عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
قصائد نثر صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الأربعاء, 28 ديسمبر 2016 00:13

أغنية للأرض ..


أيتها الأرض ..

التى أشتاق إليها بمجرد الابتعاد عنها

وأعتصر جسدى فوقها حتى الذوبان فيها

وحين أمرّغ وجهى بترابها ،

تتلاحق أنفاسى من شدة التمسك بها

ــــــ

أيتها الأرض النابضة

حين تضغطين على جسدى المنتفض

أحرص على أن ألتصق بكل ذرة فيكِ

حتى نكون أنا وأنت جسدا واحدا

وبين آونة وأخرى ..

أصعد إلى قمم جبالك

وأغوص فى أعماق بحارك

وأتوه فى صحاريك الشاسعة

لكن ما يردّنى إليك دائما

نظرةٌ من عينيك الراضيتيْن ،

وقبلة من فمك الذى بطعم الفاكهة

----

أيتها الأرض الكريمة

أنت تعطين بلا حدود

وأنا أتلقّى منك بغير شبعْ

جائعٌ إليك على الدوام

عطشان إليك قبل ارتوائى وبعده

من شدة قربى منك لا أكاد أراك

وبعيونى المغمضة ،

أتخيلك فى ألف صورة وصورة

روكسانا ، وأفروديت

كليوباتره ، وشجرة الدر..

كل التماثيل التى جسّدت أجمل نساء العالم

صاغها الفنانون من هضابك الرخاميهْ

ثم غسلوها بعد ذلك بالمطر المنهمر

حتى أصبحتْ فى بياض الثلج

ونعومة أوراق الورد

----

أيتها الأرض الساحرة

خرجتُ منك ، وإليك أعودْ

أنت بدايتى ونهايتى

أنت مهدى ومقبرتى

أنت امى وحبيبتى

يمكنك إغراقى وانتشالى

يمكنك حرقى وإطفائى

يمكنك طردى واحتوائى

مهما ابتعدتُ فأنا قريب منك

مهما سافرتُ فأنت محطتى القادمهْ

مهما انخدعتُ فأنت الأصل والحقيقهْ

أنا حر ، لكننى مقيد بانتمائى إليك

أنا برىء ، لكننى متهم بالوقوع فى غرامك

أنا متفائل ، لكننى أخشى السقوط فى أحد آبارك

----

أيتها الأرض .. الحانية والمستبدهْ

مهما انتزْعتِ ثوبك الطويل من يدى

ومهما أصررتِ على عدم استقبالى فى قصرك

ومهما قلت للجميع :

إنك لم تعودى تعرفيننى

فسوف أظل متمسكا بك

طارقا بكل قوتى على بابك

منشدًا أغنياتى فى حدائقك

معلنا لكل الناس والأشياء .. حبى لك

لأننا – أنت وأنا – مثل الليل والقمر

مثل الشمس والنهار

مثل البحر والشاطئ

بدأنا معا ..

وسوف تكون نهايتنا أيضا .. معا !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


نخلـــة الوفـــا


فى قريتنا نخلة

تعود الناس أن يطلقوا عليها : نخلة الوفا

وهى طويلة جدا ومعمّرة

ويقال : إن جد جدى هو الذى غرسها

وأن بلحها هو الأحلى على الإطلاق

كنا ونحن صغار نتسلقها لنأكل منه

حتى قبل أوان نضجه

لكن الكبار كانوا ينهروننا ، ويقولون :

ــ لماذا تستعجلون ؟!

----

توجد هذه النخلة

فى موقع وسط تماما بين حقليْن

لأخويْن متنازعيْن

وذات يوم قررا أن يشقاها نصفيْن

ويأخذ كل منهما نصيبه من أخشابها

لكن حكيما فى القرية

عرض أن يشتريها منهما

وراح يجمع التبرعات من أهل القرية

ومن يومها ..

أصبحت النخلة ملكا مشاعا

بين أهل القرية كلهم

----

حكايات كثيرة تروى عن هذه النخلة

ويقال إنها شهدت العديد

من قصص الحب والتضحيات

تحتها .. كان يلتقى العشاق فى بداية حبهم

ثم بعد أن يتزوجوا، وينجبوا ..

يأتون إليها لاستعادة ذكرياتهم !

وكان بعض الأحباب يقْسم تحتها

أن يظل مخلصا لحبيبته

حتى لو تزوجت من غيره

لهذا أطلقوا عليها : نخلة الوفا !

