأن تحقق ما كان مأمولا منها من مناصرة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان إذا بها تتنكر لتلك المبادئ التي طالما تشدقت بها وتصبح رمزا لمحاربتها وتضييق الخناق عليها، ومن أعجب العجائب أنها مازالت تدعي قولا ما لا تحققه في الواقع العملي، فهي تحاسب بعض الدول المناوئة لها على عدم مراعاة حقوق الإنسان، بينما تقوم بانتهاكها علنا في معسكر جوانتانامو، وتدوس عليها في كل من أفغانستان والعراق!!
لقد أصبح العالم كله مع الأسف يكره أمريكا.. وهناك في داخل أمريكا حركات احتجاج تعلن موقفها الرافض لتلك السياسة المختلة الموازين، لكن أصواتها تضيع في ضجيج الإعلام الأمريكي الذي يسيطر عليه               بالكامل اللوبي الصهيوني، ويتحكم في كل منافذه. وقد سمعت أحد الأمريكيين يقول إن أي صحفي شاب يريد أن يشق طريقه في وسائل الإعلام عليه أن يتجنب الإساءة أو حتى الإشارة إلى اليهود عموما، وإلى إسرائيل بصفة خاصة، وإلا لتمزق شراعه الصغير قبل أن يبحر في محيط الإعلام الأمريكي!!
أعود لمكافحة الجوع قبل محاربة الإرهاب، لكي أستخلص من إعلانها هكذا في قناة الحرة الأمريكية توجها يعبر عن انسحاب خجول من ماضي السنوات الثماني السابقة، المليئة بصنوف التهور والفشل معا، إلى بداية قد تكون جديدة، ربما تحاول بها أمريكا أن تغير صورتها المهتزة في العالم. فالدول التي تعاني من خطر المجاعة أكثر من الدول التي تعاني مما يسمى الإرهاب، وهي كلها بحاجة إلى المعونة والمساعدة. وقد أصبحت مشكلات البيئة التي كنا نحسبها بعيدة عنا تنخر في رصيد العالم من الهواء والماء والطعام!
أرجو مخلصا أن تكون تلك العبارة التي وردت في قناة الحرة الأمريكية مؤشرا جيدا لاتجاه العملاق الأمريكي إلى مساعدة الدول الضعيفة والفقيرة بدلا من أن تتحرك أساطيله وطائراته وصواريخه لتدميرها بغرض السيطرة عليها!!


*  *  *

انهيار نظرية الفوضى الخلاقة

[الأخبار، 28/10/2008]

