عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
المنهج القرآنى فى حسم القضايا الدينية صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الجمعة, 10 أغسطس 2018 14:37

 

المنهج القرآنى فى حسم القضايا الدينية :
قضية خلق القرآن
ــــــــــــــــــ


يتلخص المنهج القرآنى فى الرجوع إلى آيات القرآن الكريم
فى موضوع معين أو قضية خلافية لاستعراض مختلف جوانبها
وبيان الحكم القرآنى فيها ، حسما للنقاش الدائر حولها والخروج
منها بنتيجة محددة .


وبالنسبة إلى قضية أو مسألة أو فتنة خلق القرآن .. أقول :
إن هذه القضية قد ثارت فى عهد الخليفة العباسى المأمون
(198ــ 218هـ) ابن هارون الرشيد والتى استعان فيها

بطائفة المعتزلة الذين أيدوا القول بخلق القرآن ، فى مقابل
باقى علماء المسلمين الذين رفضوا القول بذلك .


ومن العجيب أن هذه القضية (الزائفة) قد شغلت الأوساط
الدينية والعلمية لفترة تصل إلى ما يقرب من ثلاثين عاما
تقريبا ، وشارك فيها ثلاثة خلفاء عباسيين هم : المأمون
(198ــ218) ، والمعتصم (218ــ 227)

والواثق (227ــ232) حتى جاءالخليفة المتوكل(232ــ 247)
فأوقف الحديث عنها . وهو الأمر الذى يثبت أنها لم تكن قضية
دينية ولا علمية (حقيقية) ولكنها كانت مجرد قضية مفتعلة ،
وبالرغم من ذلك فقد تم التنكيل بسببها بالكثير من علماءالمسلمين
الذين رفضوا أن يعلنواالقول بخلق القرآن ، ومن أبرزهؤلاء الإمام
أحمد بن حنبل ( المتوفى241هـ) .


والأعجب من ذلك أن هذه القضية الزائفة قد استمر تدريسها
وتلقينها لطلبة العلم فى كل المجتمعات الإسلامية حتى وقتنا هذا ..
ولا يكاد يخلو مرجع فى علم الكلام الإسلامى دون أن يتعرض
لمشكلة خلق القرآن ، ونادرا ما يحاول أن يجد حلا لها !
أما الأكثر إدهاشا فهو ما وجدته على شبكة الإنترنت من عدد
من كبار العلماء الحاليين بخوضون فى القضية بنفس الوسائل
القديمة ، ومن دون أن يبينوا وجه الصواب فيها .


لهذا فقد وجدت الحاجة ماسة إلى حسم هذه القضية من خلال
تطبيق منهج القرآن عليها باعتباره المصدر الرئيسى للإسلام .


وأبدأ فأقول: إن استعراض آياته الكثيرة (حوالى 300آية) ومعاودة
التأمل فيها يثبت أنه لا توجد إشارة واحدة إلى (خلق) أو (عدم خلق)
القرآن الكريم .وقد وردت لفظة : القرآن (59) مرة ، بينما وردت
لفظة : كتاب (230) مرة .


ولغويا : فإن القرآن يعنى ما هو مقروء ، والكتاب ما هومكتوب ،
وهناك بعض الآيات جمعت بين القرآن والكتاب باعتبارهما شيئا
واحدا، كما فى قوله تعالى (تلك آيات القرآن وكتاب مبين) [الحجر1]
وكذلك قوله تعالى (إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون) [الواقعة27] .


ومن الأوصاف التى كرم الله تعالى بها القرآن الكريم ، ورد وصف
(العظيم)[الحج87] ، و(الحكيم)[يس2] ،و(المجيد) [ق1] و(الكريم)

[الواقعة77] .


وكما أنزل الله تعالى القرآن على محمد (عليه الصلاة والسلام) ــ أنزل
التوراة على موسى ، عليه السلام ، والإنجيل على عيسي ،عليه السلام،
والزبورعلى داوود ، عليه السلام ..وتلك هى الكتب الأربعة التى ذكرها
الله تعالى فى القرآن .


ومما يذكر فى مسألة إنزال القرآن من الله تعالى على محمد (ص) ،
فإنه أنزله على مرحلتين :


فى المرحلة الأولى : دفعة واحدة فى ليلة القدر من شهر رمضان :
(إنا أنزلناه فى ليلة القدر) [القدر1]

(شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن) [البقرة 185]

وفى المرحلة الثانية : جرى نزوله بواسطة جبريل على الرسول (ص) ــ
تبعا لمقتضيات الأحوال ومجريات الأحداث ــ على مدى (23) سنة هجرية،
منها (13) سنة فى مكة ، و(10) سنوات فى المدينة .


وقد اصطلح علماء المسلمين على تسمية السور والآيات التى نزلت فى
مكة : (مكية) ، والآيات التى نزلت بالمدينة : (مدنية) .
ولكل منهما سمات عامة وخصائص مميزة .


وحتى هذا المستوى من البحث ، لم نعثر على أى وصف للقرآن
يشير من قريب أو من بعيد إلى أنه مخلوق أو غير مخلوق . بل
إنه كتاب منزل من عند الله تعالى إلى رسوله(ص) ليهدى به الناس
جميعا وينذر به الكفار والمشركين ، مبينا دلائل قدرته تعالى فى
خلق السماوات والأرض وما بينهما ، وتسخيره وحفظه لهما ،
واستحقاقه وحده للعبادة .


ومما يذكره القرآن أن الرسول (ص) كان من شدة حرصه حين
يتلقى الوحى من جبريل أن (يحفظ) كل كلمة وحرف منه حتى يبلغه
كما هو بالضبط إلى المسلمين ، فطمأنه الله تعالى بقوله :
( لا تحرك به لسانك لتعجل به إنا علينا جمعه وقرآنه )[القيامة6]

( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) [طه114]

( سنقرئك فلا تنسى ) [الأعلى6]

وأخيرا : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [النحل44] .


الغاية من نزول القرآن :
والواقع أنها ليست غاية واحدة ، بل عدة غايات ، أذكر منها :
أولا : إثبات أن الله تعالى هو مبدع الكون ، وخالقه الأوحد .
ثانيا : أنه كما بدأ الخلق سوف يعيده ، وهذا أهون عليه .
ثالثا : بيان طريقى الإيمان والكفر، وأن الأول يؤدى للجنة ،
والآخر للجحيم .


رابعا : أنه على الرغم من كثرة وضوح دلائل الخلق ،
أرسل الرسل ليساعدوا البشرعلى حسن الاختيار وتجنب
العذاب ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [الإسراء ].
خامسا : أنه أكثر من إيراد قصص الأنبياء وعناد أقوامهم
والمصائر التى انتهوا إليها .


سادسا : أنه ضمّن القرآن نظاما أخلاقيا متكاملا ووضع التعاليم
التى ترشد الناس فى حياتهم الفردية وشؤونهم الاجتماعية .
سابعا : أنه نثر فى القرآن العديد من القوانين (السنن الإلهية)
القابلة للتطبيق فى مختلف المواقف ، وفى كل زمان ومكان .
ثامنا : أنه أوصى المسلمين بآداب قراءة القرآن ، والاستماع له،
وحثهم على تدبر آياته ، والتفكر فى معانيه .


تاسعا : أنه جعل القرآن هدى للمتقين ، كما جعله شفاء لما فى الصدور
وأكد بصفة خاصة على قرآن الفجر، المشهود من الملائكة .
عاشرا : أنه اختص به الرسول (ص) كمعجزة تحدى بها أهل البلاغة
من العرب الذين عجزوا وما زالوا عن أن يأتوا بمثله أو بأصغرسورة
منه .


