عداد الزائرين

mod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_countermod_vvisit_counter

إضافات حديثة

   
 
صراع الإنسان مع المسافات صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
كتبها Administrator   
السبت, 14 نوفمبر 2015 20:56

صراع الإنسان مع المسافات

أ.د. حامد طاهر

 

مر الإنسان فى صراعه مع المسافات بثلاث مراحل ، تمثلت فيما يلى

ـــ تباعد المسافات

– اختصار المسافات

– إلغاء المسافات


وقبل أن نتحدث عن كل واحدة من هذه المراحل ، نستطيع أن نعرف المسافة بأنها : المساحة التى تمتد من موضع إلى آخر ، أو من نقطة إلى أخرى . وبالطبع يمكن للإنسان أن يعبر هذه المسافة بكل سهولة إذا كان الطريق الموصل بينهما ممهداً ، ووسيلة المواصلات مواتية . لكن الأمر لم يكن أبداً كذلك ، ولذلك تأتى المرحلة الأولى التى امتدت آلاف السنين .


المرحلة الأولى : تباعد المسافات :


بعد أن استقر الإنسان الأول قليلاً فى مكانه من الأرض ، كان عليه أن يسعى لغيره فى الأماكن الأخرى لتبادل المصالح وجلب المنافع . ونتصور أنه كان ينتقل فى البداية على قدميه ، مجتازاً الصخور الصلدة ، والرمال الممتدة ، ومجارى الأنهار ، وكان فى ذلك كله ما فيه من التعب والإرهاق وتبديد القوى . وعندما استأنس الحيوانات راح يستخدم الحمار والجمل والحصان ، وهى الوسائل التى ساعدته فى التحرك من مكان لآخر على البر . أما فى البحر فقد طور المركب البسيط إلى سفينة كبيرة ، تتحرك إما بالأشرعة ، التى كانت غالباً تحت رحمة الرياح ، وإما بالمجاديف التى كانت تستهلك القوة البدنية .


وهكذا ، مع وجود هذه الوسائل البسيطة ، ظلت المسافات متباعدة بالنسبة للإنسان ، ويمكن أن نقرأ فى تلك الفترة أن الرحلة من مكان إلى آخر كانت تستغرق عدة شهور ، وأحياناً سنوات .


المرحلة الثانية : اختصار المسافات :


كان على الإنسان أن يستخدم عقله لمحاولة تقليل المدة التى يستغرقها انتقاله من مكان إلى آخر . وكان البحث عن أفضل الطرق أى (أقصرها) هو الحل الذى بدأ به . لكن تضاريس الطبيعة لم تجعل هذا الحل متاحاً فى كل المناطق . فهناك الجبال العالية ، والأنهار المضطربة ، والصحراوات الشاسعة . ولذلك راح الإنسان الذكى يبحث عن تطوير وسائل النقل ذاتها . وكان تحريك الآلات بالبخار إنجازاً مدهشاً ، ولذلك استغله فى تسيير القطارات السريعة ، والسفن الأسرع . . ثم كانت الثورة الصناعية التى اخترعت فيها العجلة ، والموتوسيكل ، والسيارة . . وأخيراً الطائرة .


وهنا يمكن القول إن المسافات البعيدة قد تم اختصارها ، ومازال العمل جارياً على اختصار الاختصار نفسه ! وهذا واضح من تطوير القطارات التى اخترعتها اليابان بسرعة (160) ك م فى الساعة ، وفرنسا بسرعة (200) ك م فى الساعة ، وأخيراً الصين بسرعة (360) ك م فى الساعة . أما الطائرات فمازالت الأسرع والأقدر على اختصار المسافات على نحو لو سمعه أجدادنا لما تخيلوا مجرد تصديقه !


المرحلة الثالثة : إلغاء المسافات :


ومع الثورة التكنولوجية التى ظهرت فى نهاية القرن العشرين ، وبدأ تتضح فى مطلع القرن الحادى والعشرين ، شهد العالم كله ما لم يكن يتخيله منذ عشرات السنوات فقط . فبعد نقل الصوت بالراديو للمستمع ، ظهر التليفزيون الذى ينقل الصورة للمشاهد ، وبعدها ظهر التليفون المحمول الذى جعل اثنين من قارتين مختلفتين يتواصلان بكل وضوح . ثم أتيحت للناس جميعاً شبكة الإنترنت التى أحدثت ثورة من التواصل الاجتماعى من خلال الكتابة والصوت والصورة معاً .


وفى مجال التجارة ، التى كانت تتطلب انتقال المشترى إلى البائع وبالعكس ظهرت التجارة الإلكترونية ، وفيها لم يعد من الضرورى أن يلتقى الاثنان وجها لوجه ، ولا أن تتم معاينة البضائع ، ولا حتى يجرى عد النقود . . بل يمكن ببساطة أن تتم عمليات البيع والشراء كاملة وكل فى مكانه ، وأحياناً يكون هذا المكان سيارة ، أو قطاراً ، أو طائرة . .


لكننا حين نقول (إلغاء المسافات) فإننا لا نعنى أن المسافات نفسها قد ألغيت ، وإنما هو تعبير مجازى يبين فقط أن الإنسان قد نجح أخيراً فى التغلب على : بعدها بعضها عن بعض ، وتجاوز العقبات التى كانت تضعها التضاريس فى طريقه ، وأخيراً بدائية وسائل المواصلات التى كانت تنقله عبرها .


 

التعليقات (0)Add Comment

أضف تعليق
تصغير | تكبير

busy
آخر تحديث السبت, 14 نوفمبر 2015 21:01