عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
الدوائر المتداخلة صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
الاثنين, 26 ديسمبر 2016 23:03

 

تقديم

 

موضوع هذا الكتاب ظل يشغل بالى لعشرات السنين . وهو كما يبدو من عنوانه وموضوعاته (إحياء التراث ، والترجمة ، والتأليف ) يتناول الدوائر الثلاث التى يصدر فيها النشاط العلمى والثقافى المكتوب باللغة العربية .

 

وعلى الرغم من ان بدايتى العلمية اتصلت بتحقيق التراث ، وذلك عندما أتيح لى وأنا طالب بالمرحلة الثانوية فى الستينيات – أن ألتقى بأحد أعلام المحققين فى مصر، وهو المرحوم السيد أحمد صقر ، الذى تعرفت على يديه ، وفى مكتبته الثمينة ، على نوادر المخطوطات، وكذلك الطبعات الأوربية والأميرية للمؤلفات العربية ، وبتوجيه منه نسخت الكثير من المخطوطات المشرقية (مثل مسند ابن أبى شيبة) والمغربية (مثل الإلماع للقاضى عياض) ، وتعلمت طريقة مقابلة النسخ ، وتخريج مفرداتها ، ووضع الفهارس المختلفة لها . . أقول إنه على الرغم من ذلك كتبت عن حركة الترجمة ، أثناء إقامتى بباريس سنة 1979 ، وكتبت عن حركة التأليف فى العالم العربى سنة 1986 .

 

والذى أقصد إليه من ذكر هذه الحكاية أن أبين للقارئ الكريم أن موضوع هذا الكتاب بمحاوره الثلاثة كان ماثلاً فى ذهنى منذ وقت طويل . وأنه عندما يصدر اليوم، فليس يعنى ذلك أننى جمعت مقالاته من هنا وهناك لأصنع منها شيئاً مركباً ، وإنما هو فى الواقع عبارة عن فكرة واحدة ذات جوانب ثلاثة .

 

إن النهضة الفكرية والثقافية والأدبية فى أى بلد، وأى عصر ، تركز فى أساسها وتطورها داخل هذه الدوائر الثلاث . وقد يكون من منطق الأمور أن يأتى تحقيق المخطوطات فى البداية ، ثم تتبعه حركة الترجمة ، وأخيرا يأتى التأليف الإبداعى . ولكن الذى حدث أن هذه الدوائر الثلاث قد بدأت نهضتها فى القرن الماضى متجاورة ، بل إنها كانت تتداخل مع بعضها أحياناً . ولعلنا لا نكاد نلتقى بأحد أعلام الفكر والثقافة المحدثين، فى عالمنا العربى ، إلا ونجده قد حقق بعض المخطوطات ، وترجم اخرى ، فإن تحقيق التراث – وبمعنى أشمل إحياء التراث يتطلب قدراً من التأليف لا محالة ، وكذلك الترجمة. أما التأليف فإنه لا يستغنى عن الاعتماد على التراث أو الكتب المترجمة . . وهكذا يبدو التلاحم والتواصل مستمراً بين الدوائر الثلاث ، مما يجعل تناولها فى كتاب واحد أمرا مشروعا .

 

لكن ماذا بعد المشروعية ؟ تبرز على الفور ضرورة النظرة الشاملة لثلاث دوائر تعرضت – مع الأسف – للفصل المتعسف بينها . وهو الأمر الذى أحدث غربة بين المشتغلين فى كل دائرة منها عن زملائهم المشتغلين فى الدائرة المجاورة . وبدلا من أن يستمر التواصل بينهم  حدث انعزال ، ترتبت عليه نتائج خطيرة . ومن أهم ما نتج عن ذلك : تلك المشكلة المستعصية التى أصبحت تعرف بمشكلة الأصالة والمعاصرة . فالمشتغلون بالتراث ينتمون إلى طائفة لا ترى إلا فى القديم عناصر الجودة وأهلية الاستحقاق . بينما العاملون فى مجال الترجمة يشعرون بأنهم أبناء العصر الحاضر ، وأصحاب الحق وحدهم فى صنع المستقبل . وبين الفريقين تردّد المؤلفون الذىن مال بعضهم إلى التراث بماضويته ، والبعض الآخر إلى الترجمة بمعاصرتها ومستقبلها .

 

قد يقال إن الأصالة والمعاصرة توجد فى مستويات أخرى كثيرة ، وهذا حق . لكننى أنبه هنا على أهميتها فى مجال الثقافة والفكر ، وعلى مستوى التعبير المكتوب أو المطبوع . ولعل هذا المستوى يمثل أول المستويات التى ينبغى البحث فيه عن جذور مشكلة الأصالة والمعاصرة ، تمهيدا لوضع الحلول المناسبة لها .

 

لكننا نظل فى حدود الدوائر الثلاث . ومن داخلها نتعرف على جوانب القوة والضعف ، وبالتالى تتاح لنا فرصة طرح الأسئلة ، ورصد السلبيات ، وتقديم بعض المقترحات التى يمكن أن تسهم بحلول عملية وبناءة . وسوف يتم الاعتماد على الملاحظة النابعة مباشرة من المعايشة الخاصة فى التعامل الطويل مع مفردات كل دائرة على حدة ، دون فقدان النظرة إلى الدائرتين الأخريين .

 

إن الحديث عن النفس صعب ، وثقيل . ولكننى فى هذه المقدمة أجدنى مضطراً إلى التصريح بتجربتى الطويلة مع تحقيق التراث ، والترجمة ، والتأليف . . أى أننى ممن عملوا فى الدوائر الثلاث بصورة مستقلة أحياناً  وبالجمع بينها فى بعض الأحيان . كما أن متابعتى المستمرة لرسائل الماجستير والدكتوراه التى أشرف عليها فى قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم ، أو أشترك فى مناقشتها فى سائر الجامعات المصرية  تتيح لى رؤية مباشرة لما تتعرض له كل دائرة من الدوائر الثلاث ، وما يجرى فيها من نشاط وما يحدث فيها من صعود أو هبوط .

 

وإذا كان من غير المستحب أن تقدم النتائج فى مقدمة كتاب ، فإننى أجد من الضرورى أن أشير هنا فقط إلى أن ما تم اكتشافه من السلبيات فى كل دائرة على حدة يعتبر مؤشرا خطيرا لابد من التنبيه إليه ، وضرورة مواجهته ، والعمل على تلافيه من خلال وضع الخطط الكفيلة بتصحيح الأخطاء ، وإقامة البنيان الصحيح بأفضل المناهج الصحيحة . وقد كان لى فى هذا الصدد بعض المقترحات التى أتمنى أن تجد صداها لدى زملائى المشتغلين فى دوائر الثقافة العربية الثلاث

 

وفى ختام هذه المقدمة يطيب لى أن أطرح أمنية ، ربما تتحقق فى يوم قريب ، وهى أن يشعر كل من  (المحقق ، والمترجم ، والمؤلف ) أنهم زملاء مهنة واحدة عليهم أن يتسابقوا فيها بالتنافس ، لا أن يتصارعوا فيما بينهم بالعداء ، وأن يدركوا جيدا أن الدوائر التى يعملون فيها ، وقد تبدو مختلفة ، إنما هى كالأوانى المستطرقة لن يرتفع الماء فى إحداها دون أن تمتلئ الأخريات .

 

وبعد . . فإن عمل الكتابة لا يتقدم إلى الأمام إلا إذا كانت خلفه تقاليد راسخة . وهذه التقاليد لا تستقر بين يوم وليلة ، وإنما تحتاج إلى عشرات من السنين ، وربما مئات . وقد يبدو أن الحياة تسير بدون الفكر المدوّن ، ولكنها لا تستقيم أبدا بدونه . ومن هنا كان من الضرورى أن ننبه الأجيال باستمرار إلى أهمية الفكر ، وإلى أفضل القوالب التى يتم وضعه فيها ، أو حفظه بها

 

ولا يسعنى فى النهاية إلا أن أتقدم بصادق الشكر إلى زملائى الأساتذة ، وطلاب الدراسات العليا الذين ناقشت معهم الكثير من أفكار هذا الكتاب ، وكان لملاحظاتهم ، وأحيانا لتحفظاتهم ، أكبر الأثر فى تعديل بعض النقاط ، أو العدول عنها تماما . .

والله ولى التوفيق .

أ.د. حامد طاهر

 


الفصل الأول: إحياء التراث



الفصل الثاني: الترجمة



الفصل الثالث: حركة التأليف

 


 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث الجمعة, 25 أكتوبر 2019 14:09