وهناك حكاية حزينة

لشاب رياضى ، مفتول العضلات

صعد ذات يوم الى أعلاها

وفجأة هبت ريح عاصفة

هزته بشدة ،

فسقط على الارض جثة هامدة !

-----

أصبحت النخلة من معالم القرية

بل أبرز معلم فيها

وحين زحفت البيوت على الحقول

وأحاطت بها

صار الناس يشيرون الى بيوتهم

بأنها التى تقع شرق النخلة أو غربها ..

---

منذ عدة سنوات ..

لم تعد الخلة تطرح بلحا

وقيل إنها شاخت ، وفى طريقها للموت..

لكن الكثير من أهل القرية

وخاصة الأطفال ،

لم يصدقوا شيئا من ذلك

إنهم يعتبرونها تماما مثل أمّ لهم

باستثناء واحد ..

أنها لا تحكى لهم حكايات ما قبل النوم !

----

لا يدرك أحد طول النخلة الحقيقى

إلا إذا جلس تحتها ،

وراح ينظر إلى أعلاها ..

فهى عجوز .. لكنها صلبة ومتماسكة

وجذعها المليء بالتجاعيد

لم ينحن أبدا رغم هبوب الريح ،

ومرور الزمن ..

لكن غرابا وزوجته اختارا عشهما فى أعلاها

وكثيرًا ما يحلو لهما

أن يراقبا الجالسين تحتها

ثم يهبطا بعد انصرافهم ،

ليلتقطا ما خلفوه من بقايا طعامهم

منذ أيام ..

زارنى أحد أقاربي من القرية

وكالعادة رحت أسأله عن أحوال الأهل والأصحاب

وبالطبع سألته عن النخلة ؟

فوجئت بأن الحكومة قررت إزالتها

لأنها تعترض طريق السكة الحديد المقترح ..

كان الرجل فرحا للغاية ،

نظرا لمرور القطار على القرية

أما أنا .. فقد غمرنى حزن عميق ..

عميق جدا ..

لأننى كنت واحدا ممن اقسموا تحت الشجرة ،

بان يظلوا أوفياء لحبيباتهم ..

حتى ولو تزوجن من آخرين !

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

حفنة من تراب القمر


كانت حين تهل من شرفتها

أجمل من كل بنات الحى على الإطلاق .

وكانت تفضل

أن ترتدى فساتينها بألوان زاهية ،

مليئة بالورود الحمراء والصفراء والزرقاء .

ومن عادتها

أن تجمع شعرها الأسود الكثيف

فى ضفيرة مكتنزة ،

تلتف من خلف عنقها

وتتدلى على صدرها .

وكانت تزين عنقها بسلسلة ذهبية ،

فى وسطها قلب صغير ،

يحلو لها أن تضعه فى فمها .

أما ابتسامتها فكانت مثل الدنيا حين تضحك ،

ولها على جانبى خديها

غمازتان يزيدانها حسنا .

وقد اتسم سلوكها
مع أسرتها وجيرانها

بالأدب الجم والخلق الطيب .

وكانت رغم حيائها الشديد ،
تدلى برأيها الصائب فيما يدور حولها ،

لذلك كان إخوتها ،

بما فيهم الأكبر سنا ،
يلجأون إليها لأخذ نصائحها ،

والعمل بها .

أحببتها منذ اللحظة التى رأيتها .

ومن حرصى الشديد على هذا الحب ،
لم أصارح به أحدا من أصدقائى .

كنت بين العاشرة والحادية عشرة ،

وكانت هى تصغرنى بسنة ونصف ،

لذلك فقد نمونا معا ،

وكنت أتابعها وهى تذهب إلى المدرسة

أو تعود منها ،

وحين تلتقى أعيننا

أشعر برعشة تسرى فى كل جسدى .

وفى أحلامى كنت أراها كملاك ،

وليس كإنسانة من لحم ودم .

أما لحظة الإعلان عن الحب ،

فلم تكن بالكلمات ،

وإنما من خلال نظرة طويلة
وعميقة

ومصممة

قام بها كل منا ،

ولم يتراجع ،

حتى بحنا بكل ما كان مختبئا

فى أعماقنا السحيقة .

ساعتها أيقنت أنها تبادلنى نفس المشاعر ،
والعواطف ،

والأحاسيس .

ويومها انطلقت مبتعدا فى الضواحى
لكى أسترجع وأستمتع وحدى

بكل تفاصيل تلك النظرة ،

التى تأكد لى فيما بعد ،
أنها لا تحدث فى العمر كله

سوى مرة واحدة ..

مرة واحدة فقط !

ــــــــــ

كنت بحكم صداقتى لإخوتها

أتردد على مسكنها ،

وصرت أتبادل معها

بعض الأحاديث الخاصة ،

ولا سيما عندما يخلو لنا الجو.

أطلعتنى على كل ما تحبه
أو تكرهه :

ماذا تأكل ؟

ومتى تنام ؟

وكيف تختار فساتينها ؟

ومن هو الأقرب إليها من أسرتها ؟

وبالطبع لم يخف حالنا

على أحد إخوتها الخبثاء ،

فكان يلمح لى أحيانا ببعض ما تقوله عنى ،

لكننى كنت أحاول التجاهل ،

رغم سعادتى به .

ــــــــ

دار الزمن دورته ،

ومرت السنوات ،

فإذا بها تتجاوز السادسة عشرة ،

وتبدو كأنها فى العشرين .

وبالطبع بدأ يظهر بعض الخطّاب والعرسان

من ذوى الحيثية .

كانت تحدثنى عنهم ،

وكان يطمئننى رأيها السلبى فى كل منهم .
أما أنا ..

فكنت أصمت ولا أرد .

وماذا أقول وأنا فى آخر المرحلة الثانوية ،
وليس من قدرتى ولا من حقى

أن أقدم على الزواج ؟

لكننى بمجرد التحاقى بالجامعة

وانشغالى بها

سمعت خبر خطبتها ،

ثم زواجها ،

وانتقالها مع زوجها

إلى مدينة أخرى .

ـــــــــــ

أسرعت بالعودة إلى منزلنا

وأغلقت على نفسى باب غرفتى

ووجدتنى أنخرط فى بكاء شديد ،

ذرفت فيه دموعا غزيرة ،
وكنت أسمع لنشيجى صوتا عاليا

رحت أكتمه قدر جهدى

حتى لا يسمعه أحد من أسرتى .

لكن أمى هى التى لاحظت ذلك

فراحت تكثر لى من الدعاء

بالهداية وصلاح الحال.
ومن جانبى حاولت أن أنسى ،

فخففت من حزنى بالمذاكرة ،

والانشغال بالنشاط الجامعى

ــــــــــــ

بعد عام كامل ،

وبينما كنت واقفا كعادتى تحت شرفتها ،

فوجئت بها تنزل من السيارة ،

يعاونها زوجها فى حمل حاجيات ابنتهما الصغيرة

وقبل أن تدخل من باب المنزل

التفتت نحوى فى نظرة محايدة :

لا هى بالغاضبة ولا بالمعاتبة ،

وكأنها كانت راضية تماما بماحدث !

ــــــــــ

رجعت الى منزلنا

الذى كان يعلوه سطح فسيح ،

وجلست فى ركن منه
أنظر إلى القمر ،

وهو فى غاية اكتماله .

كان مستديرا وكبيرا ومضيئا وسط الظلام ،

لكننى لاحظت به بعض البقع السوداء ،

وبعضها غائرة وعميقة .

كان فيما يبدو حزينا مثلى .

وساعتها تمنيت

أن يمنحنى حفنة من ترابه الفضى

لكى أرشها على القبر

الذى دفنت فيه حبى الأول !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


دمعة على النيل


من وقت لآخر
وخاصة فى الأعياد وشم النسيم
كنت أذهب مع أبى وأمى إلى شط النيل
وهناك .. نختار مكانا معشبا لنجلس فوقه
وبعد فترة ..
تقدم أمى لنا الطعام الذى أعدته
وبعض الحلوى
كنت أستمتع كثيرا بتلك الجلسة
التى نتحدث فيها ، ونأكل ،
ونحن ننظر إلى امتداد مياه النيل
التى كانت تتلون مرة بالزرقة ،
وأخرى بالخضرة ،
وأحيانا تكون بنية بلون الطمى
لكنها فى كل الأحوال
كانت تبعث فى روحى
وانا بين أمى وأبى
سعادة لا حدود لها !
**
مرت الأعوام
وكما يقولون :
لا يبقى شىء على حاله
ماتت أمى
وبعدها بعام واحد
مات أبى
ووجدتنى أذهب الى نفس المكان
هناك على شط النيل
ولا أغادره
حتى تذرف عيناى بعض الدموع
عندها أحس ان بعض الألم قد خف
وأن لوعة الفراق .. قليلا قد تراجعت
**
ثم مرت أعوام كثيرة
أبعدتنى عن عالم الطفولة الرهيف
لكننى لم أتخلف أبدا
عن عادة جلوسى على النيل
الفارق الوحيد ..
أننى أصبحت أجلس فى أرقى الكافتيريات
ومنها أراقب البواخر السياحية
التى تنساب على صفحته الملساء
وحين يحل المساء
أستمتع برؤية الأضواء
المتلألئة على الضفة الأخرى
ولمعان أضوائها على مرآته السوداء ..
**
وعلى الرغم من قراءاتى حول منابع النيل
وحقائق التضاريس الإفريقية ،
والتى تؤكد أنه يأتى من تجمع الأمطار
المتساقطة بغزارة على هضبة الحبشة
ثم يمر بالسودان
فإن كلمة أبى الحبيب
ما زالت تتردد فى أعماقى :
النيل يابنى .. ينبع من الجنة
وقد وهبه الله لأرض مصر الطيبة !
**
وذات صباح حزين
كنت أمر على بائع الجرائد
فوجدت عناوينها الحمراء
تتحدث كلها عن سد ضخم
تقيمه الحبشة على أرضها
لتستفيد منه فى إنتاج الكهرباء
وهذا يعنى ..
أن جزءا كبيرا من مياه النيل
سوف تنقطع عن المجيء إلى مصر
ولم أتمالك نفسى
فقد اغرورقت عيناى بالدموع
وسقطت منها دمعتان ساخنتان
إحداهما على أبى وأمى ،
والثانية على النيل !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عجائب التحولات


فى حدائق الذنوب
ظللت أتمتع طويلا بكل أنواع الفاكهة
التى تتدلى من غصون الأشجار
وأستنشق بملء صدرى
مختلف روائح العبير
التى تبثها الزهور والورود
وكنت إذا هبط الليل
أجلس وسط صحبة مختارة
نستعرض معا صنوف الملذات
ونوازن بين طعومها المتنوعة
وكل منا خبير فى مجاله
وصريح فى نقل تجربته للآخرين
ولا يكاد هؤلاء يستمعون إليه
حتى يطبقوا ما سمعوه فى اليوم التالى
وهكذا كانت الملذات تتناقل
والذنوب تكثر وتتراكم
أما أيام العمر ..
فكانت تنساب من بين أصابعنا
كالماء الجارى


ونحن لا نعيرها التفاتا
فالشباب موفور
والصحة مواتية
وكل ما نرغب فيه متاح ..
***

وذات يوم
سقط أحدنا مريضا
وتوفى آخر فى حادث مفاجئ
ولم يكن أمامنا مفر
من عقد اجتماع طارئ
نبحث فيه أمورنا
ونراجع أنفسنا
قال أحدنا :
ـــ لقد بدأت أستعين بالمقويات
وقال آخر :
ـــ والطبيب أنذرنى بارتفاع مستوى الضغط
وقال ثالث :
ـــ أما أنا فهناك مشاكل حادة مع زوجتى

كان اجتماعا بائسا وحزينا
وحين انفض ، فضلت أن أعود لمنزلى ماشيا
ولم أدرك أننى قطعت عدة كيلومترات
لأننى حين وصلت المنزل
كنت قد استهلكت كامل قوتى
ودون أن أخلع ملابسى
وحتى الحذاء
القيت جسدى المنهك على السرير
واستغرقت فى نوم عميق
عميق جدا

تخلله حلم مفزع :
وجدتنى أسير فى صحراء شاسعة
كلها رمال وكثبان
وليس بها واحة ، ولا نبع ماء
بل شمس ملتهبة
وغبار حاد يسفع الوجه من كل اتجاه
ويستقر بكل استفزاز فى العينين
واصلت المسير حتى بلغت تلة عالية
فصعدتها لكى أشرف على ما خلفها
لعلنى أرى مكانا مأهولا ألجأ إليه ..
لكننى حين بلغت قمتها لاهثا
انزلقت قدمى فى هوة سحيقة
مليئة بالصخور الصلدة ،
ونباتات الصبار الجاف
حاولت أن أصيح ، فلم يطاوعنى صوتى
كان مبحوحا تماما
وفجأة بدأت اسمع صليل أفعى مجلجلة
ثم وجدتها تنهض واقفة أمامى
وتتهيأ لرش سمها فى وجهى
حاولت أن أرجع للخلف
فوجدت قدمى تسوخان فى الرمال

