عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
جان دارك .. صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الأحد, 01 أبريل 2018 22:57

جان دارك ..

الحقيقة التى تحولت إلى أسطورة

للدكتور حامد طاهر

ـــــــــــــــــــ

تقدم قصة (جان دارك) نموذجا متفردا للبطولة والمأساة فى نفس الوقت ، ويمكنك أن تقول عنها إنها : بطولة مأساوية .

وحيث أن أحداث القصة وقعت بالفعل فى مطلع القرن الخامس عشر ، فقد مرّ عليها الآن حوالى خمسمائة سنة ، لكنها تظل من أهم معالم التاريخ الفرنسى ــ الإنجليزى ، وامتدت أصداؤها بعد ذلك لتتردد فى كل أنحاء العالم .

فمن هى جان دارك ؟ ـــ فتاة فرنسية ، ولدت فى أحد أقاليم فرنسا الشرقية ، فى أسرة ريفية بسيطة ،سنة 1412. وقد زعمت أنها شاهدت أثناء وجودها فى الحقل وكانت فى الثانية عشرة من عمرها : رؤيا للملاك ميكائيل ، وكاترينا الإسكندرانية، والقديسة مارجريت ، وهم يطلبون منها أن تنهض لتحرير بلادها من الآحتلال الإنجليزى ، وأن تعيد ولى العهد الذى كان مستبعدا إلى عرش فرنسا .وقد قالت إنها بكت كثيرا حين ودّعوها وغادروا المكان ، لأنهم كانوا غاية فى الجمال !

وبالطبع لم يصدق آباء الكنيسة الكاثوليكية فى فرنسا حينئذ هذه الرؤيا ، وأمثالها مما كان يقع للفتاة الصغيرة واعتبروه ضربا من التهيؤات ، أما هى فكانت مصدّقة تماما به ، بل إنها راحت تعمل على تحقيقه فى الواقع . حتى أنها تمكنت من مقابلة ولى العهد (شارل السابع) الذى أعجب بحماستها وشجاعتها ، فقرر ضمها ــ رغم صغر سنها ــ إلى مجلس الحرب الذى كان لا يحضره إلا كبار القادة .

وفى هذا المجلس نجحت جان دارك أن تقنع الحاضرين بضرورة تغيير استراتيجية مقاومة الاحتلال الإنجليزى من مجرد الدفاع وصد الهجوم إلى البدء بالهجوم على الأعداء فى وجوههم وليس من الخلف كما كان يحدث من الفرنسيين ضد الإنجليز خلال الحرب التى عرفت فى تاريخ أوربا باسم : حرب المائة عام .

ومما يسجله تاريخ تلك الحرب أن جان دارك قادت إحدىفرق الجيش لفرنسى وهى فى السادسة عشرة من عمرها ، وكان النصر حليفها واستطاعت أن تستولى على بعض الحصون التى كانت ممتنعة على الفرنسيين ، وهو الأمر الذى أكسبها حب الجنود والضباط معا .

كانت جان دارك ترتدى زى فارس ، وتحمل سيفا ورمحا ، كما كانت تقتحم صفوف الإنجليز وهى ترفع راية فرنسا ، كما اشتهرت بقصة شعرها القصيرة لتبدو على شكل غلام وليس فتاة جميلة فى مقتبل العمر .

أما الشكوك التى أحاطت بها ، فكان مصدرها بعض رجال الدين الذين اعتروها مجرد فتاة مشعوذة ( وهذ يعنى أنها قريبة من الهرطقة التى كان يستحق صاحبها الإعدام حرقا ! ) وفى سبيل ذلك أرسلوا إليها لجنة لتفحصها عقليا ، لكن اللحنة كتبت فى تقريها إنها وجدتها ( فتاة مسيحية جيدة ، تمتلك فضائل التواضع والصدق والبساطة ) !

وعلى الرغم من تلك الشكوك الدينية ، كانت سمعة جان دارك العسكرية تنتشر فى البلاد ، باعتبارها مؤيّدة بروح إلهية . وكانت رسالتها إلى الشعب الفرنسى كله أن يهب من حالة يأسه وضعفه لمقاومة الآحتلال الإنجليزى وطرده بالكامل من البلاد ، وأن يعيد لولى العهد الشرعى عرش فرنسا الذى كان يتلاعب به الإنجليز .

ومثل أى مرحلة بائسة من مراحل الاحتلال ، توجد عادة من أهل البلاد من يتعاون مع هذا الآحتلال ويساعده على البقاء . وفى إحدى المرات التى قادت فيها جان دارك فرقتها إلى أحد الأمراء المتعاونين مع الإنجليز ، وقعت فى الأسر . وكان العرف يقضى بفك أسرها لقاء فدية معينة ، إلا أن ولى العهد الذى حاربت وضحت من أجله لم يحرك ساكنا ، كما أن الإنجليز أوعزوا إلى الأمير الخائن باستثناء جان دارك وحدها من نظام الفدية .

وهنا وجد رجال الدين فرصتهم سانحة للانتقام منها ، فعقدوا لها محاكمة مزورة تحت إشراف الإنجليز بالطبع، وأدانوها بالهرطقة ،وحكموا عليها بالإعدام حرقا ! وقد تم تنفيذ الحكم بهذا الأسلوب الوحشى البشع يوم الثلاثين من مايو سنة 1431 وكان عمرها حينئذ (19) عاما ..

ومما يذكر أن النار التى أشعلوها لتحرق فيها جان دارك قد انطفأت مرتين ، وخوفا من أن يبقى من رفاة جسدها المحترق شىء ، فيأخذه الناس على سبيل البركة ، فقد اضطروا لإشعال النار مرتيْن . لكن هل نجحوا فى القضاء التام عليها ؟

كلا .. فلم تمض أكثر من 22 عاما فقط حتى اعتلى شارل السابع عرش فرنسا ، كما عملت من أجل ذلك جان دارك . ثم ما لبث بابا روما أن أعلن بطلان محاكمتها السابقة ، وفتح التحقيق من جديد فى قضيتها سنة 1452 ، وفى عام 1456 صدر الحكم باعتبار جان دارك شهيدة ، وأدين من أسلموها للإعدام !

وفى عام 1920من القرن الماضى فقط ، أعلن الفاتيكان : جان دارك (قديسة) ، فأصبحت يذلك من أكثر القديسين شهرة فى الكنيسة الكاثوليكية على مستوى العالم كله .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy