عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
خشبة النعش صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الأحد, 27 أغسطس 2017 21:59

خشبة النعش

قصة قصيرة

للدكتور حامد طاهر

ـــــــــــ

قليلا ما كان يشارك فى تشييع جنازات

ولم يتعد موقعه دائما الصفوف الأخيرة

وكثيرا ما كان يقضى الوقت فى الحديث إلى جاره

عن تفاهة الدنيا ،

وضرورة الاعتبار بالموت ،

ثم يتطرق الحديث عن شخص المتوفى ،

ومن خلّف من الأبناء والبنات ؟

وكم ترك من الثروة ، التى أصبحت الآن تركة ؟

وكان ينظر أمامه وحوله

فيرى أهل المتوفى وأصدقاءه :

وبعضهم احمرت عيناه من البكاء ،

أما معظمهم فهادئون ومتماسكون ،

وهناك من لا يتوقف عن الحديث فى المحمول !

ـــــــــــــــــــ

لكن الأمر الذى جعله يتصدر الجنازة فى ذلك اليوم

أن عدد المشيعين كان قليلا جدا

لذلك وجد نفسه من بين اثنين أو ثلاثة أشخاص

يسيرون فى المقدمة ، ويتبادلون حمل النعش

وهنا اضطر للاشتراك معهم فى هذا الواجب

وكانت تلك هى المرة الأولى التى يفعلها .

طأطأ رأسه قليلا ،

فأسرع جاره بوضع الخشبة على كتفه

تاركا له تعديلها بنفسه

وكأنه وضع عليه صخرة من الجبل

إنه ثقيل جدا ..

وكاد يفقد توازنه ، وترتعش ركبتاه

مثل حاملى رفع الأثقال عندما يتعثرون

لكنه أسرع فتمالك نفسه ،

وساعده على ذلك ارتفاع أصوات المشيعين :

( الله يا دايم . هو الدايم . ولا دايم إلا الله )

وراح يرددها معهم بصوت أعلى من سواه

وربما هذا ما جعلهم يتركونه بدون تبديل !

أخذ يدعو عليهم فى سره

وقد أرهقه حمل الميت ، وأثر الخشبة فى كتفه

لا بد أنها ستحتاج لمراهم وضمادات

وسوف تتطلب معاينة طبيب

وقد تأخذ وقتا طويلا قبل أن تطيب ..

لماذا مشيعو هذا الميت قليلون ؟

وهل كان سيئا فى حياته إلى هذا الحد ؟

عموما لقد تحولت سيئاته الآن على كتفى !

ـــــــــــــــــ

حين وصلوا إلى القبر

لم يشعر أنه تخلص من قيد حديدى ثقيل

إلا حين أنزلوا النعش من فوق كتفه على الأرض

وراح بعض قراء المدافن يقراون آيات من القرآن

بصورة آلية ، خالية من الخشوع

بينما أجهش واحد أو اثنان بالبكاء

وتساءل : أين كان هذان من حمل النعش ؟!

ومما فوجئ به

أن أحد المشيعين ممن لا يعرفه

ناوله زجاجة مياه معدنية

كان فى أشد الحاجة إلي سربة منها

ليبل بها ريقه الجاف من تراب المقابر

وقد استدار بعدها ليخرج من المدافن

ويستقل أول تاكسى يتوقف له

وحين وصل إلى المنزل

ألقي بجسده المنهوك على كنبة فى الصالة

وراح يتحسس كتفه المسلوخة

وعندما سألته زوجتىه : لماذا تأخرت ؟

قال لها :

لماذا يصير الإنسان بكل هذا الثقل .. بعد الموت ؟!

ـــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy