|
عزف على أوتار الحب
للدكتور حامد طاهر
ـــــــــــــ
حين يمتلئ القلب بالحب
لا يقبل أن تزاحمه أى مشاعر أخرى
كالغضب ، والحقد ، والغيرة ، والانتقام ..
إنه يصبح كالسماء الزرقاء الواسعة
التى تعبرها السحب البيضاء
وتسبح فيها الطيور الملوّنة
وتزينها النجوم فى الليل
وتشرق فيها الشمس فى النهار
وعندما ينام الكون
يخرج القمر من شرفته
ليعكس فى مرآته المستديرة
أحلام الساهرين من العشاق !
ــــــــــــ
الحب ..
هل يبدأ من القلب ؟
أم من الشخص المحبوب ؟
انقسم الفلاسفة والمفكرون فى ذلك :
فذهب البعض إلى أن جمال المحبوب
هو الذى يجذب القلب إليه
تماما كما تجذب ألوان الزهرة
الفراشات الطائرة حولها
حتى تقع إحداها فى أسرها ،
وذهب البعض الآخر
إلى أن القلب المرهف
هو الذى يهتز للشخص المحبوب
متوقفا عند أحد ملامحه
ثم يظل يرويه ويتابعه
حتى ينمو ويكبر ويملأ عليه حياته
ـــــــــــــــــ
وهناك بعد ذلك الحب السامى
الذى يتجاوز أسوار الجمال الحسى
ويصعد بصاحبه
إلى ملكوت الجمال الكونى الشامل
وهو ما يطلق عليه الصوفية :
الحب الإلهى
الذى عبّرت عنه رابعة العدوية بقولها :
إنها لا تحب الله طمعا فى جنته ،
ولا خوفا من ناره ،
وإنما حبا فى ذاته ..
ــــــــــــ
هل يمكن أن نعلّم أبناءنا الحب ؟
ليس هذا فى مقدورنا
لأن الحب شعور
والشعور لا ينتقل ،
ولا يتوارث !
إنه ينبع مباشرة من القلب
كما يفيض الضوء من الشمس
وكما ينبعث ماء المطر من السحاب
ـــــــــــــــ
ودعونى أروى لكم الحكاية التالية :
جلس شاب وفتاة
على مقعد رخامى
بإحدى الحدائق القريبة من النهر
وبعد أن تحدثا عن طويلا عن حبهما ،
واستعادا معا ذكرى النظرة الأولى ،
واللقاء الأول ،
والعقبات التى اعترضت طريقهما ،
وكيف تغلّبا عليها كلها ،
راح كل منهما ينظر إلى الآخر
ويطيل النظر فى عينيه
حتى غابا عن الأرض والسماء ،
وعن الزمان والمكان ..
وحين جاء حارس الحديقة
ليعلن بصفارته انتهاء الوقت
وجد فى مكانهما
فراشتيْن تتسابقان ..
وتستقران فوق إحدى الزهور !
ــــــــــــــــــــ
 |
