|
النجاح وأجنحته
للدكتور حامد طاهر
ـــــــــــــ
النجاح
هو الوجه المشرق فى حياة الإنسان
ويقابله الإخفاق أوالفشل
الذى يمثل الوجه المظلم منها .
وطعم النجاح مثل عسل النحل
لا يمكن وصفه بالكلمات
لمن لم يذقه بنفسه
بينما يمكننا الحديث طويلا
عن الفشل وتداعياته :
من الحزن ، واليأس ، والكآبة ،
والانعزال ، وسدّة النفْس ،
ليس عن الطعام وحده ،
وإنما عن كل شىء !
ـــــــــــــ
لكن النجاح ليس سهلا
وهو لا يأتى صدفة
إنه يتطلب عملا وجهدا ،
وإصرارا وعزيمة ،
وتخطيطا ومثابرة ..
وهذه كلها لا تنتج
إلا فى ظروف مواتية
أى فى مكان وزمان معينين
ـــــــــــ
ومما يحفز الرغبة فى النجاح
وجود المنافسة
التى تستدعى غريزة الغلبة
وحب التفوق .
ويظن كثير من الناس
أن النجاح قد يظهر فى أى بيئة
لكن الأصح
أنه لا يتحقق إلا فى بيئة منظمة
يشيع فيها مبدأ تكافؤ الفرص
ويستظل الجميع فيها
بسيادة قانون عادل
ولعل هذا ما نلاحظه بوضوح
فى مجتمع الغابة
حيث تأخذ مختلف الحيوانات أوضاعها
تبعا لموازين القوى المستقرة بها ،
والحدود المرسومة بكل دقة بينها .
ــــــــــــ
ومجالات النجاح متنوعة
فمنها ما هو فى التجارة ،
أو فى الصناعة ، أو فى الحرف
ومنها ما هو فى تولى المناصب ،
أو فى العلاقات العامة ..
أوفى بناء أسرة متماسكة .
أما الحب فلا يوجد فيه نجاح
لأنه من المشاعر
التى تعلو بسرعة
وتهبط أيضا بنفس السرعة !
ــــــــــ
ومن العجيب
أنك إذا سألت أحد الناجحين
عن سر نجاحه
أجابك على الفور ، وبكل تواضع :
ــ إنها المصادفة السعيدة .
ولا تجده يحدثك أبدا
عن أيام الكفاح ، وليالى السهر ،
والاستحكامات الدقيقة
التى اتخذها للوصول إلى نجاحه !
ـــــــــــــ
ومن تجاربى الشخصية
أننى تعرفت على بعض الناجحين
فلم أشعر أنهم سعداء بنجاحهم
وعندما بحثت عن السبب
علمت أأنهم ممن لا يكتفون بنجاحهم الحالى
وإنما يتطلعون إلى ما هو أبعد منه ..
وهؤلاء يشبهون من يصل إلى قمة جبل
فإذا استقر عليها
تاقت نفسه إلى تسلق قمة جبل آخر
أعلى منه ارتفاعا ، وأصعب مشقة !
ـــــــــــــــ
ويبدو بالفعل أن النجاح له بريق ساحر
حتى أن الإغريق جعلوا من إلها !
والواقع يؤكد أنه يبهر عيوننا جميعا
ويتمنى كل منا أن يحصل عليه
ولو كنا غير مؤهّلين لذلك
لهذا ينظر إلينا الناجحون بنظرة إشفاق
إذْ كيف يتأتى لهؤلاء المساكين
أن يصلوا إلى النجاح
وهم بهذا الضعف والإرهاق ؟!
ـــــــــــــــ
ومما لا يدركه جميع الناس
أن النجاح
قد يكون أحيانا بطعم الفشل
وذلك حين يتنافس الإنسان مع أحد خصومه
فيستخدم أساليب غير شريفة
كالكذب والتحايل والخداع ..
وعندما ينتصر عليه
يتلقى التهانى ،
ويتلذذ بنظرات الإعجاب
لكنه حين يخلو إلى نفسه
وتطول عليه ساعات الأرق بالليل
يشعر بأنه هو المهزوم !
ـــــــــــــــ
ويبقى أن أجمل لحظات النجاح
هى التى يشعر بها الطالب
حين يرى نتيجته فى الامتحان
فهى تحقق له الراحة النفسية
كما تشيع الفرحة فى عيون من حوله
وأخيرا فإنها تملأ روحه بالتفاؤل
الذى يدفعه لمواصلة نجاحه
فى السنوات المقبلة ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
 |