استعارت السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية نظرية الفوضى للخلاقة من علم الفيزياء .. وهي النظرية التي يقوم فيها الباحثون بإحداث حركة مضادة في نظام الجزيئات داخل الخلية، بحيث تتأثر هذه الجزيئات بصورة غير منتظمة، وفي خطوط واتجاهات متقاطعة ومتضادة ومتعاكسة بالنسبة لنظامها الأصلي، ثم يقوم الباحثون بعد ذلك بمحاولة إعادة تثبيت هذه الحركة، وتحويل تلك الفوضى إلى نظام جديد يختلف عن الشكل الأول، ويمكن التحكم فيه. وبالطبع هنا العمل كله يتم في المعمل، ويقوم به باحثون متخصصون، أما وزارة الخارجية الأمريكية فقد توصل عقلها الذكي بقيادة الآنسة كونداليزارايس إلى أخذ هذه النظرية بحذافيرها، ومحاولة تطبيقها على منطقة الشرق الأوسط باستثناء، إسرائيل طبعا! وقد استخدمت تلك النظرية في تبرير الاحتلال الأمريكي للعراق، والذي لم ينتج عنه حتى الآن سوى قتل الملايين من أهل العراق، وتخريب بنيته الأساسية، والتحكم الكامل في مصادر نفطه، والحيلولة دون قيام نظام سياسي آخر بعد إسقاط نظام صدام حسين.
ولأن العرب سكتوا عن بيان فساد تلك النظرية واستحالة تطبيقها على الظواهر الإنسانية، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، وقد فعلوا ذلك احتراما وربما خشية من أمريكا ووزيرة خارجيتها، فقد اندفعت الأخيرة في القول بأن السياسة الخارجية لأمريكا تهدف إلى تطبيق نظرية الفوضى الخلاقة على سائر الدول العربية، وخاصة تلك التي تتميز بنوع من المقاومة أو المعاندة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي. وقد كنا نحسب أن المسألة مجرد كلام في السياسة، حتى بدأ يظهر بوضوح بروز بعض مظاهر التطبيق العملي لتلك النظرية، فقد هاجمت إسرائيل لبنان بقسوة لا مبرر لها، محاولة تدمير بنيتها الأساسية وهدم مبانيها على رأس سكانها بحجة القضاء على حزب الله، لكن الأمر انتهى بخروج هذا الحزب منتصرا، وهزيمة الجيش الإسرائيلي بكل عتاده الحديث وآلياته المدرعة! وعندما فشلت القوة العسكرية شاهدنا ظهور بعض الفتن والقلاقل الداخلية في البلاد العربية، وراحت تطفو على السطح بعض أحداث الفتنة الطائفية «مسلمين- مسيحيين» والمذهبية «سنة- شيعة»!
وتكاد تنحصر المسألة في قيام أمريكا بتشجيع بعض المعارضين للأنظمة العربية الحالية، والموجودين فيها أو في دول الاتحاد الأوروبي لكي يحركوا تلك الفتن. كما أتاحت لهم القنوات التابعة لها مباشرة «قناة الحرة» أو بعض القنوات الفضائية العربية المتعاونة معها!!
لقد ثبت فشل تطبيق نظرية الفوضى الخلاقة في العراق حتى الآن، وتبين للجميع أن الفوضى التي أحدثتها أمريكا وحلفاؤها لم تنتج عنها سوى الفوضى المدمرة، وليست الخلاقة بمعنى أنها لم تستطع في أي لحظة أن تمسك بيديها الخيوط لكي تعيد ترتيبها على النحو الذي تهواه.. إنني أذكر- ولعل أمريكا نفسها قد نسيت- أن صدام حسين قبل إسقاط نظامه قد ظل يستقبل جموع الشعب العراقي، ويوزع عليهم الأسلحة من أجل الاستعداد للمقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال القادم، وقد أعدم صدام، لكن المقاومة العراقية مازالت تعمل حتى اليوم، وهي التي أسقطت أكثر من أربعة ألاف أمريكي، وخلفت ألاف الجرحى والمعاقين، وهذا يثبت للآنسة كونداليزا رايس، ومنظري السياسة الأمريكية فشل النظرية العلمية التي إن صلحت في داخل المعمل، فإنها غير قادرة على الصلاحية في مجال التعامل مع الشعوب، وخاصة عندما تكون شعوبا ذات تاريخ طويل، وحضارة عريقة، مثل الشعب العراقي الباسل.
*  *  *

مبروك لأمريكا

[الأخبار، 11/11/2009]

مبروك للشعب الأمريكي اختياره الموفق لباراك أوباما رئيسا للجمهورية وممثلا للحزب الديمقراطي الذي أزاح ثماني سنوات فاشلة وكئيبة من حكم الحزب الجمهوري!
مبروك للشعب الأمريكي انتصاره على ذاته، وتجاوزه لنظرته التقليدية العنيفة في الفصل العنصري بين الجنس الأبيض والجنس الأسود، وبذلك أعلى من مبدأ المساواة الإنسانية، وحقوق الإنسان!
مبروك للشعب الأمريكي في اتجاهه من خلال صناديق الانتخاب النزيهة نحو نبذ العنف وهجر الحرب والتدخل القسري في نظام الدول وحياة الشعوب الأخرى!
مبروك للشعب الأمريكي عاقبة صبره على تحمل تلك «الشلة»  المتصلبة التي أدارت بلادهم على نحو شبه ديكتاتوري خلال ثماني           سنوات، فلم تسمع لشكواهم من إرسال أبنائهم إلى الموت في أفغانستان والعراق، كما تركت الاقتصاد الشرس ينهب أصول البلاد وخيراتها            وتنزح دولاراتها كمكافآت لمديري البنوك الخاسرة أو شركات التأمين المتعثرة!
ماذا فعلت إدارة بوش للأمريكيين خلال السنوات الثماني الماضية؟ ثم ماذا فعلت في العالم؟ إن الحساب ينبغي أن يكون قاسيا، ويكفي أن نستعرض من جديد عناوين الصحف الأمريكية والعالمية لكي ندرك مدى التخبط والعشوائية والتسلط التي مارسته تلك الإدارة غير المأسوف عليها، في محاولة حل مشكلات، كان من الممكن جدا أن يتم حلها بصورة أخرى غير التي عالجتها بها، فضلا عما أثارته هي نفسها من مشكلات لا نكاد نجد لها حلولا قريبة ولا حتى بعيدة!
لقد كان بمقدور الإدارة الأمريكية الراحلة أن تحل أي مشكلة تعترضها في العالم بدون الحرب وتحريك الجيوش والأساطيل التي كلفت ميزانية أمريكا مالا تطيق، والتي راحت تزهق أرواح المدنيين وتهدم بيوتهم، وتدمر المنشآت الحيوية، وتحطم المتاحف والجامعات كما فعلت في العراق، وليتها انتصرت أو حتى اقتربت من النصر، بل إن موقفها الحالي لا يدل إلا على الهزيمة المخزية أمام مجموعات قليلة من المقاومة، تطلق عليهم مصطلح الإرهابيين!!
وها هي جيوش أمريكا في أفغانستان لا تستطيع أن تستقر على الأرض التي تشعلها تحتها المقاومة في كل مكان، حتى أن حلفاءها بدأوا يعلنون يأسهم وفشلهم في تلك الحرب التي لا تبدو لها نهاية!
ومن العجيب أن إدارة بوش كانت تعد العدة للدخول في حرب ثالثة مع إيران، وهي حرب لا يعلم إلا الله وحده ماذا ستكون نتائجها على المنطقة المحيطة بها، والتي يتدفق منها أكثر من نصف بترول العالم، بل وعلى أمريكا نفسها سواء في مصالحهم التي توجد في كل بلاد العالم، ولا يستبعد أيضا على أمريكا نفسها في عقر دارها!
عموما لقد طويت صفحة كئيبة من تاريخ أمريكا الحديث، وبدأت فيما يبدو صفحة جديدة مع الرئيس الواعد الجديد، وبمقدوره أن يكتب فيها سطورا تعيد أمريكا إلى العالم، وتعيد الشعب الأمريكي الذي كانت الشعوب الأخرى قد بدأت تكرهه بسبب تصرفات إدارته الهوجاء إلى حب تلك الشعوب واحترامها له من جديد.
إن العالم كله يتوقع من أوباما الكثير، وأهمية تحقيق ما تنادي به أمريكا نفسها من مناصرة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان..


*  *  *

خطاب مفتوح إلى أوباما

[الأخبار، 16/12/2008]

أعتقد أن من حقي كمواطن مصري، وأستاذ في أحدى جامعاتها، أن أكتب هذه الرسالة إلى الرئيس المنتخب أوباما، وخاصة قبل أن يتسلم منصبه الهام والخطير في العشرين من يناير 2009. الغرض من هذه الرسالة يتلخص في نصيحة لم يستمع إليها سلفه الرئيس المنتهية ولايته السيد بوش، وهي المتعلقة بالحرب على الإرهاب. لقد سبق أن كتبت إليه ونشرت ذلك في الصحافة المصرية التي ربما لا يقرأها الأمريكان: أن مصطلح الحرب على الإرهاب مصطلح خاطئ تماما، لأن الحرب تتضمن بالضرورة وجود جيشين متقابلين، والإرهاب هنا ليس له جيش نظامي حتى نحاربه وإنما هي جماعات متناثرة، ومستخفية في كهوف الجبال أو حتى في شقق المدن.. وهي التي تختار وقت الضربة التي تريدها وتحدد هدفها تبعا لقراراتها، وقلما تعثر على اتباعها إلا وهم بين الحطام بعد أن يفجروا أنفسهم في أهدافهم. إن الإرهاب أشبه بالقطة السوداء في الحجرة المظلمة! لذلك فإن تحريك الجيوش بكاملها لن يتمكن على الإطلاق من الإمساك بالإرهابيين أو القضاء عليهم إلا بمحض المصادفة، والدليل على ذلك ما يحدث حتى اليوم في كل من العراق وأفغانستان، وما سبق أن حدث في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وبعض العواصم الأوروبية والعربية، والخلاصة أن الإرهاب لا يحتاج إلى حرب.. وإنما إلى مكافحة وفرق كبير بين الحرب والمكافحة.
هذه واحدة، أما الثانية فهي أن تلك المكافحة تعتمد في المقام الأول على المعلومات. وأهم شيء في المعلومات أن تكون صحيحة وموثقة، كذلك فإن المعلومات تحتاج من الذي يحصل عليها إلى تحليل وموازنة، ثم بحث عميق في نشأة ظاهرة الإرهاب وتطورها. ومخاطرها.. ولا شك أن الذين يتحدثون كثيرا عن الإرهاب في وسائل الإعلام، حتى الأمريكية يتجنبون دائما الحديث عن أسبابه، مع أننا لو وقفنا جيدا على أسباب الإرهاب لأصبح من السهل علينا التعامل معه. ولست أقصد من ذلك الرضوخ لمطالبه، وإنما فهم مقاصده، وهنا أتوقف قليلا لأسأل وأتساءل:
-
ما الذي دفع الإرهاب الذي بدأ محليا لكي يصبح ظاهرة عالمية؟
-
ولماذا يجتذب إليه شبابا يضحون بأرواحهم في سبيل تحقيق أهدافه؟
-
وما طبيعة الغضب الذي يسيطر عليهم، والانتقام الذي يعتمل في نفوسهم؟
-
وكيف يحظى بتعاطف الناس الذين يحيطون به، ولا يرفضونه!
-
ثم.. هل الإرهاب فعل أم هو رد فعل؟
إن هذه الأسئلة تدخل في صميم مسألة الإرهاب التي أزعجت العالم منذ ثلاثين عاما، وسوف تظل تزعجه- في رأيي- لثلاثين عاما مقبلة، وطالما أن العالم المتحضر، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، لا يريد أن يجيب بصراحة عن تلك الأسئلة السابقة وأمثالها فإن ظاهرة الإرهاب سوف تبقى، وتستمر، بل إنها كما نلاحظ جميعا تكتسب في كل يوم خبرات جديدة، وتحصل على أسلحة متطورة!
ويبقى سؤال في غاية الأهمية.. وهو الذي يتعلق بكيفية التمييز بين الإرهاب وبين المقاومة المسلحة للاحتلال؟ ما الفرق بينهما؟ وما حدود الشرعية والإدانة في كل منهما؟ إن هذه المسألة يتم استبعادها تماما من مناقشات مجلس الأمن والمحافل الدولية لسبب بسيط، هو أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في حسمها. لماذا؟ لأنها تجامل حليفتها إسرائيل. وإذا كانت المجاملة بين الدولتين مقبولة نظرا لتاريخ العلاقات الوثيقة بينهما فلا ينبغي أن تكون على حساب المبادئ الإنسانية التي ينبغي أن تطبق على جميع دول العالم!
السيد أوباما.. لقد أعلنت في حملتك الانتخابية أنك قادم للتغيير. وأنك متمسك بمبادئ الحزب الديمقراطي الأمريكي العريق، وتسعى لرفعة بلادك، واستعادة مكانتها التي فقدتها في العالم، وهذه الفرصة نادرة في تاريخ العالم المعاصر، وكنت أتمنى- مثل باقي مواطني العالم الحر، وعشاق السلام فيه- أن تعيد النظر في استراتيجية الإرهاب التي تبنتها أمريكا في الفترة السابقة، والتي ثبت فشلها على كل المستويات، ومن أبرز تلك المستويات تلك النظرة المتحاملة على العالم الإسلامي الذي يشكل ثلث سكان العالم، وجعلته أمريكا مناهضا لها، مع أنه كان من الممكن أن يكون من أهم حلفائها، خاصة أنه متمسك بالسلام، ويؤمن بالعدالة. والسلام ختام.


*  *  *

ماذا يتوقع المسلمون من أوباما؟

(قبل خطابه في القاهرة)

[الأخبار، 26/5/2009]

لا شك أن المسلمين قد استبشروا خيرا بصعود أوباما إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة بعد ثماني سنوات كئيبة من حكم سلفه غير المأسوف عليه، الرئيس جورج بوش الذي عادى المسلمين- وليس الإرهابيين منهم فقط- ولم يكتف بإطلاق عباراته الحادة في حقهم، بل أتبع ذلك بحربين مازالتا مشتعلتين في كل من العراق وأفغانستان، راح فيهما حتى الآن ملايين المدنيين بين قتيل وجريح!
أما أوباما فهو رجل قانون محترم، وملتزم فيما يبدو بكلماته، ولم يصدر منه حتى الآن ما يسيء للمسلمين، بل إنه اتجه في مطلع رئاسته إلى مخاطبتهم من خلال زيارته لتركيا، ثم ها هو يعيد المحاولة من القاهرة، التي هي بالفعل مركز العالم الإسلامي، دون التقليل أبدا من شأن عواصم الدول الإسلامية الأخرى.
وإذا كنا لا نعرف بالضبط ما سوف يقوله أوباما للمسلمين، فإننا            نعرف بالتأكيد ما نريده نحن منه، ومن دولته الكبرى التي أصبحت            تتحكم في مصائر دول العالم، على الرغم من الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها، ولا يعلم إلا الله وحده كيف سيكون خروجها          منها!
المسلمون في كل أنحاء العالم يريدون أولا أن يعيشوا بسلام وخاصة بعد مرورهم بمحنة الاستعمار الغربي الذي ألحق بهم الكثير من الأضرار والأمراض، وكما هو واضح، فإنهم لا يسعون إلى إشعال الحرب أو إثارة النزاعات كذلك فإنهم لا يبدأون أحدا بالعدوان، بل إنهم بالكاد يردون             على من يعتدي عليهم ردا ضعيفا غير مؤثر على قدر ما يمتلكونه من  سلاح، لأن السلاح الذي في أيديهم يأتي كله من الغرب، الذي يصنعه           ويبيعه لهم، وهو حريص أشد الحرص على ألا يمتلكوا منه إلا أقل القليل وأضعفه!
والمسلمون ثانيا مستاءون جدا من تهمة التعصب والإرهاب التي ألصقت بهم ظلما في وسائل الإعلام الغربية، وانعكست بصورة سيئة             للغاية على معاملتهم في المطارات، والحقيقة تؤكد أن دينهم هو دين السلام والتسامح والمؤاخاة، وإذا كانت فئة قليلة العدد منهم هي التي تمارس            العنف لأسباب أصبحت معروفة جيدا، فإن الأحكام العامة والمسبقة             لا ينبغي أن تنسحب على سائر المسلمين، الذين يشجبون أعمال هذه         الفئة.
والمسلمون ثالثا في حاجة ماسة إلى من يأخذ بأيديهم على طريق           التقدم والنهضة الذي ينشدونه لكي يسايروا العصر بمستجداته الحديثة، وإنجازاته العلمية والتكنولوجية، ومما يؤسف له أن الدول الغربية                التي استعمرت بلاد المسلمين لفترات طويلة قد تخلت عنها دفعة واحدة، دون أن تقدم لها أي عون أو مساعدة فضلا عن حقوقها المشروعة في التعويضات.
وأخيرا فإن المسلمين يرجون من الرئيس أوباما أن يتوجه إلى الغرب أيضا بخطاب جديد، ويضع أسس علاقة طيبة بينه وبين المسلمين، وينهي في نفس الوقت حالة التوتر والقلق والخوف من كل ما هو إسلامي، وبهذا الشكل يمكن أن نتفاءل بقدوم عصر جديد من الاحترام المتبادل، وصيانة مصالح جميع الأطراف، والتعايش السلمي بين الشعوب.
*  *  *

الأهداف الحقيقية لخطاب أوباما
(
بعد خطابه في القاهرة)

[الأخبار، 9/6/2009]

استمعت- وأنا في منزلي أمام التليفزيون- إلى خطاب أوباما الطويل والبليغ والمرتجل في جامعة القاهرة، عن العالم الإسلامي، والذي انتظره المسلمون بلهفة، وتقدمته دعاية إعلامية كافية جعلت العالم كله ينتظر ماذا يجيء فيه.
ولأن أي خطاب سياسي بهذه الأهمية له شكل ومضمون وأهداف، فلن نتناول هنا شكله البلاغي الرائع، ولا مضمونه الذي أعجب وأدهش الكثيرين، وإنما سوف أقتصر على أهدافه التي كان يسعى للوصول إليها من خلاله. وفي البداية لابد أن أشيد بهذا الخطاب التاريخي بحق باعتبار أنه أول خطاب من رئيس أمريكي في بداية ولايته حول علاقة أمريكا بالعرب والمسلمين، فقد تعودنا أن رؤساءها السابقين لم يتحدثوا أو حتى يتناولوا قضية            الشرق الوسط إلا في أواخر أيامهم أو قبل خروجهم من البيت الأبيض بعدة شهور!
أما أول أهداف الخطاب فهو محاولة تحسين صورة أمريكا المكروهة لدى العرب خصوصا، والمسلمين عموما، بعد كل الذي فعلته فيهم منذ تدمير العراق، واستمرارها في تدمير أفغانستان، ومحاولتها الأخيرة التدخل السافر في باكستان، وكذلك بعد أن تركت إسرائيل تعربد في المنطقة العربية، وتمارس أقسى أنواع الاضطهاد ضد الفلسطينيين الذين تحتل بلادهم، وتخنق جزءا منها!
والهدف الثاني هو فتح صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية «الخالصة» مع الدول العربية النفطية، وخاصة في ظل تلك الأزمة المالية والاقتصادية التي تغرس أنيابها في كل مجالات الحياة الأمريكية، وبالتالي فإذا كانت هذه البلاد تملك المخزون الرئيسي للنفط في العالم وتتحكم في أسعاره، كما أنها تمتلك جزءا ضخما من رءوس الموال القادرة على تنشيط الاقتصاديات العالمية فإن تأكيد العلاقة الأمريكية معها يصبح أمرا ضروريا، وفي غاية الأهمية.
أما الهدف الثالث فهو التأكيد على الدعم الكامل وغير المشروط لإسرائيل في وسط محيطها العربي الغاضب وضمان أمنها واستقرارها، والتخويف من أي محاولة عربية للصدام معها.. ومن هنا جاءت دعوة أوباما إلى تهدئة المشاعر باستئناف العمل على حل القضية الفلسطينية، كيف؟ وبأي وسيلة؟ وعلى أي شكل يكون حل الدولتين المزعوم؟ لا شيء عن ذلك كله، وإنما أشارة عابرة إلى ضرورة وقف الاستيطان التي رفضتها إسرائيل         على الفور، مع أن الاستيطان هو أحد جوانب المشكلة الأساسية وهي الاحتلال!!
وفي إطار هذا الهدف، أريد فقط إلى أن ألفت الأنظار إلى أن توقيت القاء الخطاب من القاهرة في يوم 4 يونيه 2009، أي قبل ذكرى النكسة التي وقعت عام 1967 ومازالت آثارها باقية في البلاد العربية وفي فلسطين حتى اليوم.. أقول إن الخطاب قد نجح في تحويل أنظار العرب جميعا عن استذكار هذا اليوم الحزين، لأخذ العبرة منه.. فهل تنبه أحد لذلك؟!
ونأتي للهدف الرابع، وهو تأكيد أوباما على مشروعية الحملة الأمريكية المستمرة ضد الإرهاب. وإذا سألنا: ما هو الإرهاب؟ ولم لم تتجه أمريكا إلى أصحابه مباشرة دون قتل المدنيين، أو تدمير العمران «مليون ونصف عراقي راحوا ضحية بحث أمريكا عن الإرهاب» لم نجد في الخطاب أي إجابة محددة!
وأخيرا يتمثل الهدف الخامس في دغدغة مشاعر المسلمين بالحديث الحلو عن تاريخهم العريق في بناء الحضارات وتحقيق التسامح. وهذا قول حق يتناقض تماما مع التاريخ الغربي في استئصال الأديان، ومحاربة اليهود وإحراقهم في الهولوكست، فليس المسلمون هم الذين فعلوها، وإنما هو الغرب الذي يقوم الآن باتهام المسلمين ظلما وعدوانا بالتعصب والإرهاب!!

