|
عزف على أوتار الحب(2)
للدكتور حامد طاهر
ـــــــــ
لا يوجد فى الحب
لحظتان متماثلتان
هى لحظة واحدة فقط
تأتى وتختفى
ثم يأتى غيرها
مختلفة عنها تماما
والمأساة ..
أن المحبين يتوقعون دائما
أنها ستوافيهم من جديد
بنفس الشكل والطعم
لكن هذا وهم كبير
وقديما قال فيلسوف إغريقى
إنك لا تضع يدك فى النهر مرتين
يقصد : فى موضع واحد منه
لأن ماء النهر يتدفق باستمرار
والموضع الذى وضعت يدك فيه
قد مرّ ومضى ..
وأنت الآن تضعها فى ماء آخر
إن هذا المثال ينطبق على لحظات الحب
التى تسيل بدون انقطاع
بينما يحسبها المحبون ساكنة !
وهى مثل الأمواج
لكل منها قوتها الخاصة
وارتفاعها الخاص
وأيضا .. زمنها الخاص
ـــــــــــ
هل يعترف الناس كلهم بالحب ؟
كلا ..
فالكثير منهم ينكرون وجوده
والذين اكتوواْ بناره
يبتلعون ريقهم ، ويسكتون
أما الذين يتوقعون حدوثه لهم
فبعضهم ما زال صغيرا جدا
والبعض الآخر اقترب من نهاية العمر
ويبقى الأمر المؤكد
وهو أن الجميع بدون استثناء
يتابعون بشغف بالغ قصص الحب
ويعايشون أحداثها
ويتفاعلون مع أبطالها
ويتأثرون بخاتمتها ،
سواء كانت سعيدة ’
أو مأساوية !
ـــــــــــ
رجال أعمال
وأصحاب مناصب
وأثرياء كبار
قضواْ حياتهم كلها
فى الاهتمام بأعمالهم ،
ونجاحاتهم ،
وتقدمهم المبهر فى المجتمع
لكنهم لم يشعروا بمذاق الحب
لذلك ظلت حلوقهم جافة
ونظراتهم زائغة
ولياليهم مليئة بالأرق
وإذا ناموا ..
فأحلام مزعجة ، وكوابيس
وحين يستيقظون
يأكلون ويشربون ويتحدثون
لكنهم عندما يخلون لأنفسهم
يجدون أن صدورهم فارغة كالطبل الأجوف
وأن شيئا ما ينقصهم
رغم كل ما يحيط بهم !
وما أصدق قول الشاعر العربى
الذى أورده (ابن القيّم)
فى كتابه الجميل (روضة المحبين) :
(وما طابت الدنيا بغيرمحبة
وأىّ نعيم لامرئ غيرعاشق)
وأصعب منه قول الآخر :
(إذا أنت لم تعشق ولم تدرما الهوى
فقمْ فاعتلف تبنا فأنت حمار)
ــــــــــــ
كانت لى جدة عجوز
عاشت حتى التسعين
وحين كانت تلحظ أن إحدى حفيداتها
تميل إلى العريس المتقدم إليها
تسعى بكل الوسائل لتزوجها به
وحين سألوها عن سبب ذلك
أجابتهم قائلة :
ـــ لأن أهلى رفضوا زواجى ممن أحب
ورغم أنى تزوجت مرتين
فقد ظلت حياتى مكتئبة
وجلد بشرتى خشنا !
ــــــــــــ
قيل إن الحب يعمى ويصم
أى أن الإنسان حين يقع فى الحب
لا يكاد يرى عيبا فى محبوبه
ولا يسمع عنه أى نقص
وفى رأيى
أن الحب ذو بصيرة
يرى ما لا تراه العيون
ويسمع ما هو أدنى من الهمس
لذلك فإن العاشق وحده
هو الذى يدرك جيدا
مواطن الحسن فى محبوبته
حتى لو أجمع الناس
على أنها ليست كذلك
وهذا ما جعل أحد الخلفاء
يندهش من رؤية (ليلى)
التى هام قيس بحبها
حتى أطلقوا عليه لقب (المجنون)
ووجدها امرأة عادية تماما
فاضطر إلى أن يقول لها :
ـــ وأين جمالك الذى تغنّى به قيس ؟!
فردت عليه قائلة :
ـــ يا أمير المؤمنين
إنما ينبغى أن تنظر إلىّ .. بعين قيس !
ــــــــــــــــ
 |
