|
السيبرنيتيك
مقال علمى للدكتور حامد طاهر
ـــــــــــــ
هذا المصطلح الأجنبى هو النطق الفرنسى لعنوان علم حديث النشأة ولكنه أصبح ذا تأثير واسع فى حياتنا جميعا ( (Cybernetique. ويصعب ترجمته للعربية حاليا لكن معناه يدور حول التشغيل الذاتى أو الأتوماتى للآلات ، سواء كانت ميكانيكية ضخمة كالجرارات ، أو فائقة الصغر كالتليفونات المحمولة أو كاميرات المراقبة .
وقد بدأ الحديث نظريا عن هذا العلم منذ سنة 1938 ، ثم أخذ يتطور عمليا بعد الحرب العالمية الثانية (1939 ــ 1945) وخاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية ، بمساعدة فعالة من علماء بريطانيين وفرنسيين . وكلهم متخصصون فى مجالات الرياضيات والميكانيكا والفيزياء والإلكترونيات والاتصالات .. وهكذا تداخلت فى تكوين هذا العلم الوليد عدة تخصصات ، واتسع نطاق تطبيقاته على كافة المجالات . فهو الذى يشغل غسالة الملابس ، كما يحرك الروبوتات ، ويوجه الطائرات بدون طيار ..
وبالإضافة إلى التطبيقات العملية الصرفة للسيبرنيتيك ، فهناك بعض الأبحاث التى تمت وما زالت عن تطبيقات أخرى واعدة فىى مجال المقاربة مع عمل الأجهزة التى تدير جسم الإنسان مثل المخ والقلب والكبد والبنكرياس ، كما ان هناك آفاقا واسعة لتطبيقات مماثلة فى الحياة الاجتماعية وخاصة فى مجال مكافحة الجريمة ، وما يرتبط بذلك من تطوير القوانين .
وبالنسبة لى ، فقد تابعت ما كان ينشر فى فرنسا عن نشأة وتطور وتطبيقات هذا العلم ، أثناء دراستى بجامعة السوربون بباريس فى الفترة (1974 ــ 1981).
وأذكر أننى كنت أشترى بفرنكاتى القليلة بعض مؤلفاته الغالية . وعندما عدت من البعثة إلى مصر الحبيبة ، حاولت ترجمة أو نشر بعض المقالات التعريفية عن هذا العلم الجديد والذى كان فيما يبدو مجهولا تماما عندنا . لكن القائمين على الصحف وكذلك دور النشر لم يتقبلوا الموضوع وبالتالى لم يرحبوا به ، وهو الأمر الذى أحزننى وأحبطنى وسد نفسى عن الكتابة فيه !
أما لماذا أكتب عنه اليوم ؟ فلأننى أنشره على الفيس بوك بدون رؤساء تحرير ولا ناشرين يتحكمون ، وثانيا وهو الأهم ما أصبحت أراه من اكتساح منجزات هذا العلم لمعظم مجالات الحياة فى العالم المتقدم ، وحين يأتى بعضها إلى بلادنا تثير الدهشة والاستغراب لدى أبنائنا ، دون أن يعرفوا أن هذه المنجزات لها أصول ووسائل ومناهج وخبرة وتدريبات إذا ما توصل إليها أي إنسان فى العالم أمكنه الإتيان بمثلها .
فمثلا نحن نتحدث كثيرا عن أهمية الإنتاج ، بل ضرورته ، لكن أى إنتاج نعنى ؟ هل الإنتاج اليدوى البطىء الإيقاع , والقليل العائد ؟ أم الإنتاج المعتمد على الآلات التقليدية التى تتطلب جهدا بشريا فائقا فى تشغيلها ومتابعتها ، أم الأفضل من هذا وذاك أن نلجأ إلى علم السيبرنيتيك الذى يقدم لنا منتجات دقيقة جدا ووفيرة لكى تغطى حاجة المجتمع من ناحية ، وتنطلق من ناحية أخرى للتصدير إلى الخارج ؟!
ـــــــــــــــــــــــــ
 |