*  *  *

الأمم المتحدة ونظامها العقيم

[الوفد، 28/9/2008]

كان المأمول من الأمم المتحدة أن تكون هي صمام الأمان بين مختلف دول العالم فتمنع الحروب قبل اندلاعها، وتنهيها بعد نشوبها، لكن الأمم المتحدة التي نشأت عام 1945، بهدف نبيل وهو حفظ السلام والأمن الدوليين، قامت على تنظيم فاسد، ويرجع الفساد فيه إلى أن مجموعة الدول الكبرى التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية هي التي وضعت قانونها لصالحها «أمريكا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى الصين» وهي الدول الخمس الرئيسية التي يتكون منها مجلس الأمن، إلى جانب عشر دول، ويتم انتخابها كل عامين. والمصيبة هنا أن هذه الدول الخمس لكل منها حق الفيتو، أي الاعتراض على مناقشة أو إصدار أي قرار، وبالتالي فإذا كانت هناك رغبة أو مصلحة لإحدى هذه الدول الخمس في أي أمر يعرض على مجلس الأمن، فإنه يتوقف بسبب هذا الفيتو، أما الجمعية العامة التي تتكون من كل دول العالم والتي تتجاوز المائة والخمسين دولة فإنها تجتمع مرة واحدة كل عام في جمعية عامة ليس لها أي تأثير            أو فعالية في أحداث العالم!
فإذا استعرضنا الخمسين سنة الماضية، وهي عمر تلك المنظمة الدولية، وجدناها تحدث جعجعة ولا نرى منها أي طحن، كما يقول المثل العربي! فهي لم تحسم المشكلات التي تظهر وتتفاقم بين الدول كما أن منظماتها المنبثقة عنها لا تتعامل مع الشعوب بصورة مباشرة كمنظمات الغذاء والزراعة والصحة والتربية والثقافة.. إلخ، إنها تجلس في أماكن رائعة داخل عواصم البلاد المتقدمة مثل نيويورك، وباريس، ولاهاي، ثم تصدر قرارات، وعندما يصل الأمر إلى التنفيذ تتحول المسألة إلى مهزلة، ومن ذلك مثلاً أنهم عندنا يقررون إغاثة دولة متضررة من الزلازل أو غيرها فإنهم يرسلون إليها أكياسا وعلبا، ما يلبث التجار في تلك الدول أن يستولوا عليها، ويقوموا ببيعها للناس بدلاً من توزيعها عليهم بالمجان كما هو مقرر! أما مناطق النزاع المشتعلة فهي كما هي، لم تنجح الأمم المتحدة بجلالة قدرها في           أي واحدة منها: منطقة كشمير بين الهند وباكستان، وأراضي فلسطين  المحتلة منذ ستين عاما، والثورة في تايلاند، والانفصال في أسبانيا، وغيرها كثير..
المشكلة التي تواجه الأمم المتحدة ومجلسها للأمن أن الحروب مازالت تقوم وتخمد دون تدخل فعال من الأمم المتحدة، وأي دولة قادرة، وعينها بجحة، تستطيع أن تقتطع من جارتها جزءا ولا تستطيع الهيئة الدولية الموقرة أن تفعل شيئا.. فقط مجرد زيارة من السيد الأمين العام، وهو الآن أضعف من تولوا المنصب، أو بيان يصدر من مكتبه بضرورة إيقاف الاعتداء، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه!!
هل أتجنى على الأمم المتحدة؟ لا يبدو ذلك فهناك عدة قرارات صدرت من مجلس الأمن «القوي والحازم» ضد إسرائيل ولصالح الفلسطينيين ولكنها لم تدخل حيز التنفيذ بسبب عناد إسرائيل وإغضاء الولايات المتحدة الأمريكية الذي يعني الرضا بما تفعله!
وها أنا أكتب هذه السطور، والأزمة الأخيرة قائمة بين روسيا وجورجيا، ومن ورائها أمريكا وأوروبا، ولم تتدخل الأمم المتحدة ولا أمينها العام، أما الذي قام بمحاولة التهدئة فهو الرئيس الفرنسي ثم المستشارة الألمانية.. وطبعا المشكلة لا يمكن أن تطرح على البحث في مجلس الأمن لأن الدول المختلفة لكل منها حق الفيتو!!
والنتيجة أن هذه المنظمة الدولية التي نشأت في قلب الحرب العالمية الثانية، وكاد هدفها كما قلت نبيلاً جدا قد قعدت بها أنظمتها العقيمة عن العمل الجاد والتأثير الإيجابي في حياة الدول والشعوب، وبالتالي فإن العالم بحاجة إلى شيء جديد، ينظم مسيرته بصورة متعادلة، أو على الأقل متوازنة، لأن العدالة المطلقة لا يوجد لها مكان على ظهر هذه الأرض المسكينة..


*  *  *

 

آخر تحديث الأحد, 01 فبراير 2015 14:44