تنزيل الكتاب :
إن الذين أثاروا مشكلة خلق القرآن وتورطوا فيها لا يبدو أنهم
اهتموا ولو قليلا بالرجوع إلى كتاب الله ليقرأوا أو يتدبروا تلك
الآيات الكثيرة التى تؤكد ( إنزال القرآن ــ الكتاب ــ الذكر) من الله
تعالى ، دون أى حديث أو حتى إشارة إلى ما تورطوا فيه من مسألة
خلق أو عدم خلق القرآن . والواقع أن أهم ما يدعو إليه القرآن هو
قراءته بتدبر، والانطلاق من إلى معرفة الكون ، دون الوقوع فى آبار
الجدل العقيم والتشبث بالمتشابهات :


( هو الذى نزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب ، وأخر

متشابهات . فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه : ابتغاء
الفتنة وابتغاء تأويله . وما يعلم تأويله إلا الله . والراسخون فى العلم
يقولون : آمنا به ، كل من عند ربنا ) [آل عمران 7] .


ثم ألا يكفى أن نتأمل قوله تعالى :
( إنا أنزلنا عليك الكتاب لتحكم بين الناس ) [النساء105] ،

( وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلّمك ما لم تكن تعلم ) [النساء113] ،

( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ) [الأنعام38] ،

( يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات

إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ) [المائدة 16] .


والخلاصة : أن جميع آيات القرآن الكريم لا تذكر ًصراحة أو ضمنا
أن القرآن مخلوق أو غير مخلوق ، وإنما فقط أنه كتاب منزل من
عند الله تعالى ، كما أنزل كلا من التوراة والإنجيل والزبور على الأنبياء
السابقين :


(الله لا إله إلا هو الحى القيوم . نزّل عليك الكتاب بالحق مصدّقا لما بين

يديه وأنزل التوراة والإنجيل) [آل عمران2،3] .


والسؤال الآن : ما الذى جعل هذه القضية الزائفة تثار فى المجتمع الإسلامى
على عهد المأمون ، وتستمر من بعده طوال عهدىْ المعتصم والواثق ؟
إننى أتطرق لهذا السؤال بسبب ما قرأته على شبكة الإنترنت من أحاديث
لكبار المشايخ المعاصرين الذين راحوا يناقشون القضية وكأنها قضية حقيقية
مكررين نفس الأدلة القديمة والأساليب العتيقة ، بل وينتهون فيها إلى نفس
النتائج ! ولو أنهم رجعوا قليلا إلى التاريخ لتبينوا الآتى :


بعد وفاة هارون الرشيد ، ثارت حرب أهلية طاحنة بين ولديْه :الأمين
(من أم عربية) والمأمون (من أم فارسية) وقد انتهت الحرب بهزيمة الأمين

وقتله . وحينئذ خلص الحكم للمأمون الذى كان مدعوما من أخواله ومناصريهم
من الشيعة ، فسعى إلى استرضائهم فعيّن واحد من أهل البيت وليا للعهد هو :
على الرضا ، كما غيّر شعار الدولة الأخضر إلى شعار الشيعة الأسود ، وكان
هذا يعنى نقل الحكم عقب وفاته من العباسيين إلى الشيعة . لكن أعمامه من
العباسيين ما زالوا به حتى قرر الرجوع عن هذا القرار غير المسبوق .


وفى تلك الظروف الضاغطة كان عليه أن يشغل الناس بقضية يبدو أنها دينية
لكى ينشغل الناس بها عن الحديث عن قراره السياسى ! ولكى يشعل النقاش
حولها استعان بطائفة المعتزلة التى كانت على خلاف عميق مع مختلف
طوائف العلماء ،وخاصة من أهل الحديث والأشاعرة . ولم يكتف بمجرد
الجدل والنقاش العلمى حول خلق القرآن وعدم خلقه بل ساعد أنصاره
على التنكيل بكل من لا يعلن القول بخلق القرآن ! وقبيل وفاته أوصى
أخاه المعتصم بأن يواصل مسيرته ، وقد فعل نفس الشيء المعتصم
مع ابنه الواثق ، حتى جاء المتوكل ــ وكانت القضية قد خمدت ــ فأبطل
العمل بها !


وختاما : أرجوأن أكون قد وضّحت حقيقة هذه القضية الزائفة ، والتى
لا تستحق ان ينشغل بها علماء الدين، كما ينبغى حذفها من مناهج التدريس
بمدارسنا وجامعاتنا ، والله ولىّ التوفيق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الجمعة, 27 ديسمبر 2019 14:15