ولم ينقذنى سوى صوت زوجتى
وكانت قد خلعت حذائى
وراحت تعدل جسدى على السرير ..
نهضت أشكرها بشدة ، فاندهشت
قلت لها مرارا : لقد أنقذتنى فعلا

أما أنا فرحت أستعيذ بالله ..
الله الذى ابتعدت عنه طويلا
والذى أتوسل إليه اليوم
أن يغفر لى ذنوبى
وأن يأخذ بيدى
لكى أتحول إلى طريق جديد ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


كيف تعرف أنها تحبك ؟


كىف تعرف أنها تحبك ؟
إذا نظرت إليها فجأة
فوجدتها كانت تنظر إليك
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا أعدت فطورك
قبل أن تنهض من فراشك
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا قدمت لك كوب الشاى
وتحته طبق
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
حين تودعك بقبلة
وأنت ذاهب إلى العمل
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا لوحت لك من الشرفة
وأنت فى الطريق إلى عملك
**

كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا سارعت بإغلاق التليفون
عندما تشعر بانشغالك فى العمل
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا كانت فى أبهى زينتها
وهى تفتح لك الباب
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
حين تضع رأسها فى حجرك
وأنت تشاهد التليفزيون
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
حين تظهر الاحترام لأصدقائك
وتتحفظ كثيرا عند زيارة خصومك
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا تجنبت الشجار تماما
مع نساء جيرانك
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
حين تجعل أقاربك
يشعرون بأنها تحبهم .. أكثر منك
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
حين تقتصد من مصروف البيت
وتقدمه لك عند الحاجة
**
كبف تعرف أنها تحبك ؟
إذا احتضنتك من الخلف
ووضعت كفيها على عينيك قائلة :
من أ نا ؟!
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا ناولتك شيئا من طبقها
وأنت لم تكمل طبقك بعد
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا رتبت ملابسك
ووضعت لكل بدلة
الكرافتة التى تناسبها
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا صحبت الأطفال لطبيب الأسنان
حين تكون مشغولا
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا أسكتت الآولاد تماما
عندما تغفو فى وقت قيلولتك
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا توقفت عن الحكى
حين تشعر أنك غير مهتم
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا لم تظهر الضجر بتاتا
من هوايتك المفضلة
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذاعرفت درجة حرارتك
دون أن تستخدم الترمومتر
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا تخلت عن زينتها تماما
وأنت مريض
**
كيف تعرف أنها تحبك ؟
إذا رفضت إلحاح أهلها بكل حسم
ولم تتزوج أحدا بعد وفاتك !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


شرفة على بحر إسكندرية



فى شرفتى التى تطل
على قطاع صغير
من بحر الإسكندرية
يطيب لى أن أجلس
لساعات طويلة
أقرأ فى كتاب
أو أنظر إلى زرقة مياه البحر
الذى يتلامس هناك
فى نهاية الأفق
مع السماء الصافية
***
بجوار شرفتى التى تطل
على قطاع صغير
من بحر الإسكندرية
تقيم خلال شهور الصيف
أسرة مصرية
متعددة الأجيال
الجد والجدة
والأب والأم
وابنتهما الشابة الجميلة
وولدان صغيران
أحيانا تجتمع الأسرة كلها
وفى أحيان أخرى
تجلس الشابة وحدها
وهى تنظر مثلى إلى زرقة مياه البحر
ومن الغريب
أنها لا تلتفت نحوى أبدا
لكنه تترك شعرها
يتطاير مع نسائم البحر
ويتحدث معى بدون انقطاع !
***
فى شرفتى التى تطل
على قطاع صغير
من بحر الإسكندرية
أحول أن أطرح من رأسى
كل هموم القاهرة
وأن أنسى تماما
كل الإساءات التى وقعت فى حقى
كما يحلو لى
أن أغوص عميقا فى الماضى
لكى أستخرج منه
بعض اللحظات الجميلة
التى عشتها
فى فترات صباى وشبابى
لكن بعض الأسماء مع الأسف
بدأت تتلاشى
والوجوه لم تعد واضحة
كما فى الصور الفوتوغرافية
التى اصفرت ، وتآكلت أطرافها ..
حينئذ أدرك أن الماضى لن يعود
وأن الشابة التى تجلس فى الشرفة المجاورة
وظهرها لى
هى الحقيقة الوحيدة
التى يبلل شعرها رذاذ البحر
وتفرده الريح فى اتجاهى ..
***
فى شرفتى التى تطل
على قطاع صغير
من بحر الإسكنرية
يمتلئ الشارع بالأعاجيب
بائع غزل البنات بزمارته المزعجة
وتاجر الروبابيكيا
بميكرفونه الصاخب
وموزع الأنابيب بدقاته الحادة
والشباب الذين يمدون السجاجيد
على أرضية الشارع
لكى يعرضوها على السكان
بحناجرهم العالية
وأحيانا بعض الحواة
الذين ينفخون النار من أفواههم !
هذه وسائل عيشهم
وهم يفعلون ذلك
لجذب انتباه السكان
أما أنا ..
فلا يجذبنى سوى رؤية جانب واحد
من وجه الشابة الجميلة
التى تقف وسط أسرتها
للفرجة والاستمتاع !
***
فى شرفتى التى تطل
على قطاع صغير
من بحر الإسكندرية
أستطيع أن أشاهد بوضوح
تقوس البحر فى شبه دائرة
وهذا يعنى
أننا نعيش فوق كرة كبرى
ويقال إنها تدور حول نفسها
كما تدور حول الشمس
لكننى لا ألاحظ أبدا هذا الدوران
ولعل هذا أفضل
حتى لا أفقد توازنى
وأسقط على الأرض
إذ كيف يستطيع أن يتماسك إنسان
وهو يقف على كرة متحركة ؟!
***
فى شرفتى التى تطل
على قطاع صغير
من بحر الإسكندرية
تدخل الشابة إلى شقتها
ثم ما تلبث أن تعود
وبيدها كوب شاى
تضعه بعناية
على حافة الشرفة
وتبدأ فى ارتشافه بهدوء
دون أى التفات نحوى ..
أعلم أنها تعرف
كم أتوق لرؤية وجهها
وأن ألتقى بعينيها
فى نظرة طويلة وعميقة
لكنها حريصة جدا
ولا تسمح لى
إلا بمتابعة شعرها المتطاير
مع نسمات البحر
التى تهب علينا معا
بدون انقطاع !
***
فى شرفتى الى تطل
على قطاع صغير
من بحر الإسكندرية
أفاجأ ذات صباح
يحركة دائبة
فى الشقة المجاورة
إنها نهاية الصيف
وأصحابها يستعدون للمغادرة
يلملمون الأثاث
وينزلون الستائر
ويستدعون السيارة
التى تحمل الحقائب
وهاهم يتخذون مقاعدهم
والشابة بجوار شباك السيارة
تجلس معتدلة القامة
وبصرها دائما للأمام
دون أن تلتفت
إلى البيت الذى كانت تسكنه ،
ولا إلى جارها
الذى لم تنظر أبدا
فى عينيه !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


بحثا عن الزمن المفقود


ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى أصحو فيه من النوم
فأجد الصبح قد تنفس
والليل ضم ستائره ، ورحل
وبعض البلابل تملأ الفضاء بصفيرها
والندى يترك قطراته على أوراق الزهور
وبائع الألبان يطرق الأبواب
فتفتح له فتيات الحى
على جفونهن بقايا النعاس
وبأيديهن الأوانى الفارغة
وهن يقلن له بصوت رقيق :
ــ صباح الخير ىا عم مفتاح

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى كنا نتجمع فيه عند جرس الفسحة
ونقسم أنفسنا إلى فريقين
ثم نبدأ المنافسة فى أى لعبة
حتى لو كانت الجرى والاختباء
وعندما نتعب من اللعب ،
ويبلغ بنا الإرهاق مداه
نتوجه إلى مقصف المدرسة
ونشترى بعض المثلجات
لنطفئ بها حرارة أجسامنا

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى أحب فيه فتاة ، وتحبنى
ونتبادل النظرات من بعد
هى فى شرفتها
وأنا واقف على الناصية
وحين يظهر إلى جوارها أحد والديها
أتظاهر بالنظر إلى السماء ..
أما هى فتظل حاضرة فى قلبى
حتى بعد أن تغادر الشرفة !

