عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
صديق فى مركز الدائرة


صديق فى مركز الدائرة صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
الاثنين, 23 أغسطس 2010 19:27

 

صديق فى مركزالدائرة


بقلم

د . حامد طاهر


لى صديق ، تجاوزت علاقتى به عشرات السنين . وهو مثل كل البشر يتصف ببعض المزايا ، كما أن بعض العيوب . أما مزاياه فأهمهاحرصه الشديد على أداء الواجبات الاجتماعية من مجاملة فى الأفراح ، ومشاركة فى المآتم ، وعيادة فى حالة المرض ، وأحيانا تبرع عند وقوع المصائب . وهناك أمر مازلت متردداً فى اعتباره ميزة أو عيبا ، وهو أنه يحب الإصغاء لمعرفة مثالب الأخرين ، لكنه والحق يقال لايسعى أبداً فى نقلها أو الترويج لها !

أما أبرز عيوبه فهو اعتداده الشديد برأيه ،وعدم السماح لنفسه بإمكانية الخطأ . صحيح هو مثقف ، ومتابع جيد لأحوال الداخل ومايجرى فى العالم ، كما أنه يقرأكثيرا ، وقد سافر أيضا فى الماضى إلى بلاد متعددة ، ومر بالعديد من التجارب ، وأفضل مافى هذا الجانب أنه لايفتخر على أحد بشىء من ذلك ، بل إنه يحتفظ به لنفسه ، ويجعله أساساً لما يبنى عليه . لكنك إذا رحت تستشيره فى أمر أو تطلب رأيه فى حل مشكلة ، أطرق قليلاً ، ثم فاجأك بقول حاسم فى كلمات معدودة . فإذا حاولت أن تستزيده أو تراجعه وجدت وجهه قد اكفهر ، وظهر عليه الضيق والغضب ، وكاد يعاملك بغلظة ، حتى أنه إذا لم يستطع صرفك من المكان ، أسرع هو إلى مغادرته !

من خلال لغته ، لاحظت مع مرور الوقت ، أنه لايبدأ عباراته إلا بـ ( أنا أعتقد ) ولم أسمعه أبداً يقول ( أنا أظن ) أو ( أنا أحسب ) أو ( أنا أرجح ) .. وعندما أخبره أحد اصدقائنا المقبلين على الزواج بنيته ، أسرع قائلا له " إن الزواج مشروع فاشل . وأعتقد أنك سوف تدرك ذلك عاجلاً أو آجلاً . بل إننى أجزم بأنك ستعلم صدق حديثى بعد شهر واحد فقط .. وعندما شكا له صديق اخر عن بعض متاعبه الزوجية قال له على الفور: أعتقد أن الحل الأمثل هو فى الطلاق . وحين حصل أبن صديق ثالث على مجموع متوسط فى الثانوية العامة ، راح كل منا يقترح كلية أو معهداً للولد ، أما هو فقال بحسم : ينبغى أن يتوقف هذا الولد عن التعليم ، وأن يتحول بسرعة إلى مهنة يدوية ، فالاعتقاد الجازم لدى أنه لن يصلح لأى جامعة !

فى الفترة الأخيرة ، بدأ يكثر من تناول القهوة السادة ، وعندما سألته عن ذلك قال إنها تتيــح له قدرا من التركيز الذى يحتاج إليه لبلورة أرائه . وعندما تلطفت قليلا قلت له : ألايمكن أن تكون هذه الأراء مجرد وجهات نظر ، تقبل الخطأ كما تقبل الصواب ، جحظت عيناه بالغضب وقال : كيف وأنا أفكر فيها بعمق ، وأقلب المسائل على كل جوانبها ، فمن أين يأتى الخطأ ؟! قلت له : لأن عقولنا ليست كاملــة . قال : أما أنا فإننى أعتنى بعقلى كثيرا ، ولا أهمل استخدامه كما تفعلون أنتم ! عندها وجدت أن الحوار معه لن يجدى ، فانصرفت ، تاركا لهذا الصديق المسكين دائرته الخاصة التى جلس فى مركزها ، معتقداً أن رأيه هو الصواب الذى لاخطأ فيه ، والحقيقة التى لايشاركه فيها أحد !

آخر تحديث الاثنين, 07 فبراير 2011 02:18