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى أرتاد فيه الجامعة
محملا بالآمال الكبرى
والطموحات التى لا حدود لها
أقبل على مناجم المعرفة ، فيعذبنى امتلاكها
وأهجرها فى أحيان أخرى ،
فيعذبنى أيضا هجرها
حتى تظهر زميلة ، ذكية جدا
تدرك سر عذابى ، فتأخذ بيدى
وتظل تشجعنى ..
حتى أصل إلى أبعد مدى ممكن !

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى أحصل فيه على الوظيفة التى تناسبنى
وهى متعددة الدرجات
مثل السلم الذى يصعد إلى معبد بوذى
فى مرتفعات التبت
وكلما صعدت درجة
امتدت تحت قدمى عشرات الدرجات
لكننى كنت أشعر بسعادة بالغة
حين أنظر خلفى ..
فأجدنى قد قطعت شوطا هائلا
وتغلبت على عقبات لم تكن أبدا فى الحسبان .

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى يمتلئ بالأقارب الطيبين
ويكون مركزه : أبى وأمى
ونلتقى كلنا حول مائدة الطعام
ثم نتناول الفاكهة
ونختم بالشاى
وبعد جلسة طويلة وحميمة
نودعهم عند الباب ، قائلين :
ــ إلى لقاء قريب !

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى أجلس فيه مع أصدقائى
أصدقاء الصدق والصفاء
نتحدث عن كل ما يهمنا ،
وكذلك ما لا يهمنا
دون أن نخفى شيئا
فنحن على ثقة من أن ما نقوله
لا يتسرب خارج دائرتنا
ولا يمكن لأحد أن يستغله ضدنا

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى يطرق بابى فى منتصف الليل أحد الأصدقاء
لكى يخبرنى أن صديقا لنا
قد تعرض لحادث ، وهو الآن بالمستشفى
وعلى الفور ، نذهب إليه
ونظل هناك حتى يطلع الصبح
ويقول لنا أحد الأطباء :
ــ لا داعى للقلق .. سيكون بخير .

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
حين كنا نتجمع حول الراديو
ونتابع خلال شهر رمضان مسلسل "ألف ليلة"
وفى شهر آخر مسلسل "الظاهر بيبرس"
وفى الصباح ، نستمع لحديث دينى سمح
من الدكتور دراز ، أو الشيخ شلتوت
ومع المساء ..
نروح عن القلب بسماع أم كلثوم ،
وعبد الحليم حافظ .

ما زالت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى كان فيه أجمل مكان بالقاهرة
هو "وسط البلد"
وكان هو مكان نزهتنا المفضل :
الميادين فسيحة
والشوارع نظيفة
والمحلات تعرض بضائعها بدون تكديس
والمقاهى تستقبل روادها بكل ترحاب
والسينما المكيفة تنقذنا من شدة الحر

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى لا تحتوى فيه نشرة الأخبار
على أى حادث إرهابى
أوشخص يفجر نفسه فى سوق
أو شاب ينتحر بأعلى عمود نور
أو مجموعة مهاجرين غير شرعيين
ينقلب بهم المركب فى وسط البحر !

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى كانت فيه أصوات قارئى القرآن ..
مصرية خالصة .
محمد رفعت ، وشعيشع ، والبنا ، والمنشاوى
ثم الرائع مصطفى إسماعيل
وأخيرا الصوت الذى هبط إلينا من السماء
عبد الباسط عبد الصمد !

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى لم نسمع فيه قط
عبارة "الفتنة الطائفية"
لأن المسلمين والأقباط
استمروا لمئات السنين
متعايشين ومتداخلين وممتزجين ..
والله يجازى من فرقهم
وما زال يسعى لتفريقهم !

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى كان لدينا فيه من الأعياد الدينية :
عيد الفطر وعيد الأضحى
وكنا فى مصر ، وبدون شغب أو تعقيدات
نحتفل بيوم شم النسيم

ورأس السنة الميلادية
ورأس السنة الهجرية
وعيد الجلاء ، وأمثاله من الأعياد الوطنية ..
ولم يكن أحد من كبار العلماء حينئذ
يحرمها علينا ،
أو يكفر من يحتفل بها !!

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى كنت أقرأ ، بل أعيش فيه ، مع
دواوين شوقى وحافظ وإيليا أبو ماضى ..
وروايات السباعى وإحسان ونجيب محفوظ ..
ورائعة هيمنجواى (العجوز والبحر(
ومطولة تولستوي (الحرب والسلام(
ومبكية فيكتور هيجو (البؤسا)
وقصص تشيكوف القصيرة والساخرة
كل هذه وأمثالها كثير
كانت هى مصدر سلواى وسعادتى معا
فى غياب التلفزيون
لكن حين ظهر هذا الملعون
انتزعنى منها كلها !!

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
حين يفاجئنى النوم بحلم

أرى فيه أمى وأبى وزوجتى
ونظل نتحدث فى موضوعات كثيرة
ونناقش أراء غاية فى الدقة
لكننى حين أصحو
لا أجدنى أتذكر شيئا منها
فقط الوجوه ، والصوت ، ونظرات الحنان
وهذا بالضبط ما أفتقده فى حياتى الحاضرة !

* *

ما زلت أبحث عن ذلك الزمن المفقود
الذى حلمت فيىه ذات ليلة
برؤية الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه .
كنت فتى صغيرا فى حوالى العاشرة
أدرس صباحا فى مدرسة الجمالية
وأحفظ القرآن عصرا فى مسجد المستعلى بالله
وحين أهل علينا
قام أبى وأمى فرحبا به ، وقبلا يده
وعندما هم بالجلوس عل طرف براندة
فى البيت الريفى الذى كنا فيه
أسرعت بوضع منديلى ليجلس عليه ،
ولكى آخذه بعد ذلك وأمسح به وجهى
عشت طويلا أحتفظ لنفسى بهذا الحلم النادر
وأنا فى انتظار متلهف
لكى أراه مرة أخرى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

والموتى أيضا يزوروننا ..



تعود الكثير منا أن يزور الموتى
لكن من قال : إن الموتى أيضا لا يزوروننا !
إنهم حين يقررون ذلك
ينتظرون لحظة مناسبة تماما
خلال نومنا العميق
ويدخلون إلينا من الأبواب المغلقة
وأحيانا من النوافذ
وقد ينسلون من وسط الجدران
وهكذا نجدهم أمامنا ومعنا : وجها لوجه
لكنهم لا يقبلون علينا
ولا يستمرون بيننا وقتا طويلا
إلا إذا رحبنا جيدا بهم
وأشعرناهم بأننا كنا بانتظارهم
حينئذ يجلسون
ويتركوننا نتحدث إليهم
ونشكو لهم
ونذرف دموعنا الساخنة على صدورهم
***
ومن الغريب
أنهم لا يشعرون بالحزن مثلنا
بل إن وجوههم تكتسى بحالة من الرضا
ليست مثل التى توجد على وجوهنا
ويبدو أنهم يعتبرون أن ما حدث لهم
أمر طبيعى كان ينبغى أن يحدث ..
لذلك فإنه لا يستحق
كل هذا الحزن الشديد
الذى يغمرنا نحن بعد فراقهم
***
والملاحظ .. أنهم لا يتحدثون كثيرا ولا قليلا
عن وجودهم هناك
إما لأنهم راضون به تماما
أو لأنهم يدركون جيدا
أننا لن نقدر على تصور شىء منه !
أما نحن ..
فلا نكاد نتوقف عن الحديث إليهم
ونشكو من أدق التفاصيل فى حياتنا المضطربة
وكلما حاولنا الإمساك بثيابهم الشفافة
أو الضغط على أصابعهم الرقيقة
تخلصوا من برفق
وربتوا علينا فى حنان بالغ
تماما كما يحنو الكبار
على أطفال صغار !
***
إن جلوسهم معنا ،
وإصغاءهم لنا
يجعلنا نحسب أنهم سوف يبقون بيننا
لكننا نفاجأ بأنهم يتأهبون للذهاب ..
وبينما نحاول التشبث بهم
نجد النوم قد طار من أعيننا
وحينما نصحو
لا نجدهم قد رحلوا فقط عنا
وإنما تركوا فى حلوقنا مرارة مركزة
وفى صدورنا حسرة لا تنمحى !
ولكم نحاول أن نسترجع كل ما ما قالوه لنا
أو حتى شيئا قليلا منه
لكنه يكون قد تلاشى ..
ويظل يتلاشى مثل السحابات الخفيفة البيضاء
التى تدفعها الريح
فى اتجاهات متباعدة !

ــــــــــــــــــــــ

 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث السبت, 07 يوليو 2018 14:56